بينما تسعى السلطات في ليبيا إلى إعادة التلاميذ إلى فصولهم واستكمال ما تبقى من العام الدراسي، يتخوف أولياء الأمور من كورونا، ويرفضون العودة
ما زالت قرارات وزارتي التعليم بحكومتي ليبيا، في العاصمة طرابلس، وفي البيضاء شرقي البلاد، بشأن استئناف عمل المدارس، محل جدل لدى أولياء الأمور، وعموم المواطنين.
وكان وزير التعليم المُكلف بحكومة الوفاق في طرابلس، حمد عماري زايد، قد أعلن الأسبوع الماضي عن قرار الوزارة بشأن استئناف الدراسة التدريجية للشهادة الثانوية أولاً لاستكمال ما تبقى من المقررات الدراسية اعتباراً من 29 أغسطس/ آب الجاري، وبشأن استكمال مقررات الدراسة للمرحلة الأساسية اعتباراً من 12 سبتمبر/ أيلول المقبل. وبالرغم من أنّ الوزارة في طرابلس، أشارت إلى أنّ قرارها جاء بعد مشاورات مع اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا، وأنّها انتهت إلى زيادة أعداد فرق الرصد والتقصي في المدارس والمباني التعليمية، تحسباً لأيّ إصابة بالفيروس، فإنّ أولياء أمور كثيرين أبدوا اعتراضهم على القرار بسبب تزايد الإصابات بالفيروس في ليبيا عموماً. يوم أمس الثلاثاء، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض (حكومي) عن تسجيل 199 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليتجاوز العدد الإجمالي للإصابات 11 ألفاً، من بينها أكثر من 9700 إصابة نشطة، بالإضافة إلى 200 وفاة، ونحو 1100 شفاء.
رداً على اعتراضات أولياء الأمور، يقول ضو السائح، المسؤول بمكتب التعليم بمنطقة القربولي، المجاورة لطرابلس، إنّ قرار الوزارة خيّر أولياء الأمور ما بين إرسال أبنائهم إلى المدارس أو عدم إرسالهم. يتابع السائح لـ"العربي الجديد" أنّ "القرار يتعلق باستكمال المقررات الدراسية قبل دخول التلاميذ في امتحانات الشهادات الإعدادية والثانوية ويمكن للتلميذ أن يكمل مقرره من خلال الحصص الخاصة أو بالاعتماد على قدراته". وبينما يلفت السائح إلى أنّ هذه الاجراءات هي أقصى ما يمكن أن توفره الوزارة، يعترض عمار بالكريعات، ولي أمر أحد التلاميذ، على شكل القرار بالقول: "لا أعرف كيف يكون استكمال المقرر الدراسي اختيارياً... هو بكلّ تأكيد إجباري". يتحدث بالكريعات لـ"العربي الجديد" أنّ "أولياء الأمور لا يمتلكون كلهم القدرة على توفير معلمين خصوصيين لا سيما من لديه أكثر من طفل، وبالتالي لا يمكننا إرسال أولادنا لمواجهة خطر التقاط العدوى في المدارس".
من جهتها، اضطرت فرح محفوظ، وهي تلميذة تنتظر أداء امتحانات شهادة الثانوية العامة، من مدرسة المنارة بطرابلس، للالتحاق بإحدى المدارس الخاصة في مدينة مسلاته بسبب نزوحها خارج طرابلس، إذ تقيم المدارس الخاصة دورات استثنائية في المقررات الدراسية ومراجعتها. وتؤكد محفوظ أنّ إدارة التعليم التابعة للوزارة لم تعمل على فرض أيّ إجراءات للوقاية من تفشي الوباء في هذه المدارس الخاصة. وتقول لـ"العربي الجديد" إنّ الاختلاط كبير في فصول المدارس الخاصة: "ليس لنا مفرّ لتعويض ما فاتنا من مقررات إلا هذه المدارس، فيما الوزارة تفرض علينا قيوداً وضغوطاً لكنّها تغضّ النظر عن أوضاع هذه المدارس الخاصة". وبالرغم من اجتهادها ورغبتها فإنّ والدتها أسماء، قررت منعها من المشاركة في الامتحانات النهائية. تقول أسماء إنّها معلمة في المرحلة الأساسية وعلى دراية بقرارات الوزارة التي تروج لاكتمال الاستعدادات لإجراء الامتحانات النهائية. وتوضح أسماء في حديثها إلى "العربي الجديد" أنّ "المدارس التي حددتها الوزارة لكي تكون مقراً للامتحانات لم تتوفر فيها أدنى شروط السلامة من التعقيم والمسافات القانونية إلى الأمن"، مشيرة إلى أنّ أرقام الإصابات بالفيروس في ليبيا تتزايد بشكل كبير. وتضيف أنّ "الأمر لا يتعلق بإجراء الامتحانات فقط، بل باستعداد هذه المدارس لاستقبال التلاميذ لاستكمال مقرراتهم الدراسية"، لافتة إلى أنّ الرفض ليس فقط من قبل أولياء الامور بل من المعلمين أيضاً ممن يرفضون الالتحاق بالتعليم في ظل عدم توفر أيّ إجراءات وقاية.
لكنّ السائح يلفت إلى أنّ الأوضاع في البلاد غير مستقرة، ويد سلطة الوزارة لا تطاول عدداً من المدن التي أعطيت صلاحيات كاملة لبلدياتها للعمل على تأمين المدارس حال عودة الدراسة إليها، مشيراً إلى أنّ الوقت ما زال مبكراً لانتقاد عمل الوزارة، إذ هناك ما يكفي من وقت لتزويد المدارس بالإمكانات اللازمة للوقاية من الوباء.
من جانبه، يقول بالكريعات إنّ هدم وتضرر عدد من المدارس بسبب الحرب، سيضطر السلطات لنقل تلاميذها إلى مدارس أخرى ما يعني اكتظاظها، وعندها لن تتمكن اللجان المشرفة من تطبيق أيّ إجراء، وأولها فرض مسافات تباعد مطلوبة بين التلاميذ، معبراً عن خشيته من أن تتحول المدارس إلى بؤر للفيروس.