ماجد المجالي: التاريخ لا يعلَّب

10 ديسمبر 2014
(تصوير: أحمد الغلاييني)
+ الخط -

وُلِد الشاعر الأردني ماجد المجالي (1970) ضريراً، غير أنّ ذلك لم يمنعه من رؤية طريقه بوضوح، إلى جانب الأمة العربية وقضاياها، وضد السلطة وقمع الأنظمة. مناداته بالحرية كلّفته ثمناً باهظاً؛ فقد اعتقل أكثر مرة، وكاد أن يموت حين تعرّض مرةً للاختطاف.

في دردشة سريعة معه، رفض المجالي الدخولَ في تفاصيل هذه الأمور، كما رفض أن يُطلق عليه لقب شاعر سياسي. فرغم تناوله الشأن السياسي في شعره، إلا أنه ينحاز إلى معسكر الثقافة أكثر من السياسة؛ لأنّ الثقافة، بحسب وصفه، تقوم على الثابت والإستراتيجي، بخلاف السياسة التي تقوم على المتغيّر والتكتيكي، وتضطر إلى محاكاة الواقع المفروض وقبوله.

عن علاقة المثقف بالسياسة، يقول المجالي: "دخول المثقف إلى عالم السياسة يجب أن يكون دخولاً ثقافياً يذكّر السياسي بالثوابت والإستراتيجيات؛ لأن السياسي العربي بالذات يمارس التكتيك البالع للاستراتيجيات". كما يرى أنّ علاقة المثقف بالسلطة غير ممكنة؛ لأن السلطة في الوطن العربي، بدلاً من الاعتناء بالثقافة والمثقفين، تريد من المثقف أن يعمل مسوّغاً ومبرراً لسلوكياتها السياسية والقمعية، وهذا شيء ضار حتى بالسياسة.

وفي هذا السياق، كتب قصائد لاذعة كثيرة تهجو التخاذل العربي. ففي عام 1991، عندما صدر القرار الأردني بالذهاب إلى مدريد، كتب قصيدة بعنوان "مهزلة"، وأرسل نسخاً منها إلى "الديوان الملكي" و"دائرة المخابرات العامة"، وكتب على ظهر القصيدة "بيدي لا بيد عملائكم".

يعيش المجالي وحيداً في شقته، في جبل اللويبدة، ويمتلك قدرة مدهشة على التكيّف والتعاطي مع مجريات الحياة اليومية؛ كما يمتلك حساً ساخراً في حياته وفي تعليقاته على الأمور التي تستوقفه. وبالتالي، لا يشكّل فقدانه لبصره مصدر تعاسة له. يعلّق على هذا الأمر: "المرح لا علاقة له بالعمى. إحساس الإنسان بالسعادة شيء مركزي فيه، بصرف النظر عن المؤثرات الخارجية".

عن الشعر وتمرّده السياسي، يقول: "أنا عاشق للتمرد حين يعني التفكير بكل معاني الحياة بحرية، أما التمرد من أجل التمرّد فلا يستهويني". لذلك هو لا يتعجل كتابة القصائد اللاذعة والمتمردة سياسياً، كما يفعل بعض شعراء المعارضة، كي لا يقع في الرداءة الأدبية. "القصيدة، مهما بلغت قسوتها، يجب أن لا تخرج كنصّ سياسي".

في ختام حديثنا معه، سألناه عن موقفه من الربيع العربي، في ظل ما يسمى بنظرية المؤامرة؛ فأجاب: "لهذه القضية شقّان؛ فنحن في الوطن العربي نعيش في حال بائس في ظل الدول القُطرية. وللخروج من هذا الحال لا بد من دفع الثمن. ربما ساعد الخارج في تسريع انفجار الدمل، وهي مساعدة غير بريئة، لأنهم لا يريدون لهذا الدمل أن ينفجر بشكل طبيعي. لكن علينا أن نتذكر أن الدمل كان موجوداً. وعلى الأنظمة العربية أن تستوعب جيداً أنّ التاريخ لا يمكن أن يعلّب. التاريخ سيمضي وعلى هذه الأنظمة، ومن يقف خلفها، أن يعلموا أنهم ليسوا قدراً مستمراً علينا".

المساهمون