ليس بالسلاح وحده

30 أكتوبر 2014
+ الخط -

ليس سراً أن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لا يملك رؤية واضحة لكيفيّة إدارة هذه الحرب. مثلما أنه ليس صعباً تحديد المساحة الجغرافية التي تدور عليها هذه الحرب، وهي المنطقة العربية. بالتالي، يُمكن الخروج باستنتاج بسيط، من أن الغرب بقيادة واشنطن، يخوض معركة غير واضحة المعالم ولا أفق زمنياً وسياسياً لها في المنطقة العربية. ما يعني أن شعوب هذه المنطقة هي التي ستدفع ثمن هذه الحرب. منذ إعلان الغرب أن "داعش" يُشكّل خطراً "على الإنسانية"، سار العالم العربي، بإداراته على الأقل، في ركْب هذه المعركة. واندمجت وسائل إعلامنا بعمليّة تصوير "داعش" والمتشددين الإسلاميين، كما اعتمدها الإعلام الغربي.

لكن لنعد سنوات قليلة إلى الوراء. بدأ تبلور السلفية الجهادية، وعملها العسكري، في العقود الأخيرة، في المعارك التي خاضها المجاهدون الأفغان، ومن انضم إليهم من مجاهدين عرب وغير عرب، في وجه الاتحاد السوفييتي. انتصر هؤلاء في حرب العصابات، لكنهم فشلوا في إنتاج دولة تستطيع الدخول في منظومة الدول المعترف بها رسمياً.

منذ السبعينيات، وهذا النهج يتجه من "انتصار" إلى آخر، بحسب مناصريه، حتى باتوا موجودين في كلّ منطقة عربيّة. استند السوفييت في صراعهم مع السلفيين الجهاديين إلى العمل العسكري، وهُزموا. كرّر الأميركيّون التجربة بالاعتماد على العسكر وحدهم، ويُمكن القول إنهم هُزموا. فمن يُقارن واقع الجهاديين بين عام 2003 واليوم، يُدرك كيف بات للجهاديين دولة.

وهم القضاء على الجهاديين بلغة السلاح تكرر فشله، لكنه لا يزال موجوداً في العقل الذي يُدير المواجهة مع هؤلاء. هذا ما نراه في العراق وسورية على الأقل. وها إن لبنان قد دخل في قلب المواجهة المباشرة معهم، ويستند إلى المنطق ذاته: السلاح حصراً. الأكيد أن هذا العمل العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من القوة والتطور للجهاديين. فهؤلاء ليسوا مجرد هواة قتل وعنف، بل تعبير عن فشل الدولة في المنطقة العربية، عمره عشرات السنوات. فشل توّج بأنظمة استبداديّة لجأت إلى العنف "لتربية" شعوبها. هؤلاء نتاج لأزمة اجتماعيّة ــ سياسيّة ــ ثقافية يعيشها العالم العربي؛ فكيف يُمكن للسلاح أن يقضي عليهم؟
المساهمون