18 فبراير 2020
ماذا بعد الاستفتاء الكردي؟
رداً على دعواتٍ طالبت بعدم إجراء الاستفتاء الذي أعلنه كرد العراق، لينتظم في 25 سبتمبر/ أيلول المقبل، لتحديد مصير إقليم كردستان، قال رئيس الإقليم مسعود البرزاني إن "قرار استفتاء شعب كردستان لا رجعة عنه"، لكن السؤال الأساسي هنا، هو ماذا بعد الاستفتاء؟
مع التأكيد على أنه ليست هناك حتى الآن رؤية محدّدة أو واضحة لمرحلة ما بعد الاستفتاء، فإن ثمّة سيناريوهات وخيارات كثيرة، تطرح للحظة التي تلي إجراء الاستفتاء، ولعل من أهم هذه الخيارات.
أولاً: أن تكون لحظة ما بعد الاستفتاء استلهاماً لتجربة جنوب السودان، بما لهذه التجربة من ميزات إيجابية ومعطيات متوفرة لجهة العلاقة بين أربيل وبغداد، ففي العقود الماضية عقد كرد العراق والحكومات المتتالية في بغداد سلسلة اتفاقيات مهمة، أبرزها اتفاقية مارس/ آذار عام 1970 التي نصت، للمرة الأولى، على إقامة حكم ذاتي للكرد، ومن قبل المادة الثالثة من دستور العراق عام 1958 الذي وُضع في عهد عبد الكريم قاسم، ونصّت على شراكة الكرد والعرب في العراق، ومن ثم استفادة الكرد من إقامة منطقة حظر جوي فوق شمال العراق عقب حرب العراق الأولى عام 1991، والتي انطلقت منها أولى خطوات الكرد، لبناء مؤسساتهم المستقلة عن بغداد، فكانت الانتخابات البرلمانية عام 1992، وتأسيس أول برلمان كردي ومن ثم حكومة محلية، فبقية مؤسسات الإقليم من جيش وأمن واقتصاد وتعليم، وصولاً إلى الدستور الجديد الذي أقر بعراق فيدرالي، وهو دستور وضع الإقليم في موقع أكثر من فيدرالية وأقل بقليل من دولة، ولعل كل هذا يدفع الكرد ملياً إلى التفكير بخيار جنوب السودان، في لحظة ما بعد الاستفتاء، خصوصاً وأن هذه التجربة تحققت بموافقة من المركز (الخرطوم)، ومن دون إراقة الدماء.
ثانياً: خيار التوجه إلى الأمم المتحدة على غرار التجربة الفلسطينية، لنيل اعتراف أممي بالدولة الكردية، وعلى الرغم من التعاطف الدولي مع حقوق الكرد في عموم المنطقة، إلا أن الكرد يدركون صعوبة مثل هذا الخيار، نظراً إلى قناعتهم بكثرة الدول العربية والإسلامية التي ستقف في وجه مطلبهم بإقامة دولة مستقلة، فهده الدول تخشى، في العمق، من موجة حركات لها مطالب بحكومات محلية تتعدّد أشكالها، وقد تكون مدخلاً لتقسيم دول المنطقة. وعليه، تتحفظ على مسألة الاستقلال الكردي، من دون أن يعني ما سبق رفضها الحقوق الكردية في إطار وحدة الدول التي يوجد فيها الكرد (العراق، سورية، إيران، تركيا).
ثالثاً: الإعلان من طرف واحد عن الاستقلال، لاسيما إذا تفاقمت الخلافات مع بغداد على القضايا الأساسية، مثل مستقبل المناطق المتنازع عليها والنفط وموازنة الإقليم، وعلى الرغم من سهولة هذا الخيار، إذ إنه لا يحتاج سوى إلى البيان رقم واحد لإعلان استقلال الدولة الكردية، إلا أنه يبدو الأكثر كلفة لجهة التداعيات والمخاوف، بسبب رفض دول الجوار الجغرافي، ولاسيما تركيا وإيران، لإقامة مثل هذه الدولة.
رابعاً: خيار إعادة ترتيب العلاقة مع بغداد، إذ ثمّة من يرى أن الاستفتاء لا يعني بالضرورة أنه سيتم إعلان استقلال كردستان، وأن هدف إربيل منه هو الحصول على وضع أفضل للعلاقة مع بغداد، خصوصاً في ظل الحديث الكردي عن تجاوزاتٍ عدة حصلت في الدستور العراقي، وخروقات لمبدأ الشراكة والتوافق، وإن الصيغة القديمة للدستور لم تعد تناسبها، وأن المطلوب وضع صيغةٍ أفضل، أقرب إلى إقامة دولة اتحادية.
بغض النظر عن أي من هذه الخيارات ستقفز إلى سدة المشهد الكردي بعد الاستفتاء، فإن الاستفتاء يشير إلى نضوج المطالبة الكردية بخيارالاستقلال، ومن يدقق في تصريحات مسعود البرزاني بشأن حق تقرير المصير يرى أنها تشكل انعكاساً لتنامي هذا الخيار في الداخل الكردي، إذ بات هذا الأمر أساسياً لمصداقية القيادة الكردية، خصوصاً بعد بروز معارضة للزعامة البرزانية، بما يعني ذلك حضور البعد الانتخابي في مسألة التوجه إلى إعلان الدولة الكردية، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية في الإقليم خلفاً لزعامة البرزاني.
مع التأكيد على أنه ليست هناك حتى الآن رؤية محدّدة أو واضحة لمرحلة ما بعد الاستفتاء، فإن ثمّة سيناريوهات وخيارات كثيرة، تطرح للحظة التي تلي إجراء الاستفتاء، ولعل من أهم هذه الخيارات.
أولاً: أن تكون لحظة ما بعد الاستفتاء استلهاماً لتجربة جنوب السودان، بما لهذه التجربة من ميزات إيجابية ومعطيات متوفرة لجهة العلاقة بين أربيل وبغداد، ففي العقود الماضية عقد كرد العراق والحكومات المتتالية في بغداد سلسلة اتفاقيات مهمة، أبرزها اتفاقية مارس/ آذار عام 1970 التي نصت، للمرة الأولى، على إقامة حكم ذاتي للكرد، ومن قبل المادة الثالثة من دستور العراق عام 1958 الذي وُضع في عهد عبد الكريم قاسم، ونصّت على شراكة الكرد والعرب في العراق، ومن ثم استفادة الكرد من إقامة منطقة حظر جوي فوق شمال العراق عقب حرب العراق الأولى عام 1991، والتي انطلقت منها أولى خطوات الكرد، لبناء مؤسساتهم المستقلة عن بغداد، فكانت الانتخابات البرلمانية عام 1992، وتأسيس أول برلمان كردي ومن ثم حكومة محلية، فبقية مؤسسات الإقليم من جيش وأمن واقتصاد وتعليم، وصولاً إلى الدستور الجديد الذي أقر بعراق فيدرالي، وهو دستور وضع الإقليم في موقع أكثر من فيدرالية وأقل بقليل من دولة، ولعل كل هذا يدفع الكرد ملياً إلى التفكير بخيار جنوب السودان، في لحظة ما بعد الاستفتاء، خصوصاً وأن هذه التجربة تحققت بموافقة من المركز (الخرطوم)، ومن دون إراقة الدماء.
ثانياً: خيار التوجه إلى الأمم المتحدة على غرار التجربة الفلسطينية، لنيل اعتراف أممي بالدولة الكردية، وعلى الرغم من التعاطف الدولي مع حقوق الكرد في عموم المنطقة، إلا أن الكرد يدركون صعوبة مثل هذا الخيار، نظراً إلى قناعتهم بكثرة الدول العربية والإسلامية التي ستقف في وجه مطلبهم بإقامة دولة مستقلة، فهده الدول تخشى، في العمق، من موجة حركات لها مطالب بحكومات محلية تتعدّد أشكالها، وقد تكون مدخلاً لتقسيم دول المنطقة. وعليه، تتحفظ على مسألة الاستقلال الكردي، من دون أن يعني ما سبق رفضها الحقوق الكردية في إطار وحدة الدول التي يوجد فيها الكرد (العراق، سورية، إيران، تركيا).
ثالثاً: الإعلان من طرف واحد عن الاستقلال، لاسيما إذا تفاقمت الخلافات مع بغداد على القضايا الأساسية، مثل مستقبل المناطق المتنازع عليها والنفط وموازنة الإقليم، وعلى الرغم من سهولة هذا الخيار، إذ إنه لا يحتاج سوى إلى البيان رقم واحد لإعلان استقلال الدولة الكردية، إلا أنه يبدو الأكثر كلفة لجهة التداعيات والمخاوف، بسبب رفض دول الجوار الجغرافي، ولاسيما تركيا وإيران، لإقامة مثل هذه الدولة.
رابعاً: خيار إعادة ترتيب العلاقة مع بغداد، إذ ثمّة من يرى أن الاستفتاء لا يعني بالضرورة أنه سيتم إعلان استقلال كردستان، وأن هدف إربيل منه هو الحصول على وضع أفضل للعلاقة مع بغداد، خصوصاً في ظل الحديث الكردي عن تجاوزاتٍ عدة حصلت في الدستور العراقي، وخروقات لمبدأ الشراكة والتوافق، وإن الصيغة القديمة للدستور لم تعد تناسبها، وأن المطلوب وضع صيغةٍ أفضل، أقرب إلى إقامة دولة اتحادية.
بغض النظر عن أي من هذه الخيارات ستقفز إلى سدة المشهد الكردي بعد الاستفتاء، فإن الاستفتاء يشير إلى نضوج المطالبة الكردية بخيارالاستقلال، ومن يدقق في تصريحات مسعود البرزاني بشأن حق تقرير المصير يرى أنها تشكل انعكاساً لتنامي هذا الخيار في الداخل الكردي، إذ بات هذا الأمر أساسياً لمصداقية القيادة الكردية، خصوصاً بعد بروز معارضة للزعامة البرزانية، بما يعني ذلك حضور البعد الانتخابي في مسألة التوجه إلى إعلان الدولة الكردية، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية في الإقليم خلفاً لزعامة البرزاني.