وتدفقت الشخصيات السياسية وقادة التنظيمات المدنية والشخصيات المستقلة، على قاعة مدرسة الفندقة في منطقة عين البنيان، في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، للمشاركة في أكبر مؤتمر يجمع أقطاب المعارضة، منذ مؤتمر 2014، ويهدف إلى مناقشة الأزمة الراهنة، ضمن إطار وثيقة أرضية سياسة، والتي وزعت على الأطراف المشاركة، ووصفت الوضع الحالي "بالخطير بسب السلوكيات المنحرفة للسلطة".
وتقترح الوثيقة "التوافق على فترة تمهيدية تسبق الانتخابات الرئاسية"، يتم خلالها "وضع لجنة وطنية تتولى صياغة قانون للهيئة المستقلة للانتخابات وتعديل قانون الانتخابات والإعلام".
كما تتضمن استبعاد كل من كانت له علاقة بالفساد أو بتزوير الانتخابات وكل من دافع عن ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.
ولاقى المؤتمر اهتماماً إعلامياً لافتاً بسبب أهمية انعقاده في ظرف سياسي حساس تشهده الجزائر.
وفي السياق، قال القيادي في حركة "البناء الوطني"، سلميان شنين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا المؤتمر بالأساس هو رسالة سياسية واضحة من قبل الطيف السياسي الواسع والمتعدد والمختلف التوجهات في الجزائر، بإمكانية اجتماعه على مشروع حل سياسي مشترك وقدرته على التعاون من أجل جهد وطني".
بدوره، قال ممثل منتدى الكفاءات والنخب الجزائرية، سفيان صخري، إنّ "مؤتمر المعارضة يعتبر محطة سياسية بارزة ينتظر منها أن تؤسس لجهد سياسي جماعي بين مختلف القوى السياسية والمدنية". وشجب في المقابل مواقف قوى معارضة، لم يسمها، قائلاً إنها "لا تتحرك ولا تترك غيرها يتحرك".
وتتجه مواقف القوى السياسية المعارضة المشاركة في المؤتمر إلى الموافقة مبدئياً على خطة الحوار السياسي التي طرحها بن صالح لحل الأزمة السياسية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب "طلائع الحريات"، علي بن فليس، في كلمته إن "النظام انتبه أخيراً إلى فضيلة الحوار، ورفع يده عن مسألة إدارة الحوار لصالح شخصيات مستقلة"، مشدداً في الوقت نفسه على أنه "يتعين على السلطة اتخاذ إجراءات تهدئة إضافية تخص رفع الإكراهات والضغوط عن الحريات العامة وتوفير الظروف الطبيعية التي تسمح بإجراء حوار سياسي ناجح".
من جهته، أكّد رئيس حزب "جيل جديد"، الطاهر بن بعيبش، في مداخله له خلال المؤتمر ذاته، أنّ "المعارضة تنتظر طرح الرئاسة لقائمة فريق الشخصيات الوطنية المستقلة التي ستتكفل بإدارة الحوار السياسي بغرض الوصول إلى توفير ظروف سياسية وتجهيز العدة لإجراء انتخابات رئاسية مقبلة"، لافتاً إلى أنّ "باقي المطالب الشعبية المتعلقة بالإصلاح السياسية والمشروع الديمقراطي معلقة على عاتق الرئيس المنتخب لاحقاً".
في المقابل، ظهر خلال المؤتمر رفض سياسي واضح لمقترحات سابقة تتعلق بإنشاء مجلس تأسيسي معين.
وعن هذا الأمر، قال رئيس حركة "مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، إنّ "الحديث عن مجلس تأسيسي معين لإعادة بناء الدولة غير معقول وخيار غير ديمقراطي"، موضحاً أن "المراحل الانتقالية الطويلة أدت في الغالب إلى الفوضى والتشتت".
وأكد أنّ "هناك قناعة جماعية بضرورة احترام الإطار الدستوري مع اتخاذ التدابير السياسية اللازمة"، مبيناً أن "الحفاظ على مكاسب الحراك هو انتقال ديمقراطي ينتج مؤسسات قوة تجسد الإرادة الشعبية".
وحضر المؤتمر القيادة التاريخية للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة منذ عام 1992، ومثلها كل من القياديين كمال قمازي وعلي جدي.
وقال رئيس جبهة "العدالة والتنمية"، عبد الله جاب، أحد أبرز أقطاب المعارضة، إنّ "المؤتمر لم يقص أي طرف وتم توجيه الدعوة إلى كل الأطراف والقوى التي تتبنى مطالب شعبية"، وذلك تعليقاً على غياب أحزاب وشخصيات عن المؤتمر.
وغاب عن المؤتمر شخصيات بارزة، بينها رئيس الحكومة السابق مولود حمروش ووزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي بسبب وضعه الصحي، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور والناشط الحقوقي البارز في الحراك الشعبي مصطفى بوشاشي وقادة أحزاب الكتلة الديمقراطية بينها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.
ويأتي المؤتمر بعد يوم واحد من تظاهرات الجمعة الـ20 من الحراك الشعبي، أمس الجمعة، والتي استعاد فيها الحراك الشعبي نفسه الثوري، بعد نجاح عمليات التعبئة والحشد التي قام بها الناشطون لدفع الجزائريين للخروج إلى الشارع والاحتفال بعيد الاستقلال وتجديد المطالب الشعبية.