ماذا أنت فاعل يا جوارديولا ؟

16 اغسطس 2014
بيب جوارديولا في مفترق طرق (getty)
+ الخط -

ربما لا نصبح أفضل من خصومنا غالبا ، لكننا نعرف كيف ننتصر .. هذه ليست كلمات قيلت في حروب أو معارك أو كلمات قرأناها في المدارس في كتب التاريخ ، بل هي كلمات رياضية بحتة في عرف ثقافة كرة القدم الإيطالية لأن الرياضة أصبحت علماً يدرس وثقافة شعوب ونهج دول تعتز بمدارسها وتفتخر بما قدمت وليس من السهل تغييرها وتقبل غيرها مهما كان.

ذكرت مقدمة أراها مناسبة لما أردت أن أتحدث عنه ، وضربت مثلا بإحدى ثقافات كرة القدم في بلاد الساق والقدم حيث أن إيطاليا "سابقا للأسف" ربما تلعب مباراة ضد فرق أقوى منها فنيا لكنها تعرف كيف تنتصر غالبا بحكم طريقة لعبها وثقافة تُغرس في لاعبيها منذ النشأ وانسيابية في طريقة تعاملها مع كل مباراة على حدة .. إذن الإيمان بثقافة البلد كرويا والتعامل الأمثل مع كل مباراة هي من أساسيات نجاح أي عمل وأي منظومة لعب رياضية.

بما أني ذكرت إحدى ثقافات أحد أعظم منتخبات أوروبا فلابد ألا أنسى عظيمها الآخر .. ماذا عن مدرسة ألمانيا وثقافتها وثقافة لاعبيها عبر كل العصور وبالأخص ثقافة الفريق الذي يحمل لواءها دائما ؟ ماذا عن البايرن الذي لا يعيش حاليا فترة زاهية كما فترته مع هاينكس وجمهوره عنده حالة شك يعيشها واهتزاز ثقة على غير العادة كما في السابق ؟

بايرن ميونخ ومدرسة ألمانيا عموما تعتمد في المقام الأول على أمور أساسية اكتسبتها منذ زمن واعتادت عليها وحققت النجاحات بها .. " قوة بدنية - لياقة عالية - لعب مباشر وارتداد سريع" .. هذه الأمور انغرست في عقل كل طفل ألماني أحب ممارسة كرة القدم ، فبايرن هاينكس كان نموذجا جميلا يحاكي ثقافة ألمانيا العريقة الناجحة، اللاعب يعرف واجباته تماما ويقدم كل ما لديه من إمكانات عرفها منذ صغره .. وعموما لأن الشيء بالشيء يذكر فإن بايرن هاينكس هو امتداد للبايرن الجديد الذي رأى النور قبل 4 سنوات منذ استلام الهولندي الكبير لويس فان جال تدريب النادي البافاري لكن هاينكس حاكى واقع كرة ألمانيا تماما فنجح نجاحا باهرا وانبهرت منه أوروبا وصفق له كل العالم.

بايرن هاينكس تفوق بسبب حاجات قام بها لأنه جمع بين أمرين اكتسب من خلالهما قوة رهيبة وجعلته على عرش أوروبا وكوّن فريقاً لا يقهر حينها .. جمع بين الاستحواذ وتداول الكرة كما فان جال وبيب مع بايرن لكنه تفوق عليهم لأنه ألماني ويعرف خبايا كرتهم تماما ، تفوق في نقطة التحول والارتداد السريع واللعب المباشر .. بمعنى أوضح كان هاينكس مثلا يملك في جعبته خطتان يتكيّف معها فريقه بحسب نوعية المنافس وهذه بالذات هي ما عملت الفارق بينه وبين غوارديولا في بايرن.

بيب مدرب كبير ولا جدال في ذلك ، انجازاته مع برسا بطريقة وفلسفة لعب معينة ومحترمة جعلته يقدم أحد أفضل الفرق في التاريخ .. وأصبح المحب يتغنى بها ويراها الأفضل في كل الأحوال ، لكن تلك مدرسة مختلفة وتلك أخرى فعلى بيب "المدرب الذكي في جميع تعاملاته" ألا يصبح أسيراً لفلسفته وقناعاته مهما كان نوعية اللاعبين الذين معه ومهما كان خصمه .. أخشى أن يكون مثل الفرنسي الكبير فينجر الذي يؤمن بفلسفته و طريقة لعبه حتى لو كانت على حساب خسارته.

بيب مع بايرن ينتظره موسم مفصلي تماما .. ليس تحقيق دوري أو كأس أو بطولة لا توجد فيها مستويات فنية متقاربة إلا بعض المناوشة من أسود دورتموند ، بل موسم مفصلي في كيفة تعامل بيب مع فرق تقاربه في المستوى وهل سيوظف لاعبيه بالشكل المثالي بحيث يعرف قدرات لاعبيه تماما مما ينعكس ذلك على الرضا التام للعاشق البافاري .. فبافاريا كلها محتقنة الآن وأسألوا القيصر فهو أدرى بشعابها.

لمتابعة الكاتب.. https://twitter.com/ITALY_00

المساهمون