مؤشرات خلاف روسي مصري بشأن حفتر

30 ابريل 2020
لا تريد موسكو صراعاً مفتوحاً مع تركيا (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن التحرك الأخير لقائد مليشيات شرق ليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المتمثل في إعلانه الانقلاب على الاتفاقات السياسية السابقة، والاستيلاء على السلطة في البلاد، سيتسبب في خلافات بين الدول الداعمة له، والتي تنسّق في ما بينها، حول سياسة محاربة حكومة الوفاق في طرابلس والدول الداعمة لها. وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد" إن هناك مؤشرات لخلافات بين القاهرة وموسكو حول مدى ضرورة التحرك الأخير لحفتر، الذي لم تعلم به الإدارة الروسية، إلا قبل دقائق معدودة من إعلانه، وعبر أطرافٍ غير رسمية، ما أثار غضبها.

وأضاف المصدر أن روسيا تعتقد أن التوقيت لم يكن ملائماً لاتخاذ خطوة كهذه، لأنها لا تريد المخاطرة بفتح ساحة صراعٍ مع تركيا وقوات الوفاق، فضلاً عن وجود اعتراضات لديها على السمات الشخصية لحفتر نفسه، ورغبتها أكثر من مرة في استبداله بقيادةٍ أخرى، الأمر الذي كانت مصر تقف دائماً عائقاً في طريقه.

وذكرت المصادر أن امتداد الصراع في ليبيا، وتداخل العديد من الأطراف الإقليمية فيه، وعدم استطاعة روسيا وتركيا إعادة تطبيق السيناريو السوري في ليبيا، على حساب المصالح الاستراتيجية لدول الجوار والأوروبيين، كلّها أسباب تؤدّي إلى تباعد وجهات النظر بين القاهرة وموسكو حول موقف حفتر الأخير.

وأوضحت المصادر أن روسيا تعتقد أن خطوة حفتر الأخيرة تمّت بتنسيقٍ كامل مع مصر، الأمر الذي تحرص الخارجية المصرية على نفيه رسمياً في العلن، وحتى خلال الاتصالات مع الأطراف الأوروبية المهتمة بالشأن الليبي. وتُرجع روسيا وجود تنسيق بين القاهرة وحفتر إلى رغبة مصر في ردّ الهزيمة الاستراتيجية التي لحقت بها في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد قبولها مبادرة وقف إطلاق النار الروسية - التركية، مقابل رغبة روسية قائمة منذ العام الماضي في تخفيف حدة الصراع في ليبيا، حتى إذا اقتضى الأمر تقسيم مناطق النفوذ مع تركيا، وتقسيم الثروات الهائلة المتنازع عليها مع القوى الأوروبية.

وشدّدت المصادر على أن الموقف الروسي حالياً بات أقل تشدداً تجاه حكومة طرابلس، مضيفة أن الدبلوماسيين والاستخباريين الروس كانوا قد طرحوا أكثر من مرة في اتصالات مع المصريين مقترحات بإمكانية تشكيل سلطة مشتركة بضوابط معينة، الأمر الذي ترفضه مصر والإمارات تماماً من حيث المبدأ.

من جهتها، ترى القاهرة أن روسيا لم تستطع إجبار تركيا على الالتزام ببعض البنود في التفاهمات التي أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار، وتمّ طرحها في مؤتمر برلين الأخير (يناير/ كانون الثاني الماضي)، وهي تروج إلى أن من حقّ مليشيات حفتر الاستمرار في عملياتها لحين تحقيق تلك الشروط كاملة.

وفي الوقت الذي دانت فيه روسيا خطوة حفتر التي أعلن فيها استيلاءه على السلطة وقبوله "تفويض" شعبه، وهو الوصف المستعار من خطابات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ألمحت القاهرة لمباركة تحركات حفتر في بيان حمل في ظاهره تمسكها بما وصفته "الحل السياسي"، وبمبدأ "البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا، على الرغم من وجود خلافات بين الأطراف الليبية حول كيفية تنفيذ ذلك"، واختتمته بإشادتها بـ"ما حققه الجيش الليبي من استقرار نسبي في الأراضي الليبية، ما أدى إلى تراجع العمليات الإرهابية في هذا البلد، وهو ما يعني بكل تأكيد انحسار الخطر الإرهابي الذي ينطلق من ليبيا ليهدد دول جواره القريبة والبعيدة".

وسبق أن أشارت مصادر سياسية مصرية وغربية إلى أن عدم تضمين بيان مؤتمر برلين بعض المقترحات المصرية لم ينل من موقف مصر والإمارات المتمسك بهذه المحددات.
وتتضمن المطالبات ضرورة استبعاد جميع التيارات الإسلامية (الموصوفة بالإرهابية) المساندة لحكومة الوفاق من العملية السياسية التي أعلن مؤتمر برلين عن إطلاقها، بهدف إنشاء مجلس رئاسي قوي وتشكيل حكومة ليبية موحدة قوية، مدعومة من برلمان موحد، واستثناء ما وُصف بـ"محاربة الإرهاب" من وقف إطلاق النار.

وكان بيان برلين قد تضمن بنداً أكد "دعم إنشاء جيش وطني ليبي موحد، وشرطة وقوات أمن موحدة، تحت إدارة السلطات المدنية المركزية، على أساس عملية القاهرة التفاوضية والوثائق المنبثقة عنها"، بعد تعديلاتٍ على المقترح المصري الذي نشره "العربي الجديد" قبيل المؤتمر والقاضي بالبناء على مليشيات حفتر، باعتبارها "الجيش الوطني كنواة للقوات المسلحة الموحدة، وسيعرض دعم مصر اللوجستي والعملياتي لإنشاء شرطة موحدة، مقابل رفع جميع صور الحماية عن المليشيات غير القانونية، مع الإشارة إلى المجهودات التي سبق أن بُذلت لتوحيد السلاح الليبي برعاية مصرية بين عامي 2014 و2016".

 

المساهمون