مؤتمر ميونخ: بنس يصف إيران بـ"راعية الإرهاب" وميركل تحذّر من فراغ سورية

16 فبراير 2019
تنعقد أعمال مؤتمر ميونخ للأمن في نسخته الـ55 (Getty)
+ الخط -

حضرت الأزمة السورية، وقرار الولايات المتحدة الانسحاب من هذا البلد، والحرب على الإرهاب، وإيران، بقوة، في اليوم الثاني لأعمال مؤتمر ميونخ الأمني في ألمانيا، في نسخته الخامسة والخمسين. وفيما اعتبر مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، اليوم السبت، أن انسحاب بلاده من سورية جاء من منطلق تعديل في أساليب العمل، وليس تغييراً في الاستراتيجية، طالب الدول الأوروبية بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران، التي وصفها بـ"راعية الإرهاب" في العالم، في وقت دافعت فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن دعم أوروبا لهذا الاتفاق. 

وتحدّث بنس، خلال المؤتمر، عن "تمزيق" تنظيم "داعش" الإرهابي بـ"شكل كامل" في العراق وسورية. وقال: "لقد واجهنا إرهاباً شديداً في هذين البلدين، والآن تمّ تمزيق التنظيم بشكل كامل"، مؤكداً إبقاء بلاده على وجود قوي في الشرق الأوسط وملاحقة "داعش".

وفي ترديد لما قاله خلال مؤتمر وارسو، الذي تحدّث فيه عن اتفاق المشاركين على "اعتبار إيران أكبر تهديد في الشرق الأوسط"، أشار نائب الرئيس الأميركي في كلمته اليوم كذلك إلى إيران، ووصفها بأنها "راعي الإرهاب الأكبر في العالم". وقال في هذا الصدد: "حان الوقت للشركاء الأوروبيين ليتوقفوا عن تقويض العقوبات الأميركية على إيران. حان الوقت لوقوف شركائنا الأوروبيين معنا، ومع الشعب الإيراني".

كما حثّ بنس أوروبا على الحذر عند استخدام أجهزة الاتصالات التي تصنّعها شركة "هواوي" الصينية، لافتاً إلى "وجوب حماية بنيتنا التحتية الحساسة في مجال الاتصالات، وتدعو الولايات المتحدة كل شركائها الأمنيين إلى الحذر".

ميركل: الخلاف حول إيران يضايقني

من جهتها، دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقوة عن قرار القوى الأوروبية، الوقوف إلى جانب الاتفاق النووي الإيراني في مواجهة الانتقادات الأميركية، بينما قدمت دعماً حماسياً لنهجها متعدد الأطراف في الشؤون العالمية.

وفي الشأن الإيراني، قالت ميركل إن الانقسام حوله "يضايقني كثيراً"، لكنها قللت من أهمية الخلافات. وأضافت "أرى برنامج الصواريخ الباليستية، أرى إيران في اليمن، وقبل كل شيء أرى إيران في سورية".

وحذّرت المستشارة الألمانية من أن انسحاب القوات الأميركية من سورية يمكن أن يعزز نفوذ روسيا وإيران في هذا البلد.

وحذّرت ميركل كذلك من انهيار الهياكل السياسية الدولية، ودعت إلى توسيع التعاون الدولي، قبل أن تصف حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأنه "مرساة للاستقرار في هذه الأوقات العصيبة".

وأكدت المستشارة الألمانية في كلمتها على زيادة إنفاق الدفاع الألماني، لكونها مسألة أساسية بالنسبة لبرلين، ووعدت بـ1.5 من الناتج المحلي الإجمالي لميزانية حلف "الناتو" حتى عام 2025، وذلك في رد على الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يطالب برلين بزيادة ميزانية الدفاع إلى 2 في المائة، في غضون خمس سنوات، لكنها شددت أيضاً على أهمية وجود سياسة تنمية شاملة، ولتبرز أن ألمانيا تعتبر من أكبر الدول المانحة على مستوى العالم من حيث التعاون التنموي، كما في مشاركتها في بعثات عسكرية مشتركة بينها في أفغانستان.

ومن بين أمور أخرى، تناولت المستشارة في خطابها العلاقة المتوترة مع موسكو وإنهاء اتفاقية نزع الأسلحة النووية مؤخراً، إذ دعت الصين إلى المشاركة في الجهود الدولية لنزع السلاح.

إلى ذلك، انتقدت ميركل بحدة التعريفات العقابية التي تهدد بها الولايات المتحدة. وقالت: "إذا كانت سيارات بي أم دبليو التي يتم تصنيعها في ولاية كارولينا الجنوبية في الولايات المتحدة أصبحت فجأة خطراً على الأمن القومي لأميركا، فهذا الأمر يثير مخاوفنا"، قبل أن تحثّ على إجراء المزيد من المفاوضات بهذا الخصوص.

كذلك دافعت المستشارة عن خط أنابيب الغاز الألماني - الروسي، "نورد ستريم 2"، ضد الانتقادات التي ترسلها الولايات المتحدة.

احتجاجات مناهضة للحرب

إلى ذلك، قام تحالف يضم أكثر من 90 منظمة، بالتعبئة للاحتجاج على أعمال المؤتمر.

وستنطلق التظاهرة، التي ستحمل هذا العام شعار "السلام بدلاً من التسلح - لا الحرب"، بعد ظهر اليوم، وسط مدينة ميونخ، وستكون هناك نقطة تجمّع عند المساء بعد نهاية المسيرات. وينوي المنظمون أيضاً إقامة سلسلة بشرية تضمّ نحو 600 شخص، وذلك في خطوة اعتراضية على سياسات التسلح والحرب. كما سيطالبون بالإقامة لجميع اللاجئين، وهي من الموضوعات التي لا تشملها أعمال المؤتمر.

وتعتبر تلك المنظمات، بحسب ما بينت التقارير وتعليقات القيّمين عليها، أن "وقت العروض الكبيرة قد انتهى، والمؤتمر ليس إلا مجرد تجمّع للحرب، وهم سيخرجون كنشطاء سلام إلى الشوارع، وسيقومون بتنظيم ما يسمى مؤتمر ميونخ للسلم"، داعين إلى التظاهر اليوم احتجاجاً على المؤتمر.

وتشهد مدينة ميونخ تدابير أمنية استثنائية، شملت الطرقات الرئيسية والفرعية المؤدية إلى فندق بايريشر هوف، المكان المعتمد لانعقاد المؤتمر. وقال نائب رئيس الشرطة، فارنر فايلر، إن نحو 4400 ضابط وشرطي من جميع أنحاء ألمانيا وبافاريا سيقومون بمهمة حفظ الأمن والنظام خلال أعمال المؤتمر.

وانطلقت، بعد ظهر أمس الجمعة، أعمال مؤتمر ميونخ الـ55 للأمن، الذي يتناول هذا العام مواضيع تتعلق بالوضع السياسي العالمي والأمن والدفاع، إضافة إلى الحروب والأزمات الحالية التي تسود العالم، وبينها اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، والأزمة السيادية في فنزويلا، والصراعات المتزايدة في سورية وشرق أوكرانيا. ويشارك في المؤتمر، الذي تستمر جلساته حتى يوم غدٍ الأحد، إلى جانب ميركل وعدد من وزراء حكومتها، أكثر من 35 من رؤساء دول وحكومات العالم. 

ويحضر المؤتمر أيضاً أكثر من 50 وزير خارجية، بينهم وزراء خارجية روسيا وباكستان والعراق وقطر وإيران، و30 وزيراً للدفاع من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وسنغافورة وتركيا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، ينس ستولتنبرغ، ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد.
المساهمون