مؤتمر "نداء تونس" ينقسم لمؤتمرين: فصلٌ جديد من الصراع

13 ابريل 2019
دخل الندائيون مؤتمرهم بآمال عريضة خابت لاحقاً(Getty)
+ الخط -
تحوّل مؤتمر حزب "نداء تونس"، الحزب الفائز بانتخابات 2014، والذي يقود رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان، الى حالة فريدة في تاريخ مؤتمرات الأحزاب في العالم، ولعله أطول مؤتمر من حيث المدة الزمنية، إذ انطلق يوم السبت الماضي ولم ينته إلى اليوم، كما لم يفرز رئيساً ولا أميناً عاماً ولا أياً من قيادات الحزب.

وبعدما دخل الندائيون مؤتمرهم بآمال عريضة في إنهاء حالة الانقسام الشديدة التي فتتته إلى ستة أحزاب، تراجعت هذه الآمال بسرعة، لتحل محلها الخلافات على قيادة الحزب، ويشهد اليوم السبت آخر فصول هذا الصراع، الذي تابع فيه التونسيون سقوطاً مدوباً، حيث كان يُفترض أن تعقد اللجنة المركزية اجتماعها لانتخاب رئيسها ونائبيه، غير أن الجميع فوجئ بوجود دعوتين في الوقت ذاته لهذا الاجتماع، أولى إلى انعقاده في مدينة المنستير، وأخرى في مدينة الحمامات.

وتقف وراء اجتماع الحمامات قيادات مختلفة مع حافظ قايد السبسي، وتتهمه بالانقلاب على المؤتمر، بعدما ثبت له أنه تحول إلى أقلية في الهيئة السياسية الأخيرة، بينما تدعو المجموعة المناصرة له إلى اجتماع اللجنة المركزية في المنستير.

وخرجت هذه الخلافات إلى العلن، بعدما اجتمع أعضاء مكتب مؤتمر "نداء تونس"، باستثناء رئيسته، مؤكدين إلغاء القائمة المنتخبة للمكتب السياسي للحزب، بعدما كانت رئيسة المؤتمر أكدت في وقت سابق أنه تمّ رفض الطعون المعروضة على رئاسة المؤتمر، داعين الى تقديم القوائم المرشحة الجديدة للمكتب السياسي للحزب يوم 25 إبريل/نيسان الحالي.

لكن رئيسة المؤتمر، سميرة بلقاضي، أكدت رفض إسقاط قائمة المكتب السياسي المنتخبة وأقرت تثبيت نتائجها، موجهة اتهامات صريحة لحافظ قايد السبسي.

من جهتها، أكدت عضو المكتب السياسي الجديد، أنس الحطاب، أنّ نتائج المؤتمر ثابتة وقانونية ونهائية، وقد تمّ الإعلان عنها من قبل رئيسة المؤتمر المنتخبة والشرعيّة سميرة بن قدّور.

وأضافت الحطّاب، في تصريح إذاعي، أنّ "ضغوطات كبيرة يمارسها المدير التنفيذي السابق للحزب حافظ قايد السّبسي على نائب رئيس المؤتمر عيسى الحيدوسي، والدّفع به إلى إعلان إلغاء نتائج المؤتمر الأخير، على خلفيّة أنّها لا تلبّي طموحاته بأن يكون في الصّفوف الأماميّة في تسيير الحركة"، على حدّ قولها.

وفي لقطة غريبة، كشف رئيس كتلة الحزب بالبرلمان، سفيان طوبال، خلال حضوره في برنامج على قناة الحوار التونسي، عن مكالمة هاتفية جرت بينه وبين نائب رئيس مؤتمر "النداء"، عيسى الحيدوسي، تضمّنت اعترافات حول تعرّضه لضغوط من حافظ قايد السبسي بشأن نتائج الانتخابات.

وبقطع النظر عن محتوى هذا التسجيل، فإن بث طوبال مكالمة هاتفية من هاتفه الخاص على مسمع وأمام الجمهور في برنامج مباشر، أثار الدهشة، وكشف حالة الصراع التي يشهدها الحزب.

وتضمّن التسجيل المنسوب للحيدوسي معطيات مخالفة لما عبّر عنه بنفسه في الندوة الصحافية التي عقدها للإعلان عن إسقاط القائمة، إذ قال لطوبال إنه ''لا يمكنك تخيّل حجم الضغوط التي أتعرّض إليها… سأمنحكم اليوم الشرعية وضميري مرتاح، لأنكم تحصلتم على الشرعية من الصندوق"، مشيراً إلى أنّه اضطرّ للإستنجاد بالأمن للعودة إلى منزله، بعد تلقيه تهديدات بضربه، فيما هربت رئيسة المؤتمر، وفق تأكيده.

وبعد استقالة النائبة أسماء أبو الهناء من الحزب، أعلنت النائبة فاطمة المسدي بدورها استقالتها، كاتبة في تدوينة عبر صفحتها على موقع للتواصل الاجتماعي، إنه نظراً للوضعية المتردية غير الديمقراطية وانتصار الرداءة في حركة نداء تونس بعد المؤتمر، وحفاظاً على مبادئي، أقدم استقالتي نهائياً من حركة "نداء تونس".

وأكدت المسدي وجود "خروقات بالجملة في انتخابات اللجنة المركزية، وبعد ذلك يتم استدعاء الندائيين لاجتماع في الحمامات واجتماع في المنستير في اليوم ذاته، لتركيز رئيس اللجنة المركزية دون النظر في الطعون. الندائي مخير في انتخابه لرئيس اللجنة المركزية بين حافظ السبسي أو طوبال... ولهذا شخصياً لن أدعم أي مرشح، ولن أكون في أي اجتماع لم يتم فيه النظر في الطعون حول المسار الديمقراطي في الحزب. النداء بالنسبة لي هو مشروع 2012 وليس أشخاصا...".

ويبدو من خلال ما تبيّن، أن السبسي الابن يقاتل من أجل البقاء في الصفوف الأولى لقيادة الحزب، بعدما تبين له أنه أقلية في المكتب السياسي الجديد، وأن رئاسة الحزب ستذهب لغيره (يرجح أن تكون سلمى اللومي، مديرة الديوان الرئاسي)، وإن أدى الأمر الى انقسام جديد في صفوف الحزب، قد يعصف به نهائياً.

 

المساهمون