ليبيون عالقون في الخارج بسبب كورونا

15 اغسطس 2020
غادروا ليبيا في زمن كورونا (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يُعاني مئات المواطنين الليبيين ظروفاً معيشية صعبة خارج البلاد، على الرغم من إعلان السلطات تسيير عدد من الرحلات لإرجاع العالقين خارج البلاد بعد إقفال الحدود، كأحد الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا. ويتوزّع العالقون في عدد من الدول من بينها تركيا وتونس والمغرب وإيطاليا وبريطانيا وجنوب أفريقيا وماليزيا، كما يقول عضو لجنة متابعة أوضاع العالقين التابعة لحكومة الوفاق الوطني إسماعيل الشريف. ويشير إلى عرقلة إجراءات مواصلة إرجاع العالقين لأسباب عدة.
واتصلت "العربي الجديد" بعدد من العالقين خارج البلاد، الذين أكدوا أنهم يعيشون أوضاعاً صعبة ويتلقون مساعدات من سلطات البلدان التي يعيشون فيها.
ويقول فراس الشامس الذي يعيش في مدينة ميلانو الإيطالية: "أعيش وأسرتي كنازح وأتلقّى مساعدات من السلطات في البلاد، خصوصاً الجامعة التي أذنت لي بإرجاء دفع الأقساط الدراسية المستحقة على الرغم من توقف الدراسة". وعن أسباب عدم تمكنه من العودة، يقول لـ "العربي الجديد": "الرحلات التي سيّرتها شركات الطيران الليبية كانت محدودة ولا تكفي لنقل جميع العالقين. وتدخل المحسوبية والعلاقات الشخصية للحصل على مقعد في تلك الرحلات"، مشيراً إلى أن غالبية موظفي السفارة الليبية غادروا إيطاليا ولا تجاوب مع مطالب العالقين.

أما عبد المنعم جود، العالق وأسرته في مدينة كوالالمبور الماليزية، فيؤكد أن حكومتي البلاد، الوفاق في طرابلس والمؤقتة في شرق البلاد، لم تسيرا أي رحلة لإرجاع العالقين حتى الآن، مشيراً إلى أن السبب هو حالة الانقسام الكبير بين موظفي السفارة الليبية بحسب ولاءاتهم الحكومية، الأمر الذي انعكس على تواصلهم مع الحكومتين.
ويعيش جود وأسرته، إضافة إلى أسرتين توجهتا إلى ماليزيا بهدف الدراسة، من خلال المساعدات التي يتلقونها من رجال أعمال ليبيين أو التحويلات المالية التي يرسلها الأهل. لكنه يؤكد أن أحوالهم "صعبة والمساعدات لن تستمر".
واعتصم عدد من الطلاب الليبيين الذين يدرسون في كوالامبور أمام السفارة الليبية مرات عدة، كان آخرها نهاية الشهر الماضي، وأعلنوا رفضهم قرار وزير التعليم المكلف في حكومة الوفاق الوطني حمد عماري زايد، الذي ينص على إيقاف المنح الدراسية للطلاب المبعوثين إلى الخارج.
ويؤكد المعتصمون إهمال حكومة الوفاق الوطني أوضاعهم التي وصلت إلى درجة قطع منحهم الدراسية، مطالبين بضرورة فتح جسر جوي لإرجاعهم إلى البلاد. أما في تونس، فقد نظم ناشطون ليبيون حملات لجمع تبرعات للعائلات العالقة في المدن القريبة من الحدود الليبية التونسية، والتي تقيم بشكل جماعي في منازل مستأجرة في مناطق في نقردان وجرجيس. ويؤكد صلاح دمشو، أحد العالقين في بنقردان، أن كل محاولاتهم للتواصل مع مسؤولي بوابة رأس جدير الحدودية باءت بالفشل بسبب رفض سلطات حكومة الوفاق الوطني فتح المعبر لمرور العالقين، مشيراً إلى أن حملة التبرعات قللت من حجم المعاناة التي يعيشونها.
وقدرت لجنة متابعة العالقين خارج البلاد التابعة لوزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، عدد العالقين بـ 15 ألف مواطن ليبي في 45 دولة، قبل أن تبدأ في تسيير رحلات جوية لإعادتهم منذ مطلع مايو/ أيار الماضي. لكن تراجع نشاطها بشكل كبير بسبب عدم تقيد العائدين بإجراءات الحجر الصحي، تسبب في إضافة عوامل جديدة لتفشي الفيروس في البلاد، بحسب الشريف. 
ويتطرق إلى أسباب أخرى لعدم عودة العالقين، من بينها الانقسام الحكومي. فلدى المؤسسات الحكومية الموازية في شرق البلاد إجراءات وقرارات خاصة بها لإرجاع العالقين في الدول الموالية لها، ما صعب من جهود اللجنة.

من جهته، يقول هشام صيدون الذي يدرس بجنوب أفريقيا إن هذه الحجج "واهية، فقد عزلنا أنفسنا المدة التي حددها الأطباء وكررنا الأمر من دون تجاوب من السفارة التي غادر معظم موظفيها". ويرى أن اللجنة عجزت عن متابعة قضيتهم.

ويقول صيدون لـ "العربي الجديد" إن غالبية العالقين في جنوب أفريقيا طلاب بُعثوا إلى الخارج للدراسة. "لكن السفارة ووزارة التعليم وكل الجهات تجاهلتنا تماماً. نعيش ظروفاً قاهرة لولا الإعانات المالية التي تصلنا من أسرنا وتجاوب سلطات البلاد التي نقيم فيها".
لكنّ الشريف يرى أن العوائق التي تواجه لجنته كثيرة، من بينها عدم السماح لطائرات حكومة الوفاق بالوصول إلى عدد من البلدان التي لديها موقف سياسي منها. ويشير إلى عائق آخر يتمثل في "رفض الكثير من العائدين من دول عدة، من بينها تركيا، إجراءات العزل والحجر الصحي ومغادرتهم بيوتهم. وتعاني مدنهم اليوم بسبب انتشار كبير للفيروس وتحولها إلى مناطق موبوءة". ويؤكد مواصلة جهود لجنته والطلب من العالقين ضرورة التعهد بالخضوع للحجر الصحي، حتى تتجاوز البلاد مرحلة الخطر الحالية.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت السلطات الصحية في ليبيا عن ازدياد عدد حالات الإصابة بكورونا في البلاد، عازية سبب أكبر تفش في مدينة سبها إلى عودة مواطنين عالقين في الخارج. وأغلقت ليبيا حدودها في مارس/ آذار الماضي، بهدف وقف انتشار المرض، لكنها بدأت في مايو/ أيار الماضي ترتيب رحلات لإعادة مواطنيها العالقين في الخارج. 

المساهمون