كشفت مصادر مصرية خاصة وأخرى غربية في القاهرة عن قيادة روسيا وساطة أخيراً بين مصر وتركيا بهدف تهدئة الصراع بين البلدين، بشكل يسهم أيضاً في عدم الإضرار بمصالح موسكو المشتركة مع الطرفين.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن موسكو استطاعت أن تقنع كلاً من أنقرة والقاهرة بضرورة خفض التوتر بينهما، في الوقت الراهن، لمنع إشعال الأوضاع في المنطقة، بما يضر بمصالح الجميع، في وقت لدى البلدين ملفات أهم تحتاج إلى مزيد من التركيز. وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الوساطة الروسية بين مصر وتركيا اتخذت من الوضع في ليبيا منطلقاً لها، بهدف منع قيام أي من الطرفين بتصرفات من شأنها وقوع احتكاكات لا ترغب موسكو بها. وأوضحت المصادر أن موسكو سعت لاستثمار نجاح وساطتها بين القاهرة وأنقرة، بشأن خفض التوتر في ليبيا، بحيث تمتد لمنطقة شرق المتوسط، التي تشهد حالياً توتراً بسبب الصراع حول مناطق الغاز.
تحفظت مصر على تطوير التفاهمات مع تركيا لتشمل الصراع في شرق المتوسط
وتابعت المصادر أنه في الوقت الذي رحبت فيه أنقرة بتطوير تفاهمات مع القاهرة، لتشمل الصراع في شرق المتوسط، إلا أن مصر تحفّظت، متمسكة باقتصار المشاورات على ليبيا، وترحيبها، في الوقت ذاته، بأي اتفاق من شأنه عدم تصعيد الأوضاع هناك ومنع اندلاع أية مواجهات عسكرية.
وحول ما إذا كانت الوساطة الروسية تطرقت إلى ملفات أمنية مشتركة بين القاهرة وأنقرة، وبالتحديد ما يتعلق بالمطالب المصرية الخاصة بتسليم معارضين للنظام يتواجدون على الأراضي التركية، وكذا وقف القنوات المعارضة التي تبث من إسطنبول، نفت المصادر وثيقة الصلة بعملية الوساطة، صحة ما يتم تداوله في هذه الأثناء، قائلة إن "القاهرة تحفظت على المفاوضات بشأن شرق المتوسط، بينما رفضت أنقرة الحديث بشأن ملف استضافتها معارضين مصريين". وأضافت "لا ندري ما إذا كانت هناك أية مفاوضات أخرى جرت بين الطرفين بعيداً عن الوساطة الروسية"، لكنها استدركت أن "هذا مستبعد".
في مقابل ذلك، كشفت مصادر مصرية خاصة عن توجيه الولايات المتحدة الأميركية تحذيرات للإمارات بشأن ما وصفته المصادر بدور تخريبي لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في ليبيا أخيراً. وقالت: "أبوظبي كانت رافضة لهذا الاتفاق، نظراً لما يسمح به بدور تركي واسع، بالإضافة لسماحه لكل من أنقرة وموسكو بتقاسم حقوق الانتفاع بالغاز في تلك المنطقة". وكشفت المصادر أن أميركا رصدت تحركات إماراتية لإفساد الاتفاق، والتواصل مع مجموعات مسلحة في ليبيا، بهدف تأجيج حرب جديدة بين طرفي الصراع، عبر تحركات عسكرية في منطقة التماس بين قوات حكومة الوفاق، والمليشيات التابعة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومجموعات مرتزقة "فاغنر" عند حدود سرت. وأوضحت المصادر أن أبوظبي سعت لإقناع القاهرة برفض اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما عارضه صانع القرار المصري، الذي وجد في الاتفاق مخرجاً جيداً له من إعلان "الخط الأحمر" الذي حدده عند منطقة سرت والجفرة، في وقت لا ترغب فيه مصر بمواجهة عسكرية مع تركيا على الأراضي الليبية.
سعت أبوظبي لإقناع القاهرة برفض اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما عارضه صانع القرار المصري
وكشفت المصادر عن تحركات متسارعة من جانب حفتر، لتجهيز مقر إقامة له خارج ليبيا، بعدما تيقّن بنهاية دوره، خصوصاً بعدما فشل في إقناع حلفائه بضرورة استمرار الحرب. وأعلن الناطق باسم مليشيات حفتر، أحمد المسماري، في وقت سابق، رفضه للاتفاق، مؤكداً رفض سحب مليشياتهم من مناطق سرت والجفرة، كما توافق كل من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، ورئيس البرلمان التابع لمعسكر شرق ليبيا عقيلة صالح.
في غضون ذلك، كشفت مصادر ليبية مقربة من معسكر شرق ليبيا، عن تحويل مبالغ كبيرة إلى حسابات تابعة لحفتر خارج البلاد أخيراً، موضحة أن مصرف التجارة والتنمية حوّل ملياري دينار ليبي (نحو مليار و462 مليون دولار)، لحساب تابع لقائد مليشيات شرق ليبيا، مؤكدة أن إجمالي المبالغ التي تم تحويلها لصالح حسابات حفتر وأبنائه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تجاوزت الـ6 مليارات دينار ليبي.