مؤتمر شباب العالم يفضح تمييز النظام المصري في سيناء

05 نوفمبر 2018
وضع إنساني صعب في شمال سيناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

انطلق مؤتمر شباب العالم في مدينة شرم الشيخ جنوبي سيناء وانتهى وسط أجواء أمنية وإعلامية صاخبة، أراد النظام المصري من خلالها إظهار قوته في هذين الجانبين، مع اختيار سيناء نقطة لذلك، في محاولة منه لتحسين صورته الأمنية المتدهورة هناك، بفعل سياساته الخاطئة في التعامل مع أهالي شمال سيناء، بينما أظهر المؤتمر تفرقة الدولة في التعامل بين جنوب سيناء وشمالها.
وسعى نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال التغطية الإعلامية والأمنية للمؤتمر، إلى إظهار أن وضع سيناء مستقر نتيجة للعملية العسكرية الشاملة التي بدأها في فبراير/شباط الماضي، على الرغم من أن الأحداث على أرض الواقع تشير إلى عكس ذلك، نظراً لاستمرار هجمات تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش"، والوضع الإنساني المتردي في سيناء منذ سنوات، والذي تفاقم أخيراً في ظل العملية العسكرية الشاملة.

وفي ظل الاستعراض الإعلامي الذي رافق المؤتمر، مقابل تغييب معاناة آلاف المواطنين من سكان محافظة شمال سيناء في رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، وصل الحال ببعض أهالي شمال سيناء إلى وصف ما يجري بـ"العنصرية"، إذ تهتم الدولة المصرية بمناطق الجنوب، بصفتها مناطق سياحية وقبلة للأجانب، في مقابل إهمال مناطق شمال سيناء.
وقال أحد وجهاء محافظة شمال سيناء، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام المصري لو أراد أن يؤكد للعالم نجاح العملية العسكرية الشاملة، لأقام هذا المؤتمر في ربوع محافظة شمال سيناء، وليس إغلاق الطرق منها وإليها طيلة أيام المؤتمر، تحسباً لأي طارئ يفسد أجواء الفرحة التي حاول النظام بكل ما أوتي من قوة إظهارها في المشهد الإعلامي للحدث، فيما غيّب عن شاشات التلفزة المصرية كل مشاهد المعاناة التي تسود مناطق شمال سيناء منذ سنوات، وكأنها خارج مصر، وكأن سكانها ليسوا مصريين يستحقون الاهتمام".

وأضاف الشيخ القبلي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "الدولة أظهرت قدرتها على لفت انتباه العالم نحو حدث على أرض سيناء، لكن هذا الحدث لم يكن تهجير آلاف السكان من بيوتهم في مدن رفح والشيخ زويد والعريش، ولاحقاً في حرم ميناء العريش كما في حرم مطارها، ولم يكن في طوابير الانتظار لاستلام المواد الغذائية أو الأدوية، ولا طوابير السيارات على محطات الوقود، بل كان لمؤتمر شبابي أريد من خلالها تحسين صورة النظام من الأرض الأكثر شهادة على ظلمه بحق السكان، وفي مقدمتهم الشباب الذين وقعوا ضحية لسياسات النظام في سيناء، بين قتيل وجريح ومختفٍ ومعتقل".


ودعا النظام المصري إلى "إعادة التفكير بشكل جدي في سياساته في سيناء، أو على الأقل معاملتها كمحافظة مصرية، كشقيقتها جنوب سيناء، على سبيل المثال، لا أن تُعامل كأنها جزء زائد على الدولة"، مشدداً على ضرورة "تشكيل موقف من أهالي سيناء، وعقد مؤتمر شعبي موازٍ لهذه المؤتمرات التي تعقد على أرض سيناء، بينما تغيب الصورة الحقيقية عنها، لكشف الصورة الواقعية لما يجري في هذه البقعة منذ خمس سنوات على التوالي، سبقها تعامل قاسٍ من الدولة المصرية على مدار العقود الماضية لكن بصورة أقل مما هو عليه الوضع حالياً".

وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي مع مؤتمر شباب العالم، وكان لأبناء شمال سيناء جزء من هذا التفاعل، فعبّروا عن رفضهم لحالة التمييز بين أرض سيناء الشمالية والجنوبية. وتعقيباً على ذلك، قال الناشط السياسي في سيناء، أحمد العديني، لـ"العربي الجديد"، إن حالة الوعي تنامت في الآونة الأخيرة لدى سكان شمال سيناء، بضرورة المطالبة بحقوقهم المهدورة على يد النظام المصري بشكل كبير، خلال السنوات الماضية، وتتجلى صورة هذا الإهدار في الاهتمام الكبير بمناطق جنوب سيناء، بمنحها كل الامتيازات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، على حساب سحبها من مناطق الشمال بصورة فاضحة.

وأضاف: "كيف لدولة أن تهتم بشباب العالم، بينما تهدم مستقبل الآلاف من شبابها، وفي مقدمتهم شباب الأرض التي تعقد عليها مؤتمراً لصالح شباب العالم، هنا المفارقة والتبجح في التعدي على حقوق الشباب المصري بصورة خاصة، وكذلك التعدي على حقوق أهالي سيناء في مناطق الشمال بصورة عامة، من دون أي اعتبار لحالة التفرقة القائمة بين المنطقتين المتجاورتين، كما تستمر مخططات التهجير والتدمير لما تبقى من هوية مصرية في مناطق شمال سيناء منذ سنوات".
يشار إلى أن قوات الجيش المصري تقوم بعملية عسكرية واسعة النطاق منذ أكثر من ثمانية أشهر في مناطق واسعة من محافظة شمال سيناء، أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين على حد سواء، وأدت إلى خسائر مادية فادحة بحق السكان.