كافكا
كافكا يدخّن النارجيلة في مقهـىً جَنوبيّ؛ هناك من تتأمّلُ حوارَه مع الشجرة الواقفة في إطار النافذة. أنا جئتُ من وراء صخرةٍ كان قد استراح عليها صابئيٌّ.
جئتُ إليكَ ضاحكًا، أحملُ مأساة الذي كان يحاور صخرةً.
أنت من الوَجْدُ متعبٌ
والوجْدُ شَمْسٌ ما تنفكُّ تشرقُ في البعيد:
كافكا أيُّها الباحثُ، مثلي، عن أرضِهِ الموعود.
اقتلني
اقتلني.. يا هذا البسط القابض روحي.. يا أنت تراني في الشكل، يا الصورة يا سِرَّ وجودي.
رفقاً بالقوارير أيّتُها الحرب، دعيني أدخل هذا البيت وأكون العابد والزنديق. اقتلني.. صدري كربلاء تحترق على ضفة النهر وأنت بعيد.. بك يربطني حُبٌّ قديمٌ وموروثٌ وأنا أتساقط في مرارة هذا القدح.
هاربٌ من العالم
أرفعُ كأسًا أخرى. أصرخُ على ورقي الأبيض. لماذا يقطعون الأشجار؟ سألتْ طفلةٌ.. لأنَّ في كلَّ شجرةٍ صليبًا. أرفعك قميصًا في وجهة الشَّمْس أيّها الحبُّ، يا عشبيَ المرفرف على طريق الرُعاة.
أنا لا أحبُّ هذه الكرة التي تحت قدميَّ. قد كان بإمكاني أن أكون نقطةً في شعر أندلسيّ، أيُها التصَوّفُ، يا قابضَ روحيَ العاشقة.
ذبابةٌ ذرقت على المنجد
ثمّ تحولوا إلى كومة لحمٍ. قتلوهم. قتلوا الذي كان فيَّ يضحك في الريح هائجةً. كانت الريحُ أميّ، تنوح في المقابر، وفي مأتم ٍ قريب. النهار مأتمي والليلُ طومارٌ تكتب فيه فتاةٌ عربيّةٌ ذكرياتِها.. بل ذكرياتي التي أخذت تتخمَّرُ في صـدرها. ثمّ أنت لماذا أراك هنا؟ جسدي مستنقعٌ عميق.. وروحي أغوتها مطربات. لأرحلْ من هنا.. ولأغبْ في الظلام، في الضباب.. فلأعُدْ إلى رَحِمك يا أميّ البعيدة.
منتصف الليل
ليبق المجهولُ مجهولاً ـــ لستُ غريبًا إلاّ مع العالم. مقاعدُ جالسةٌ تحدّق في الهدير. [صراصير، النهر، العشبُ: أصدقائي الضالّون مثلي والحائرون]. موقفي جسرٌ يعبر منه شخصٌ مجهول.
أدخن سيجارةً أخرى وصديقي يتمتم: فليبق المجهول مجهولاً، ويصمت.
أجزاء
ألملمُ ما تناثر مني.. في طريقٍ وحيدة. أضحك دون سبب.. ويضحك العالم معي، وأبكي أحياناً ويقول لي الكوْن هل أنت مجنون. بل ذلك مجنون يلقي بكسور الخبز إلى الطيور ويغضب مني، حين يراني لا أجيد قذف الكسور. الحياة تستمر بالضحك وأنا أعود إلى متاهات شرياني، إذ أسمعُ نارسيس، صامتاً تلقاء النهر يقول، ما أرى ليس إلاك أيُّها الماء.
* شاعر ومترجم من مواليد الأهواز (1983)
اقرأ أيضاً: خذ السكين وأخرجني من جوفي