الهدوء النسبي في الأسبوعين الأخيرين يعد من الظواهر نادرة الحدوث، ما يضع علامات استفهام حول هذا السكون الأمني في ساحة سيناء. وفي مقدمة الأسباب التي تقف وراء الهدوء، هو الهجوم القوي الذي شنّه الجيش المصري أخيراً على معاقل التنظيم جنوب مدينة العريش، التي كانت تمثل منطلقاً للهجمات ضد قوات الجيش والشرطة، والتي تصاعدت في الأشهر الماضية، آخرها كان في 17 يوليو/تموز الماضي، والتي قام خلالها التنظيم بقتل وإحراق 5 مجندين داخل مدرعتهم على الطريق الساحلي للمدينة.
وكان الجيش قد بدأ هجوماً في منتصف يوليو الماضي في مناطق المسمي، وأبو طبل، وجنوب قرية السبيل، ومزارع الزيتون المنتشرة جنوب العريش، أحرز خلالها تقدماً ميدانياً بفرض السيطرة على تلك المناطق ونصب كمائن ثابتة وارتكازات أمنية، خفّفت فعلياً من حجم الهجمات ضد قوات الجيش في تلك المنطقة.
وعلى غير عادته، لم ينشر التنظيم أو يعلن عن صدّه لهجمات الجيش جنوبي العريش، كما جرت العادة في مناطق رفح والشيخ زويد، إذ اعتاد على نشر صور صدّ أفراده للحملات العسكرية، خصوصاً تلك المُعلن عنها مسبقاً مع تهويل إعلامي. وهذا ما يؤكد رواية الجيش بأنه حقق إنجازات في تلك المنطقة. مع العلم أن الجيش المصري أعلن عن تمكنه من قتل وإصابة واعتقال العشرات من التنظيم في عمليته العسكرية الواسعة في جنوب العريش، وسيطرته على نقاط تمركز وأسلحة للتنظيم، بينما لم يعلق التنظيم على ذلك كله، رغم مرور فترة زمنية على بدء العملية العسكرية.
لكن ثمة تساؤلاً عن موقف بقية خلايا التنظيم في مدينتي رفح والشيخ زويد من تخفيف الضغط على مجموعات التنظيم التي تعرضت للهجوم جنوب العريش، إذ أنه كان هناك تخوّف من أن يصعّد "ولاية سيناء" في جبهتي رفح والشيخ زويد للتخفيف عن منطقة العريش، إلا أن هذا السيناريو لم يحدث.
وسجل خلال الأيام الماضية، قتْل التنظيم لعدد من المواطنين في مدينتي رفح والشيخ زويد بعد أيام من اختطافهم،، بحجة تعاونهم مع الجيش وقوات الأمن، وهذا ما يشير إلى استمرار تحرك خلايا التنظيم وإمكانية تنفيذها لهجمات، إلا أنها فعليا تُحجم عن ذلك، مما يزيد من طرح التساؤلات.
وتعليقاً على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "حالة من الفوضى تسود قيادة التنظيم في الآونة الأخيرة تعود أسبابها إلى الوضع الإجمالي لتنظيم داعش في الدول المحيطة، وكذلك الضربات التي تعرض لها من قبل الجيش سواء ميدانياً أو على صعيد الإمداد من المناطق الأخرى".
وأشار المصدر نفسه إلى أن "التنظيم وصل إلى مرحلة الوعي بأن ضرباته العسكرية ضد الجيش لا تؤثر كثيراً، بالنظر إلى العدد الكبير لقوات الجيش وكذلك العتاد، ولم تغير عشرات الهجمات في سيناء الوضع العام، فالتنظيم لم يستطع حسم الأوضاع لصالحه، سوى في بعض المناطق البعيدة عن مراكز المدن". وبيّن أن "التنظيم قد يعتمد نظام الضربات المركزة بين الفينة والأخرى، بدلاً من العمليات المتكررة ذات الخسائر القليلة في صفوف قوات الأمن، كما حصل في ارتكاز البرث مطلع يوليو المنصرم. وهذا ما يؤلم الجيش أكثر، أن تكون الخسائر كبيرة في هجوم مركز، إذ أن من شأن ذلك أن يُظهر ضعف الجيش في مواجهة التنظيم، وهذا ما ظهر جليّاً في اعتداء البرث".