يشكو الكثير من الليبيين من نقص الأدوية في المستشفيات الحكومية وارتفاع الأسعار بشكل كبير في الصيدليات الخاصة، في الوقت الذي تسببت موجات الغلاء، في البلد الذي تمزقه الصراعات في تراجع القدرات الشرائية وتدني الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات.
سالم التاجوري، أحد المواطنين الذي دأب في الفترة الأخيرة على توفير أغلب احتياجاته من أدوية القلب من الصيدليات الخاصة في العاصمة طرابلس، قال لـ"العربي الجديد" إن فاتورة شراء الأدوية من الصيدلية تصل إلى 80 دينارا شهريا (57.9 دولارا)، بينما توقفت المستشفيات الحكومية عن صرفها لأشهر، ولدى توفرها فإنها لا تكفي.
وتسببت أعمال النهب والصراعات المسلحة المستمرة في تدمير المرافق الطبية بالعديد من المناطق الليبية، وتراكم الديون المستحقة على جهاز الإمداد الطبي الحكومي لصالح الشركات الخاصة الموردة للأدوية، ما أدى إلى وجود نقص مزمن في الأدوية والمعدات الطبية، بجانب نقص الكوادر الطبية، التي تتكون في معظمها من أطقم أجنبية.
وتبلغ ميزانية جهاز الإمداد الطبي، نحو 700 مليون دينار سنويا (507.2 ملايين دولار)، فيما تبلغ الديون المستحقة على الجهاز نحو 1.4 مليار دينار (1.02 مليار دولار).
وذكرت تقارير صادرة عن ديوان المحاسبة مؤخرا، أن ليبيا تنفق سنويا 4 مليارات دينار (2.9 مليار دولار) على الصحة والأدوية، ومازال المواطن يبحث عن العلاج والدواء في المصحات الخاصة بداخل البلاد وخارجها.
وقال علي بوغالية، الذي يدير صيدلية خاصة بمنطقة خلة الفرجان في طرابلس، إن شركات الأدوية والموردين يتحملون مسؤولية ارتفاع أسعار الأدوية إلى مستويات خيالية، مشيرا إلى أن البعض يحتكرون التوريد إلى السوق.
محمد السيليني الذي يعمل في إحدى الصيدليات الخاصة وسط طرابلس، رصد ظاهرة أخرى هي انتشار الأدوية المهربة من دول مجاورة، وحسب قوله فإن هذه الأدوية هي أرخص بنسبة تصل إلى 75% عن الأدوية الموردة من قبل الشركات العاملة في السوق الليبية.
في المقابل، قال شريف بوراي، الذي يمتلك شركة لاستيراد الأدوية، إن أزمة الدواء تعود إلى عدم تنظيم السوق، فضلا عن ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية مقارنة مع السعر الرسمي، ما يجعل التكاليف المتزايدة للاستيراد يتحملها المستهلك، مشيرا إلى أن وجود أطراف عدة في توريد الأدوية أدى إلى وجود تباين في الأسعار بين الصيدليات المختلفة.
ووفق صيادلة، فإن أسعار الأدوية المستوردة المرتبطة بقيمة الدولار ارتفعت بأكثر من أربعة أضعاف خلال السنوات الست الأخيرة، فيما اتخذت حكومة الوفاق الوطني العام الماضي 2018 إجراءات لإصلاح الاقتصاد وتحسين مستويات المعيشة.
وقال نقيب الصيادلة إبراهيم الجندي لـ"العربي الجديد" إن من المبكر الحديث عن نتائج الإصلاحات الاقتصادية وانخفاض الأسعار، لأن شركات الأدوية تحصل على اعتمادات مستندية مطلع العام، كما أن الأدوية الجديدة تستغرق شهرين لكي تصل إلى السوق المحلي وتنخفض أسعارها عن السعر الحالي.
وأضاف الجندي أنه كانت هناك لجنة لمتابعة أسعار الأدوية بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد قبل عام 2011، لكن حدثت بعد هذا العام تغيرات كثيرة واللجنة لم تقم بدورها لعدة أمور من بينها أن سعر الدولار قفز خلال السنوات الماضية، كما أن معظم الشركات كانت تورد الأدوية عبر السوق الموازية.