مؤشرات على عودة الأزمة بين الإمارات والحكومة اليمنية في عدن

05 يوليو 2018
تواصل القوات المدعومة إماراتياً تمردها على الشرعية(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -


عادت مؤشرات التوتر بين الحكومة اليمنية والمجموعات الانفصالية المدعومة من الإمارات، في مدينة عدن، بعد أسابيع قليلة من عودة الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، إلى المدينة، والذي اضطره الصراع مع الإمارات لمغادرتها لما يقرب من عام ونصف العام. وسرعان ما عادت مؤشرات الخلاف، خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي ارتفعت معه المخاوف من جولة جديدة من الصراع في المدينة، قد تنهي التقارب المؤقت بين الشرعية - أبوظبي، الذي استمر لما يقرب من شهر.

وأكدت مصادر محلية في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن أجواء التوتر عادت خلال الثلاثة أيام الماضية، بالتزامن مع عودة رئيس ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، عيدروس الزبيدي، من الإمارات إلى المدينة، وتحركات أخرى كشفت عن استمرار تمرد القوات المدعومة من أبوظبي والقريبة من الانفصاليين، على توجيهات الحكومة الشرعية، عقب الحديث، في الأسابيع الماضية، عن لقاءات تنسيقية بين القيادات الأمنية الموالية للحكومة والقادة الإماراتيين، في سبيل تنسيق الجهود الأمنية وإنهاء مظاهر الخلافات.

ووفقاً للمصادر، فقد رفض القائمون على حواجز أمنية تابعة لما يُعرف بـ"قوات الحزام الأمني"، الموالية للإمارات، على مداخل عدن، دخول عائلات نازحة من محافظة الحديدة، التي شهدت تصعيداً خلال الشهر الماضي. وتتذرع هذه القوات بالانتماء المناطقي لمنع العائلات من الوصول إلى عدن، على غرار ما حدث في أشهر سابقة من مضايقات تطاول القادمين من المحافظات الشمالية بدوافع انفصالية. وأقر رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، بعرقلة دخول نازحين إلى عدن. وقال، في تغريدات على "تويتر"، إنه "ليس من القانون في شيء منع الأسر من المحافظات الشمالية من دخول عدن. ليس هذا في أعرافنا وتقاليدنا وأخلاقنا". وأضاف أن "تعريض الأطفال والنساء والشيوخ للأذى عمل محرّم"، مشدداً على أن "على الجميع القيام بواجبه، كل من موقع مسؤوليته، وعلى النقاط الأمنية، أينما وجدت، الانصياع للقانون"، في إشارة إلى أن النقاط لا تمتثل للحكومة. وتابع "أفسحوا طريقهم وسهّلوا واحموا دخولهم للعاصمة المؤقتة عدن، عاصمة اليمن. للمواطن اليمني حرمته وحقوقه، فلا تنتهكوا حرماته ولا تعتدوا على حقوقه".



وضمن الخطوات التصعيدية التي شهدتها عدن، أقدمت قوة أمنية تابعة لإدارة أمن المدينة، والتي يتولاها اللواء شلال علي شائع، الذراع الأمني لـ"المجلس الانتقالي" في عدن، على اعتقال رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، الصحافي فتحي بن لزرق، الإثنين الماضي، والاعتداء عليه بالضرب المبرح، قبل الإفراج عنه بعد ساعات، عقب تنديد واسع واتصالات مسؤولين في الحكومة. وعُرف لزرق، منذ العام الماضي، بكتابات ناقدة ضد "المجلس الانتقالي". وعاد إلى عدن، الإثنين الماضي، رئيس "الانتقالي" ومحافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، والذي كان ذراع الإمارات بالتصعيد ضد الشرعية خلال العام الماضي. وكان الزبيدي موجوداً، أغلب الفترة الماضية، في أبوظبي، ضمن ما يشبه التفاهم الضمني مع التحالف على تجنب التصعيد الذي يثيره وجوده في المدينة. إلا أن عودته بالتزامن مع بروز تجدد الأزمة في عدن أثارت العديد من التساؤلات عما إذا كانت التفاهمات بين الحكومة والجانب الإماراتي قد وصلت إلى طريق مسدود، خصوصاً مع التهدئة النسبية في معركة الحديدة. والأخيرة كانت محطة مفصلية احتاجت فيها أبوظبي إلى نوع من المصالحة مع الشرعية.

وعلى الرغم من إطلاق سراح نحو 40 سجيناً من سجن "بئر أحمد"، سيئ السمعة في عدن، من قبل قوات "الحزام الأمني"، الموالية للإمارات، إلا أن أجواء الخلافات ورفض دخول أسر نازحة من المحافظات الشمالية، بالإضافة إلى أعمال تخريبية استهدفت خطوط نقل التيار الكهربائي في ظل الصيف الحار الذي تعيشه عدن في إطار ما فُسر بأنه محاولة لتحريض السكان ضد الحكومة، كلها بقيت مؤشرات خطيرة على احتمال تجدد الأزمة في عدن، وانهيار التفاهمات التي أوجدت حالة من التهدئة، سمحت بعودة هادي ومسؤولي الشرعية إلى المدينة، التي قال مسؤولون حكوميون، في أشهر سابقة، إن القرار الأول فيها للإمارات.

الجدير بالذكر أن العلاقة بين الحكومة اليمنية والإمارات غلب عليها الصراع لما يقرب من عامين، بعدما تصدرت الأخيرة واجهة نفوذ التحالف في المدن الجنوبية والشرقية. واعتباراً من أواخر مايو/ أيار الماضي سعت أبوظبي إلى تفاهمات مع الجانب اليمني، من خلال دعوة وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، الذي يعد أحد أبرز رجال الحكومة المؤثرين في الوقت الحالي، إلى الإمارات. وعاد بعد نحو أسبوع، معلناً التوصل إلى تفاهمات على توحيد عمل الأجهزة الأمنية وعلى تمكين الحكومة الشرعية. ولاحقاً زار هادي أبوظبي، والتقى ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، قبل أن يعود إلى عدن، في خطوات مثلت بمجملها بداية مرحلة مراجعة للعلاقات بين الطرفين. وفي الوقت الذي كان من المقرر أن تمضي فيه التفاهمات بإجراءات تنفيذية تنعكس على الأمن في عدن والمحافظات الأخرى، تأتي عودة ملامح الأزمة من جديد في وقتٍ لم تمض فيه سوى أسابيع قليلة على عودة هادي، الأمر الذي قد لا تقتصر آثاره على حالة الاستقرار المحدودة في عدن، منذ نحو شهر، بل تمتد إلى معركة الحديدة، التي تدعم فيها الإمارات قوات يمنية لانتزاع السيطرة على المدينة والميناء الاستراتيجي من الحوثيين. وإذا ما تصاعد الصراع في عدن ولم يتم احتواؤه قريباً، فإنه يعد مؤشراً على أن التصعيد في الساحل الغربي قد يدخل مرحلة جمود.