27 سبتمبر 2018
مؤامرة الكيميائي
حينما حدث القصف الكيميائي في خان شيخون، وردّت أميركا ترامب بقصف قاعدة الشعيرات التي انطلقت منها الطائرة التي قصفت، تعمّمت الرواية التي تعتبر أن ما حدث مؤامرة من أجل التدخل الأميركي، وأن النظام لم يستخدم الكيميائي أصلاً، على الرغم من أن الروايتين، الروسية والرسمية السورية، كانتا مرتبكتين، حيث جرى نفي أن طائرةً قصفت، لا روسية ولا سورية، ثم فبرك الروس رواية أن النظام قصف مخزناً للأسلحة الكيميائية أتت من العراق، ثم خرج بشار الأسد ليقول إنها تمثيلية من "ذوي القبعات البيض".
المنظور العام الذي حكم "اليسار الممانع"، و"القومجيين"، و"أزلام النظام"، هو أن أميركا فبركت الحادث لكي تتدخل عسكرياً، وأتت الضربة الصاروخية لكي "تؤكد" هذه النية. بمعنى أن أميركا كانت تخطّط للتدخل العسكري "ضد النظام السوري"، وأنها افتعلت الحادث، لكي تبرّر تدخلها. وقد امتلأت صفحات الممانعين بالكلام عن المؤامرة، وربما صدّقوا الأمر الى حدٍّ جعلهم يغرقون في حالة من الرعب. طبعاً جميل أن يعيش هؤلاء حالة رعب.
بعد أسابيع من الحادث، يظهر واضحاً أن أميركا لم تتدخل، وأنها تفاوض الروس، وتريد التفاهم على حلّ سياسي في سورية، وتقبل بدور روسي أساسي، ولم تتوقف المفاوضات بين الطرفين، الأميركي والروسي، بشأن الحلّ. لكن، هل يتذكر هذا "اليسار الممانع"، وهؤلاء "القومجيون" رعبهم؟ أو هل توصلوا إلى استنتاج أن تحليلهم كان خاطئاً، وأن أميركا لم تفتعل شيئاً، بل ردّت على إحراجٍ أوقعها فيه النظام ذاته، بعيد أيام من رسالةٍ بعثها ترامب إلى بشار الأسد؟ ومن ثم أن النظام فعلاً هو الذي استخدم الأسلحة الكيميائية؟
لا أظن أن هؤلاء يتذكّرون ما حدث حينها، ولا ما قالوه أيضاً، فلديهم ذاكرة السمكة التي تلغي ما كان قبل لحظة. وأيضاً هم "عظماء" لا يخطئون، وبالتالي لم يقعوا في خطأ سابقاً. وكذلك هم يثقون بالنظام، وبأن كل ما يفعله صحيح. لكنهم أوهمونا أن أميركا ستتدخل، وأنها اصطنعت خبر استخدام الكيميائي من أجل ذلك. لكن أميركا لم تتدخّل، ولم تغيّر سياستها القائمة على التفاهم مع روسيا، وظهر أن الصواريخ التي أطلقتها هدفت إلى التنبيه فقط، وكذلك إزالة الإحراج عن ترامب المتهم بممالأة روسيا. وبالتالي، لم يكن للتشبيه بوضع العراق معنى، وإن الكذب الأميركي هناك لم يتكرّر في سورية، بالضبط لأن أميركا لا تريد التدخل العسكري المباشر كما فعلت في العراق، وإنها موجودة في سورية جزءاً مع المساومات مع روسيا، وليس لأنها تريد الاحتلال، بالضبط لأنها "باعت" سورية لروسيا منذ خمس سنوات.
ليظهر هنا كيف أن إعلام النظام وعملاءه يستخدمون "البعبع" الأميركي لاستمرار حشد الممانعين، وأن هؤلاء يتطيّرون من سماع اسم أميركا. لهذا يهبّون لدعم النظام، وهو يرتكب كل الجرائم التي يرتكبها. لكن المشكل في هؤلاء الممانعين الذين ينجرفون لـ "الدفاع عن النظام الوطني" فقط لأن "الترويسة" تشير إلى "المؤامرة الأميركية". هي حالة هوس تجاه أميركا تمنع التدقيق في الأحداث وفهم ما يجري، وبالتالي الانجراف إلى مساراتٍ ليست بعيدة عن أميركا. ربما هوس مرَضي ينتاب هؤلاء، ما يجعلهم يغرقون في الأوهام التي توصلهم إلى "خدمة المخطط الإمبريالي".
إذن، لم يتفبرك شيء، لكي تبرِّر أميركا الإمبريالية تدخلها، وما حدث هو حقيقة، حيث استخدم النظام غاز السارين ضد السكان في خان شيخون. هكذا ببساطة هو الأمر، بغضّ النظر عن "أفلام" النظام، وأوهام الممانعة. ولأن النظام هو الذي قام بذلك، وأحسّ بأنه ارتكب خطأ في الحساب، لم يعرف كيف يغطّي على فعلته. لهذا ظهرت ثلاث روايات على الأقل بما حدث، وهي متناقضة، وتكشف ميل النظام إلى الهروب مما فعل.
أعرف أن اليسار الممانع لا يدقّق، ولا يراجع، وهو ينطلق من دعم أعمى للنظام، وبالتالي يقبل أي روايةٍ يقولها، ولا يكترث لانكشاف زيفها، فهو مجرور تحت عبء أوهامه الأيديولوجية.
المنظور العام الذي حكم "اليسار الممانع"، و"القومجيين"، و"أزلام النظام"، هو أن أميركا فبركت الحادث لكي تتدخل عسكرياً، وأتت الضربة الصاروخية لكي "تؤكد" هذه النية. بمعنى أن أميركا كانت تخطّط للتدخل العسكري "ضد النظام السوري"، وأنها افتعلت الحادث، لكي تبرّر تدخلها. وقد امتلأت صفحات الممانعين بالكلام عن المؤامرة، وربما صدّقوا الأمر الى حدٍّ جعلهم يغرقون في حالة من الرعب. طبعاً جميل أن يعيش هؤلاء حالة رعب.
بعد أسابيع من الحادث، يظهر واضحاً أن أميركا لم تتدخل، وأنها تفاوض الروس، وتريد التفاهم على حلّ سياسي في سورية، وتقبل بدور روسي أساسي، ولم تتوقف المفاوضات بين الطرفين، الأميركي والروسي، بشأن الحلّ. لكن، هل يتذكر هذا "اليسار الممانع"، وهؤلاء "القومجيون" رعبهم؟ أو هل توصلوا إلى استنتاج أن تحليلهم كان خاطئاً، وأن أميركا لم تفتعل شيئاً، بل ردّت على إحراجٍ أوقعها فيه النظام ذاته، بعيد أيام من رسالةٍ بعثها ترامب إلى بشار الأسد؟ ومن ثم أن النظام فعلاً هو الذي استخدم الأسلحة الكيميائية؟
لا أظن أن هؤلاء يتذكّرون ما حدث حينها، ولا ما قالوه أيضاً، فلديهم ذاكرة السمكة التي تلغي ما كان قبل لحظة. وأيضاً هم "عظماء" لا يخطئون، وبالتالي لم يقعوا في خطأ سابقاً. وكذلك هم يثقون بالنظام، وبأن كل ما يفعله صحيح. لكنهم أوهمونا أن أميركا ستتدخل، وأنها اصطنعت خبر استخدام الكيميائي من أجل ذلك. لكن أميركا لم تتدخّل، ولم تغيّر سياستها القائمة على التفاهم مع روسيا، وظهر أن الصواريخ التي أطلقتها هدفت إلى التنبيه فقط، وكذلك إزالة الإحراج عن ترامب المتهم بممالأة روسيا. وبالتالي، لم يكن للتشبيه بوضع العراق معنى، وإن الكذب الأميركي هناك لم يتكرّر في سورية، بالضبط لأن أميركا لا تريد التدخل العسكري المباشر كما فعلت في العراق، وإنها موجودة في سورية جزءاً مع المساومات مع روسيا، وليس لأنها تريد الاحتلال، بالضبط لأنها "باعت" سورية لروسيا منذ خمس سنوات.
ليظهر هنا كيف أن إعلام النظام وعملاءه يستخدمون "البعبع" الأميركي لاستمرار حشد الممانعين، وأن هؤلاء يتطيّرون من سماع اسم أميركا. لهذا يهبّون لدعم النظام، وهو يرتكب كل الجرائم التي يرتكبها. لكن المشكل في هؤلاء الممانعين الذين ينجرفون لـ "الدفاع عن النظام الوطني" فقط لأن "الترويسة" تشير إلى "المؤامرة الأميركية". هي حالة هوس تجاه أميركا تمنع التدقيق في الأحداث وفهم ما يجري، وبالتالي الانجراف إلى مساراتٍ ليست بعيدة عن أميركا. ربما هوس مرَضي ينتاب هؤلاء، ما يجعلهم يغرقون في الأوهام التي توصلهم إلى "خدمة المخطط الإمبريالي".
إذن، لم يتفبرك شيء، لكي تبرِّر أميركا الإمبريالية تدخلها، وما حدث هو حقيقة، حيث استخدم النظام غاز السارين ضد السكان في خان شيخون. هكذا ببساطة هو الأمر، بغضّ النظر عن "أفلام" النظام، وأوهام الممانعة. ولأن النظام هو الذي قام بذلك، وأحسّ بأنه ارتكب خطأ في الحساب، لم يعرف كيف يغطّي على فعلته. لهذا ظهرت ثلاث روايات على الأقل بما حدث، وهي متناقضة، وتكشف ميل النظام إلى الهروب مما فعل.
أعرف أن اليسار الممانع لا يدقّق، ولا يراجع، وهو ينطلق من دعم أعمى للنظام، وبالتالي يقبل أي روايةٍ يقولها، ولا يكترث لانكشاف زيفها، فهو مجرور تحت عبء أوهامه الأيديولوجية.