يومًا بعد آخر، تنسلّ خيوط الأسرار لقضية الملياردير الأميركي جيفري إيبستين، الذي انتحر بصورة غامضة في زنزانته بينما كان يحاكم في قضايا الاتجار بالجنس التي لازمته منذ وقت طويل. ويبدو أن الملياردير "المهووس بالقاصرات"، وصاحب العلاقات التي تتجاوز المشاهير والأثرياء، إلى الساسة والزعماء داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومنهم وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، راكم الكثير من المعلومات التي جعلت الكثيرين "يتنفسون الصعداء حينما ماتت معه"، بتعبير كاتب العمود في صحيفة "نيويورك تايمز" جيمس ستيورات.
ويبدو أن إيبستين، الذي كشفت صحيفة "ذا صن" البريطانية بالأمس العثور على جواز سفر سعودي مزيف بين مدخراته إضافة إلى حزم كبيرة من المال، أسس شبكة علاقات مع المملكة العربيّة السعودية تجاوزت حدّ المصالح إلى المعرفة الحميمة، ولعلّ ذلك ما يفسّر وجود صورة بن سلمان على أحد جدران قصره في مانهاتن، جنبًا إلى جنب مع شخصيات مثل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والمخرج وودي ألن، اللذين "وقعا في فضائح جنسيّة"، كما يلاحظ كاتب "نيويورك تايمز".
ويقول ستيورات في مقاله الذي جاء بعنوان: "حينما أخبرني إيبستين أنه يملك ملفات قذرة عن أشخاص أقوياء"، إن الانطباع الذي تشكل لديه خلال المقابلة التي جمعت بينهما لنحو 90 دقيقة، هو أن هذا الشخص يعرف عددًا هائلًا من الأشخاص المشهورين والأقوياء، ويملك الصور لإثبات ذلك، وأنه يعرف "أمورًا كبيرة" عن هؤلاء الأشخاص، "بعضها مدمر أو محرج، بما يتضمن تفاصيل حول ميولهم الجنسية المفترضة وتعاطي المخدرات".
ويسرد الكاتب تفاصيل جولته في قصر إيبستين "الأكبر في مانهاتن" كما يصفه، ويستذكر بالذات الجدار المغطى بصور "مبروزة" كثيرة، أشار إيبستين من بينها إلى صورة بن سلمان تحديدًا، قائلًا: "هذا أم بي أس"، الذي "زاره عدة مرات، وظلّا يتحدّثان في أحيان كثيرة".
وبينما كان إيبستين منفتحًا على الحديث عن القضايا الجنسية التي تلاحقه، فإنه ظلّ متكتّمًا حول قضايا أخرى ربما تبدو أقل "خطورة"، مثل قضية تيسلا، كما يلاحظ الكاتب، وهي شركة الاستثمارات الخاصة التي لاحقتها قضايا تتعلق بالتهرب وخداع المستثمرين، وانتشرت أخبار عن أن إيبستين كان يقدّم النصائح للرئيس التنفيذي للشركة، إيلون ماسك، حينما دوّن تغريدته الشهيرة معلنًا رغبته بجمع التمويل اللازم للخروج من البورصة.
وبينما كان إيبستين يحاول التهرب من الإدلاء بمعلومات حول قضية "تيسلا" تلك، كما يشرح الكاتب، فإنه تحدث في الوقت نفسه عن تواصله مع "السعوديين" حول إمكانية الاستثمار في الشركة، من دون أن يقدّم المزيد من التفاصيل. غير أن ذلك ما حدث بالفعل، حينما وقّع صندوق الاستثمارات السعودي اتفاقية يستحوذ بموجبها على 5% من أسهم الشركة التي لاحقتها سلسلة فضائح، بدءًا بالتهرب الضريبي، وليس انتهاءً عند مقطع الفيديو الذي انتشر لرئيسها وهو يدخن "المارغوانا"، والمقطع الآخر الذي يتضمّن محتوىً إباحيًّا داخل إحدى سيارات الشركة.