مأساة إنسانية جنوب شرقي الرقة... ومساعدات روسية "متواضعة" للغوطة

27 يوليو 2017
من الدمار في الغوطة الشرقية (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -

يتبع الطيران الروسي وقوات النظام سياسة "الأرض المحروقة" في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، للسيطرة على بلدتين مهمتين في الطريق الذي تشقه هذه القوات باتجاه دير الزور، فيما لا تزال المعارك داخل مدينة الرقة من دون اختراقات من شأنها التعجيل بالحسم، في وقت بدأت وزارة الدفاع الروسية تطبيق بعض بنود اتفاق "القاهرة" الخاص بغوطة دمشق الشرقية. كما ذكرت وكالة "رويترز"، أن "مجموعة دول منها الولايات المتحدة، ودول أوروبية والسعودية وتركيا حثت مجلس الأمن على التحرك لإيصال المساعدات في سورية".

في هذا السياق، شهدت معارك مدينة الرقة بعض الاشتباكات المتقطعة بين "قوات سورية الديمقراطية" ومسلحي تنظيم "داعش" على بعض جبهات القتال. وذكرت مصادر في "قوات سورية الديمقراطية" أن "مقاتلي الأخيرة قتلوا 11 من مسلحي التنظيم يوم الثلاثاء، بعد محاولتهم الالتفاف عبر الأنفاق في حي نزلة شحادة جنوب مدينة الرقة". واعتمد التنظيم على شن هجمات معاكسة، وعلى استخدام سيارات مفخخة، في محاولة لشلّ قدرات القوات المهاجمة، ومنعها من التوغل أكثر داخل مدينة الرقة. واستفاد "داعش" من خلافات تفجرت بين "قوات سورية الديمقراطية" من جهة، وبين قوات "النخبة السورية"، أبرز فصيل عربي مشارك في المعركة، من جهة أخرى. وذلك على خلفية الاتهامات لـ"قوات سورية الديمقراطية" بمحاولة التفرد بالقرار العسكري. ونفت "قوات سورية الديمقراطية" الأنباء عن قيامها بتسليم بلدة العكيرشي، جنوب شرقي مدينة الرقة، لفصيل محلي موالٍ للنظام، عبر نشر صور لمقاتليها داخل البلدة. كذلك واصل الطيران الروسي اتّباع سياسة "الأرض المحروقة" لتمهيد الطريق أمام قوات النظام ومليشيات حليفة للتقدم في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، مرتكباً مجازر يومية، خصوصاً في بلدتي معدان والسبخة.

في هذا الصدد، تحدث ناشطون عن "مأساة إنسانية" في المنطقة، مشيرين إلى فناء عائلات كاملة نتيجة القصف الجوي الروسي، المتزامن مع قصف من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مدينة الرقة، مخلّفاً هو الآخر عشرات الضحايا يومياً. كذلك أشار ناشطون إلى "بدء حركة نزوح من القرى والبلدات في ريف الرقة الجنوبي الشرقي باتجاه مناطق في محافظة دير الزور". وذلك في ظلّ محاولات قوات النظام فرض نفسها على معركة تحرير الرقة، عبر شقّ طريق لها في ريفها الجنوبي الشرقي باتجاه محافظة دير الزور. كما حاولت قطع الطريق أمام دخول أي قوات تتبع التحالف الدولي في معركة انتزاع دير الزور المنتظرة بعد انتزاع السيطرة على مدينة الرقة. واتجهت الأمور في الشرق السوري إلى مزيد من التأزيم في تنافس روسي إيراني من جهة، وأميركي من جهة أخرى، يؤججه تضارب كبير بمصالح القوى العسكرية.

في موازاة ذلك، بدأت روسيا خطوات في طريق تطبيق اتفاق القاهرة المتعلق بوقف التصعيد في غوطة دمشق الشرقية، والذي وُقّع في العاصمة المصرية القاهرة في 20 يوليو/ تموز الحالي، مع إعلان وزارة الدفاع الروسية أمس الأربعاء، أنها أرسلت مساعدات إلى بلدات ومدن الغوطة. ولكن مصادر محلية أكدت لـ "العربي الجديد" أن "لجنة مدنية تسلّمت يوم الثلاثاء حمولة ثلاث سيارات تتضمّن مواد غذائية مثل الرز والسكر والمعكرونة، ومواد طبية، ومعلبات لحم عجل مصنعة منذ عام 2013". ووصفت المساعدات بـ "الخجولة، والمتواضعة"، مضيفة أنه "لا تظهر جدية الروس في تطبيق الاتفاق، وفرضه على النظام".



بدورها، نشرت قاعدة حميميم العسكرية الروسية صوراً لما قالت إنها "مساعدات لأهل الغوطة الشرقية"، في محاولة واضحة للتأكيد على بدء تطبيق الاتفاق. وذكرت المصادر أن "الشرطة الروسية انتشرت في معبر مخيم الوافدين، والذي يربط الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق"، مضيفة أنه "لا توجد حركة خروج أو دخول مدنيين من المعبر".

من جهته، أفاد الناشط الميداني محمد الغوطاني لـ "العربي الجديد"، بأن "الطيران الحربي التابع للنظام شنّ غارتين على بلدتي زملكا واوتايا في الغوطة الشرقية، ما أدى إلى مقتل طفلة، وإصابة آخرين"، مشيراً إلى "حدوث اشتباكات على جبهة عين ترما بين قوات المعارضة، وقوات النظام".

في غضون ذلك، لم تتضح بعد مسألة شمول اتفاق القاهرة مناطق سيطرة "فيلق الرحمن"، ثاني أهم فصائل المعارضة في الغوطة، بعد "جيش الإسلام". وأكدت مصادر في تيار "الغد السوري" الذي أدى دور الوساطة في اتفاق القاهرة، لـ "العربي الجديد"، بأن "الفيلق لم يوقع على الاتفاق بعد"، داعياً إلى التعجيل في التوقيع. كذلك أكد مصدر في "فيلق الرحمن" لـ "العربي الجديد" أن "الفيلق يتابع الأمر بعيداً عن التيار"، مشيراً إلى أن "قيادة الفيلق تعمل لما فيه مصلحة الثورة".

مع العلم أن اتفاق القاهرة نصّ على "توقف كامل للقتال، وإطلاق النار من جميع الأطراف، وعدم دخول أية قوات عسكرية تابعة للنظام السوري، أو قوات حليفة له إلى الغوطة الشرقية، مع فتح معبر مخيم الوافدين من أجل عبور المساعدات الإنسانية، والبضائع التجارية، وتنقل المواطنين بشكل عادي". كذلك نصّ الاتفاق على أن "تقوم الشرطة العسكرية الروسية بالتمركز في نقاط مراقبة على مداخل الغوطة الشرقية الرئيسية من أجل مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار".