27 سبتمبر 2018
ماذا قال دي ميستورا؟
استثار أحدث تصريح للمبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، المعارضة السورية، في قوله إنها "لم تنتصر". لم يقل إنها انهزمت، فهي موجودة، وما زالت هناك مناطق تحت سيطرة كتائب تنضوي تحت مسمى الجيش الحر. وباتت روسيا تتفاوض مع عديدين منهم، لتحقيق سياسة "خفض التوتر". وأيضا تفاوض روسيا التنظيمات التي هي سلفية، ولم تطرح سوى تأسيس دولة إسلامية، بعضها قريب من جبهة النصرة، وبعضها تابع لدول إقليمية، ويلتزم سياساتها.
اعتمد دي ميستورا على متحولين، هما سيطرة جبهة النصرة (أو هيئة تحرير الشام) على محافظة إدلب، على الرغم من أن هذا لم يعنِ انتهاء وجود كتائب تابعة للجيش الحرّ، وأن المواطنين الذين فجّروا الثورة يتظاهرون ضدها، ويريدون رحيلها. وأن قوات حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والحرس الثوري الإيراني و"الجيش العربي السوري" حققت تقدماً في بادية تدمر وريف الرقة، وتتقدم نحو دير الزور، حيث قيل إنها فكت الحصار عن القوات التي حاصرتها "داعش" منذ سنوات. وهذا ما أظهر أن النظام "ينتصر"، وبات التحضير لإعلان النصر المحتم على "الإرهاب". لا أريد هنا تناول "داعش" التي تنهار بسرعة، فقد كتبت عنها: داعش الروسية، وبالتالي كان الهدف من التقدم هو استباق ما يحضّر "التحالف الغربي" له، والذي يريد السيطرة على الجزء الآخر من دير الزور.
لكن. في كل الأحوال، لا يتعلق الأمر بمدى سيطرة النظام أو المعارضة، فالثورة بدأت قبل السيطرة على أي منطقة، وشملت معظم سورية بمجهود شعبي. وكانت خطيئة بعض أطراف المعارضة أنها دفعت نحو هذا الشكل من السيطرة، بعد أن نصب النظام كميناً لها بانسحابه من مناطق واسعة، نتيجة ضعف قوته العسكرية. لهذا وقعت في فخ تدمير المدن من طيران النظام، وفي فخ الحصار المميت، من دون أن تستطيع فعل شيء مفيد، بل فقط حافظت على مناطق ما زالت مسيطرة عليها. بالتالي، لا شك في أن هناك ضعفاً في وضع الكتائب المسلحة، سواء نتيجة الاختراق "الجهادي" أو نتيجة التدخل الروسي الذي هو وحده الذي عدّل (إلى الآن) ميزان القوى. وهو ما يصرّح به الروس (وما يقوله الإيرانيون) بأنهم من منع سقوط النظام.
الآن، لن يستطيع دي ميستورا القول إن النظام انتصر، فهو لم ينتصر، بل كاد يُهزم، لولا تدخّل إيران بكل أتباعها، ثم روسيا بكل قوتها. وعلى الرغم من ذلك لم ينتصر، ولا انتصرت روسيا بعد سنتين من تدخلها الوحشي. ولقد تهدّمت البلد والنظام، وكل داعميه يحاولون بكل القدرات العسكرية المتفوقة والرهيبة، بعد أن اتبعوا سياسة "التدمير الشامل". ويمكن أن يستمر الوضع سنوات أخرى، لأن الشباب الذي صنع الثورة، وعلى الرغم من كل التدخلات ضده، سيستمر، ولم يعد أمامه خيار غير ذلك. بالتالي، فإن "التعديل" في ميزان القوى الآن معنوي أكثر منه حقيقياً، يصبّ في مسار إنهاء الثورة، وسحق الشعب الذي ما زال يريد إسقاط النظام، حيث يمكن أن تؤدي السيطرة على "كل سورية" بقوة روسيا، إلى حرب عصاباتٍ ضد كل الجيوش التي باتت تحتل سورية، وضد ما تبقى من قوات النظام، وتبقى السيطرة بالتالي هشّة، وبلا معنى.
ربما كان دي ميستورا يهدف، ضمن تكتيك أميركا وروسيا وحتى دول إقليمية أخرى، إلى "إقناع" المعارضة (لا تملك التأثير أصلاً على القوى التي تقاتل النظام) بالقبول بما يطرح الروس، أي بقاء الأسد "في المرحلة الانتقالية"، لكن موافقة هؤلاء لا تغيّر شيئاً في الواقع، لأنها لن تتحوّل إلى قرار ملزم للقوى في سورية التي سترفض الأمر. ولن يؤدي ذلك إلى تحقيق "السلام والاستقرار". وبالتالي، لن يعود جزء كبير ممن لجأ خارجاً، أو فرّ من الجندية، وستبقى روسيا وإيران متوليتين حماية النظام، ومعرّضتين للمواجهة في حرب مفتوحة.
لا أحد يفكّر بإمكانية نجاح حل دون رحيل الأسد. وأولاً رحيل الأسد. وهذا ليس رأياً، بل واقعة، حيث لا استقرار بوجود الأسد.
اعتمد دي ميستورا على متحولين، هما سيطرة جبهة النصرة (أو هيئة تحرير الشام) على محافظة إدلب، على الرغم من أن هذا لم يعنِ انتهاء وجود كتائب تابعة للجيش الحرّ، وأن المواطنين الذين فجّروا الثورة يتظاهرون ضدها، ويريدون رحيلها. وأن قوات حزب الله والمليشيا الطائفية العراقية والحرس الثوري الإيراني و"الجيش العربي السوري" حققت تقدماً في بادية تدمر وريف الرقة، وتتقدم نحو دير الزور، حيث قيل إنها فكت الحصار عن القوات التي حاصرتها "داعش" منذ سنوات. وهذا ما أظهر أن النظام "ينتصر"، وبات التحضير لإعلان النصر المحتم على "الإرهاب". لا أريد هنا تناول "داعش" التي تنهار بسرعة، فقد كتبت عنها: داعش الروسية، وبالتالي كان الهدف من التقدم هو استباق ما يحضّر "التحالف الغربي" له، والذي يريد السيطرة على الجزء الآخر من دير الزور.
لكن. في كل الأحوال، لا يتعلق الأمر بمدى سيطرة النظام أو المعارضة، فالثورة بدأت قبل السيطرة على أي منطقة، وشملت معظم سورية بمجهود شعبي. وكانت خطيئة بعض أطراف المعارضة أنها دفعت نحو هذا الشكل من السيطرة، بعد أن نصب النظام كميناً لها بانسحابه من مناطق واسعة، نتيجة ضعف قوته العسكرية. لهذا وقعت في فخ تدمير المدن من طيران النظام، وفي فخ الحصار المميت، من دون أن تستطيع فعل شيء مفيد، بل فقط حافظت على مناطق ما زالت مسيطرة عليها. بالتالي، لا شك في أن هناك ضعفاً في وضع الكتائب المسلحة، سواء نتيجة الاختراق "الجهادي" أو نتيجة التدخل الروسي الذي هو وحده الذي عدّل (إلى الآن) ميزان القوى. وهو ما يصرّح به الروس (وما يقوله الإيرانيون) بأنهم من منع سقوط النظام.
الآن، لن يستطيع دي ميستورا القول إن النظام انتصر، فهو لم ينتصر، بل كاد يُهزم، لولا تدخّل إيران بكل أتباعها، ثم روسيا بكل قوتها. وعلى الرغم من ذلك لم ينتصر، ولا انتصرت روسيا بعد سنتين من تدخلها الوحشي. ولقد تهدّمت البلد والنظام، وكل داعميه يحاولون بكل القدرات العسكرية المتفوقة والرهيبة، بعد أن اتبعوا سياسة "التدمير الشامل". ويمكن أن يستمر الوضع سنوات أخرى، لأن الشباب الذي صنع الثورة، وعلى الرغم من كل التدخلات ضده، سيستمر، ولم يعد أمامه خيار غير ذلك. بالتالي، فإن "التعديل" في ميزان القوى الآن معنوي أكثر منه حقيقياً، يصبّ في مسار إنهاء الثورة، وسحق الشعب الذي ما زال يريد إسقاط النظام، حيث يمكن أن تؤدي السيطرة على "كل سورية" بقوة روسيا، إلى حرب عصاباتٍ ضد كل الجيوش التي باتت تحتل سورية، وضد ما تبقى من قوات النظام، وتبقى السيطرة بالتالي هشّة، وبلا معنى.
ربما كان دي ميستورا يهدف، ضمن تكتيك أميركا وروسيا وحتى دول إقليمية أخرى، إلى "إقناع" المعارضة (لا تملك التأثير أصلاً على القوى التي تقاتل النظام) بالقبول بما يطرح الروس، أي بقاء الأسد "في المرحلة الانتقالية"، لكن موافقة هؤلاء لا تغيّر شيئاً في الواقع، لأنها لن تتحوّل إلى قرار ملزم للقوى في سورية التي سترفض الأمر. ولن يؤدي ذلك إلى تحقيق "السلام والاستقرار". وبالتالي، لن يعود جزء كبير ممن لجأ خارجاً، أو فرّ من الجندية، وستبقى روسيا وإيران متوليتين حماية النظام، ومعرّضتين للمواجهة في حرب مفتوحة.
لا أحد يفكّر بإمكانية نجاح حل دون رحيل الأسد. وأولاً رحيل الأسد. وهذا ليس رأياً، بل واقعة، حيث لا استقرار بوجود الأسد.