بعيداً عن المخيمات العشوائية الواسعة في كاليه، شمال فرنسا، التي تتقلص مساحتها يوماً بعد يوم، يعيش مئات المهاجرين سراً في مخيمات صغيرة على أمل الانتقال يوماً إلى بريطانيا.رصدتهم "فرانس برس"
على طول الطريق السريع الذي يربط مدينة ليل بدانكرك، في ستينفورد التي تضم أربعة آلاف نسمة، يعيش نحو مائة سوداني وإريتري تحت خيام في وسط حقل موحل بالقرب من بضع بقرات.
ومثل كل المخيمات الأخرى في المنطقة، يقع هذا التجمع بالقرب من مكان للاستراحة تتوقف فيه شاحنات. وعند حلول الليل، يحاول المهاجرون تسلق الشاحنات للوصول إلى بريطانيا.
ويقول ميشال جانسن من منظمة أطباء بلا حدود إن "هناك درجة أقل من المراقبة" في المناطق البعيدة بعض الشيء عن كاليه. "ويمكن للمهاجرين الصعود بسهولة أكبر إلى الشاحنات دون أن يكشف أمرهم. بتفرقهم، يضاعفون فرص انتقالهم إلى إنجلترا".
لكن إذا كان الصعود سراً إلى الشاحنات أسهل، فإن عبور الحدود "يصبح أكثر صعوبة يوماً بعد يوم. من عشرة ركاب قبل أشهر أسبوعياً، إلى راكب واحد في ستينفورد".
ويؤدي هذا إلى تكدس الأشخاص في المخيمات الصغيرة، لا سيما أن مرفأ كاليه تحول إلى حصن حقيقي، على حد قول رئيس جمعية "تير ديرانس" (أرض التيه) داميان دوفرانس. ويتابع إن بعض المهاجرين يبتعدون عن كاليه "ليهربوا من العنف"، ولو أن المخيمات الصغيرة لا تتمكن من الإفلات من ضغط المهربين.
ففي نوران-فونت مثلاً، البلدة التي يمر قربها الطريق السريع الذي يربط بين ريم وكاليه، يترتب على الواصلين الجدد دفع رسم دخول للإقامة في المخيم الذي يضم 250 مهاجراً، كما يقول المتطوع في "تير ديرانس" نان سول.
ويقول "ما إن يجري الحديث عن عملية إبعاد في كاليه حتى نسجل ارتفاعاً في عدد المهاجرين" في المخيم. وأدى تفكيك القسم الجنوبي من المخيم العشوائي المسمى "الأدغال" في كاليه، حيث كان يعيش بين 3700 وسبعة آلاف مهاجر، إلى وصول خمسين مهاجراً إلى نوران-فونت.
وتثير ظاهرة تشتت المهاجرين قلق المنظمات غير الحكومية. ويقول رافايل ايتشيبيري من "أطباء بلا حدود" إن "المخيمات العشوائية الصغيرة لا تخضع للمتابعة التي كانت تحظى بها أدغال كاليه حيث ينشط عدد كبير من المتطوعين". في المخيمات الصغيرة، "المساعدات محددة، من دون تنظيم فعلي".
ويقول كريستيان سالومي من منظمة لوبيرج دي ميغران (نزل المهاجرين)، إن هناك ارتفاعاً في عدد سكان هذه المخيمات، مضيفا "من أصل 3500 شخص أحصتهم الجمعيات في المنطقة الجنوبية من كاليه، نقدر بنحو 300 عدد الذين توجهوا إلى مخيمات أخرى، بينما ذهب الباقون إلى الجزء الشمالي من المخيم".
ويعترف فرنسوا غينوك من المنظمة نفسها بأن "لا أحد مهتم" بالحديث عن زيادة عدد المخيمات. ويقول "لا الحكومة، لأن ذلك سيعني الاعتراف بأن هدم الجزء الجنوبي لم يؤد إلى النتائج المرجوة، ولا المنظمات، لأننا لا نريد دعاية إعلامية لهذه المخيمات إذ أن الشرطة يمكن أن تطرد المهاجرين منها".
ويضيف "لكن ما هو أكيد الآن هو انتشار ظاهرة جديدة: توجه المهاجرين إلى النورماندي وبلجيكا" بالطريقة نفسها التي تقضي بالصعود إلى شاحنة في محيط المرفأ. لكن هذه المخيمات ليست في منأى عن التفكيك. ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، طالبت بلدية تيتغيم بإجلاء 250 مهاجرا لجأوا إلى هذه البلدة الصغيرة في الشمال، وهذا ما تم فعليا.
وأمر القضاء في آذار/مارس الماضي نحو 15 مهاجراً يقيمون على أرض تملكها شركة سكك الحديد الفرنسية في شوك، بمغادرة المكان قبل نهاية نيسان/إبريل الجاري.