تحتضن مدينة نفطة (460 كلمة جنوب العاصمة)؛ مسقط رأس خرّيف، في السابع عشر من الشهر الجاري بهذه المناسبة عبر تنظيم جملة من الندوات الفكرية والمعارض والعروض السينمائية على مدار ثلاثة أيام.
ليست هذه هي الاحتفالية الوحيدة التي تنظّم لصاحب "برق الليل" (1960)، إذ تمّ تكريمه في الدورة الثالثة والثلاثين من "معرض تونس الدولي للكتاب" في آذار/ مارس الماضي، كما أقيمت أكثر من فعالية خلال الشهور الماضية من أجل استعادة تجربته.
خرّيف أخلص للكتابة السردية بشكل أساسي، خلافاً لمجايليه الذين ربما اهتموا أكثر بالنقد والفكر في زمن لم يُول السرد اهتماماً عربياً مثلما نشهد اليوم، ويظهر ذلك في أعماله الكاملة التي صدرت عام 2009 في أربعة أجزاء، وتضمّنت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته وكذلك مقالاته ورسائله وحواراته حيث تبرز نزعاته في التجريب التي شكّلت أساس رؤيته ونظرته للأدب والحياة.
نال صاحب "من رزقه" (1962) شهادة الدبلوم في الترجمة والأدب الفرنسي، ونشر مقالات منتظمة في الصحافة، وقد تميّزت تجربته باطلاعه المعمّق على تاريخ بلاده واستيعابه في سياق التحوّلات السياسية والاجتماعية الكبرى، كما بدا متمكّناً من تقنيات السرد بمفهومها الحديث ويحسب له اقترابه من اللغة اليومية وتوظّيف اللهجة المحكية في كتاباته.
"الدڤلة في عراجينها" أصدرها عام 1969، تعدّ من أهمّ الروايات في تونس التي ذهبت إلى تشريح الواقع والاشتباك مع الصراع الاجتماعي في منطقة الجريد من الجنوب التونسي، واستفاضت في وصف التراتبية القبلية والنزاعات على الملكية ونضالات العمل في عهد الاستعمار الفرنسي.
تُخصّص التظاهرة أولى جلساتها لنقاش أربع أوراق، هي: "أدب البشير خريّف ومستويات التلقي" لـ فوزي الزمرلي، و"في خصوصيات تجربة خريّف السردية" لـ محمد الصالح بن عمر، و"البشير خريّف بين المكان الأول والمكان الثاني" لـ حسونة المصباحي، فيما تتناول جليلة الطريطر "مسألة المرجعي في المتخيل الروائي" "إفلاس أو حبك درباني " للبشير خريف أنموذجاً".
في اليوم الثاني، يتناول عمر حفيظ مداخلة بعنوان "البشير خريف في عيون النقاد"، وتختتم سلسلة الندوات مع مصطفى الكيلاني الذي يقارب "فلسفة المروي في "الدقلة في عراجينها": دوال الحرية ومدلولاتها"، كما يقدّم محمد آيت ميهوب تحليلاً لقصة "المروّض والثور"، أما سعدية بن سالم فتقارب "خريّف مؤرخاً من خلال رواية "بلاّرة"".