ليلة السابع والعشرين في المغرب

22 يونيو 2017
ليلة للصلاة أيضاً (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -
ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان في المغرب ليست عادية. هذه الليلة تشهد طقوساً احتفاليّة كثيرة، وقد يبدو بعضها غريباً أحياناً، منها الاحتفال بالأطفال الصغار الذين يصومون لأوّل مرة، وإضاءة الشموع في البيوت، وغيرها.

وتصرّ عدد من العائلات المغربيّة على الاحتفال بالطفل الذي يصوم لأوّل مرة، وذلك من خلال تحضير مائدة فيها كلّ ما لذّ وطاب من طعام وشراب، وذلك تقديراً لهذا الحدث الهام بالنسبة للطفل. وإذا كان الصائم صبيّاً صغيراً، تحرص أسرته على الإفطار على سطح المنزل، وأن يأكل التمر وقت الإفطار مع القليل من الحليب. وقد يقف على درج سلّم خشبي خلال تناول الإفطار، لتنطلق الزغاريد والتصفيق عند جلوس الطفل لمشاركة الكبار مائدة الإفطار بعد يوم طويل من الجوع والعطش.

أمّا إذا كانت الصائمة طفلة، فإنّ الاحتفال يكون مختلفاً تماماً، وتحرص الأم على وضع الحناء على يد طفلتها التي تصوم للمرة الأولى في حياتها تشجيعاً لها، وترتدي الزيّ التقليدي الذي يسمى "القفطان"، والذي يلائم عمرها.

سميرة فليفلة، وهي والدة الطفلة رباب (13 عاماً)، تقول لـ"العربي الجديد"، إنّ ابنتها صامت أول يوم في حياتها ليلة السابع والعشرين من رمضان الماضي، مضيفة أنها أعدّت لها احتفالاً جميلاً حتى تتذكّر ذلك اليوم بكلّ تفاصيله. وتشرح أنّ المائدة احتوت كل ما تشتهيه ابنتها من طعام وشراب، قبل استدعاء "النقّاشة" التي وضعت الحناء على يدي رباب فقط، وليس على قدميها، لأن ذلك فأل سيئ. تضيف أنّه في السابع والعشرين من رمضان، يصوم الصبي أو الفتاة في أجواء من البهجة، ما يجعل الأطفال يحبّون الصيام. كذلك، ترتدي الفتاة زياً تقليدياً تتباهى به بين الجيران، وسط زغاريد وفرح كبير كأنها عروس صغيرة.

أمّا الصبي الصغير، الذي يصوم لأوّل مرة، فيرتدي جلباباً أو "ضراعية"، وهو لباس تقليدي، ولا يفطر إلّا من خلال تناول التمر والحليب أو بيضة بعد سماعه أذان المغرب. وغالباً ما يحدث ذلك على السطح، أو وهو واقف على سلم خشبي، من باب الفأل الحسن. هكذا يعتقد العديد من المغاربة. وفي هذه الليلة أيضاً، لا يهدأ عمل المصوّرين، إذ تقصدهم الأمهات برفقة أبنائهن الصغار وهم يرتدون أبهى الملابس، من أجل التقاط صور فوق "العمارية"، وهي المائدة التي تُحمل عليها العروس ليلة زفافها.



في هذا السياق، يقول المصوّر حميد أبازوغ إنّه في ليلة السابع والعشرين من رمضان، يزيد دخله بالمقارنة مع سائر أيام العام، بسبب كثرة تصوير الأطفال وأسرهم في ليلة القدر والليلة التي تليها. وتُزيّن بعض الأمكنة أو الخيام بالأضواء المختلفة والكراسي، إضافة إلى "العمارية" التي تجلس الفتاة عليها. أمّا الصبي، فيجلس فوق حصان، وتمتدّ ساعات التصوير أحياناً حتى الفجر، إضافة إلى الليالي التي تلي السابع والعشرين، بسبب كثرة الإقبال والزحام.

أيضاً، في هذه الليلة المباركة، يتوافد آلاف المصلين على المساجد لختم القرآن. ليس هذا فقط، بل تشهد البلاد بعض الطقوس الغريبة. تقول مليكة، وهي في عقدها الرابع، لـ "العربي الجديد"، إنّها تحرص على إطفاء أنوار المنزل كلّها، وإضاءة الشموع في أرجاء البيت، ثم مغادرة المكان حتى وقت الفجر. وتعزو الأمر، ومثلها كثيرات، إلى "استحضار البركة التي تعمّ طيلة العام وحتّى رمضان المقبل. كما أن إطفاء الأضواء وإضاءة الشموع يساهم في طرد الأرواح الشريرة من البيت".

إلى ذلك، تلجأ نساء أخريات إلى أعمال الشعوذة في ليلة السابع والعشرين، خصوصاً إذا كنّ راغبات في تليين قلب الزوج أو تطويعه ليكون رهن إشارتهن، أو لتقريب الحبيب، وغيرها من الأسباب. هؤلاء يعتقدن أنّه في هذه الليلة، يفك أسر الجن والشياطين التي تكون محبوسة طيلة الشهر.

ويوضح الباحث في السحر المصطفى واعراب، في كتابه حول خلفيات هذه الطقوس، أن هذه الليلة، بالنسبة للّذين يؤمنون بالسحر، ترتبط بأمرين: الأول هو أنّ النصف الثاني من الأشهر القمرية الهجرية، ورمضان أهمها على الإطلاق، يعدّ مناسباً لأعمال السحر. والثاني يتمثّل في المعتقد السائد بأن الجن يسجن خلال شهر رمضان ولا يتحرّر إلا في أواخره، موضحاً أنّ أعمال السحر التي تُمارس خلال هذه الفترة تندرج ضمن السحر الأبيض الذي لا يعد مؤذياً، بل هو مجرّد وسيلة وقاية تختار زوجات راغبات القيام بها حفاظاً على استقرارهن الأسري، خصوصاً في حال كان هناك بعض المشاكل.