ويشارك في المؤتمر، الذي تستمر جلساته حتى يوم الأحد، إلى جانب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل وعدد من وزراء حكومتها، أكثر من 35 من رؤساء دول وحكومات العالم. ومن أبرز الذين أكدوا حضورهم: نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، ورئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، والرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأفغاني محمد أشرف غني، فيما سيغيب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون لأسباب داخلية.
وسيحضر أيضا أكثر من 50 وزير خارجية، بينهم وزراء خارجية روسيا وباكستان والعراق وقطر وإيران، و30 وزيرا للدفاع من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وسنغافورة وتركيا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، ينس ستولتنبرغ، ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.
كذلك سيشهد المؤتمر مشاركة أكثر من 600 شخصية سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة الشفافية الدولية ومنظمة السلام الأخضر وشركات صناعة الأسلحة.
واتخذ القائمون على الحدث "السلام من خلال الحوار" شعارا لهذا العام، ومن المواضيع التي سيتناولها المشاركون مستقبل أوروبا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتعاون عبر الأطلسي، والصراعات في الشرق الأوسط، وكذلك التعاون في مجالات السياسة الدفاعية، وصولا لمعاهدة نزع الأسلحة النووية مع روسيا، والتي تعتبر جد مركزية لأوروبا، والتداعيات المحتملة لصراع القوى العظمى مع ظهور عهد جديد من التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، فضلا عن الفراغ القيادي في النظام العالمي الليبرالي، إضافة إلى ملفات الرقابة على الأسلحة وسياسة التجارة والأمن وتغير المناخ والتقدم التكنولوجي.
وأعدت مؤسسة ميونخ للأمن، والتي يرأسها منذ العام 2008 الدبلوماسي السابق فولفغانغ إيشيتغر ضمن مئة صفحة، تقريرا تناولت فيه الوضع العالمي ونقاطا سيتم التشاور بشأنها في المؤتمر.
وبينت المؤسسة في تقريرها خطورة الأوضاع على مستوى العلاقات بين القوى الكبرى في العالم، فبين أميركا والصين هناك تنافس حاد حول قضايا الاقتصاد والتجارة، ناهيك عن الترقب في المنافسة الجيوسياسية بين موسكو وبكين وصراع التسلح بين موسكو وواشنطن.
ويوضح التقرير أن استعداد الاتحاد الأوروبي سيئ للمنافسة بين القوى الكبرى، وهو لا يملك خطة بديلة تسمح لأوروبا بأن تتكل على نفسها من الناحية الأمنية. كذلك أشار إلى أنه من غير المتوقع أن تمدد واشنطن وموسكو العمل بما يسمى "اتفاقية ستارت الجديدة" حول الأسلحة النووية الاستراتيجية بعد انتهائها عام 2021.
الأزمة السورية: أوروبا على دكة البدلاء
إلى ذلك، أطلق رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، فولفغانغ ايشينغر، عدداً من الانتقادات تجاه زعماء الاتحاد الأوروبي، إذ اعتبر أن أوروبا لم تنجح في لعب دور في الأزمة السورية.
وقال اليوم الجمعة، في حديث مع راديو "بايرن 2": "إذا كنت تفكر في الدور الأوروبي في حرب سورية فإننا جلسنا أكثر الأوقات على مقاعد البدلاء خلال الست أو السبع سنوات الأخيرة".
وأضاف "يمكن لألمانيا مع فرنسا وعدد من الدول الأعضاء الرئيسيين في الاتحاد أن يأخذوا زمام المبادرة لقيادة أدوار ممكن أن تساهم في ترتيبات معينة تحسن من واقع الأزمة الموجودة، لكن يبدو أن الأفرقاء الأوروبيين منشغلون للغاية في الوقت الراهن مع أنفسهم، مع السترات الصفراء في فرنسا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الملفات الأوروبية الداخلية".
وتابع "هذه المواضيع قد تستهلك الطاقة للتعامل مع القضايا الدولية عبر الأطلسي مثلا، إنما في النهاية سوف يتحدثون جميعا عن سياسة الأمن الدولية وحول الأزمات ونزع السلاح هذا الأسبوع في المؤتمر الذي سيكون النقطة المحورية في النقاش السياسي العالمي، ونأمل أن نتخذ خطوات قليلة في الاتجاه الصحيح".
ولفت إلى أن "الاتحاد الأوروبي، والذي يضم حوالي 500 مليون نسمة يعيشون من حيث المبدأ في ثروة لا تكاد تكون موجودة في العالم، يحق له أن يهتم بمصالحه من حيث التجارة والأمن والاستقرار والهجرة، وغيرها من القضايا التي تعزز مكانته وحضوره ومصالحه على مستوى العالم".
واعتبر ايشينغر أنه "في الدبلوماسية لا يجب على المرء أن يتخلى عن الأمل، وعليك دائما أن تبقى متفائلا حتى النهاية"، وذلك في رد حول النزاع الحالي بين موسكو وواشنطن بخصوص إنهاء اتفاقية نزع الأسلحة النووية. وتابع قائلا: "على الطرفين أن يغتنما هنا في ميونخ الفرصة لاستكشاف مرة أخرى ما إذا كان هناك ربما بديل عن هذا الاتفاق، وهذا مهم جدا لأنه وبطبيعة الحال الخطر الموجود بالحد من الرقابة على التسلح، وهذا ما يمكن أن يطلق الأسلحة النووية الاستراتيجية، وسنوليه اهتماما واسعا خلال جلسات المؤتمر".
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، يورغن هاردت، إنه يتوقع من مؤتمر ميونخ للأمن أن يبعث برسالة متعددة الأطراف، كما ويتعين على شركاء حلف شمال الأطلسي إظهار الجدية تجاه روسيا بعد انتهاء معاهدة الحد من الأسلحة النووية.
يشار إلى أن تقرير ميونخ لهذا العام بين أن ألمانيا تتمتع بمستوى عال من الثقة لدى روسيا، ومن أن واحدا من بين كل ثلاثة ألمان يرى أن روسيا تشكل تهديدا كبيرا، فيما شخصان من بين كل ثلاثة من المستطلعة آراؤهم يجد في الولايات المتحدة الطرف الأخطر على برلين. ويوضح ايشينغر أن سبب ثقة 35% من الألمان بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحل مشاكل العالم "يعود لكون هناك نوع من علاقة الود مع السكان الألمان، وهنا ويمكن للمرء أن يعود في التاريخ للحرب العالمية الثانية والشعور بالذنب لدى ألمانيا وفي التاريخ الحديث، عندما لم تقف القيادة السوفياتية ضد إعادة توحيد الشطرين الشرقي والغربي من البلاد".
تجدر الإشارة إلى أن مقررات مؤتمر ميونخ للأمن، والذي بدأ انعقاده منذ العام 1963، ليست ملزمة ولن يتم نشر وثيقة مشتركة في نهاية أشغاله، إنما يتم الاعتماد على تبادل الطروحات والأفكار بين المشاركين، وحيث يعتبر المؤتمر منصة للمبادرات ويركز على نهج الدبلوماسية لدفع الحلول إلى الأمام.