ليبيا: المحكمة العليا تنظر في دستورية قانون العزل

23 فبراير 2014
يتوقع أن يصدر حكم بعدم دستورية القانون
+ الخط -

تنظر الدائرة الدستورية في المحكمة العليا في ليبيا، يوم غد الاثنين، في الطعن المقدم على مدى دستورية قانون العزل السياسي، والذي أقرّه المؤتمر الوطني العام في 5 مايو/ أيار2013، ويحظر بموجبه ممارسة العمل السياسي لمدة عشر سنوات على كل مَن تولّى منصباً رفيعاً في الحكومة أو الخدمة العامة أو الجيش أو الشرطة أو القضاء أو شركات البترول المملوكة للدولة في عهد نظام معمر القذافي.

وكان أول مَن طالهم العزل بموجب هذا القانون رئيس المؤتمر الوطني العام عند إقرار القانون، الدكتور محمد المقريف، الذي بادر الى تقديم استقالته من منصبه، وخرج من الحياة السياسية. وكان المقريف قد عمل سفيراً لليبيا في الهند قبل أن ينشق عن النظام أوائل ثمانينيات القرن الماضي، ليشكل "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا"، والتي حاولت اغتيال القذافي 5 مرات.

كما طال القانون زعيم "تحالف القوى الوطنية"، محمود جبريل، الذي عمل كوزير للتخطيط في نظام القذافي وانضم إلى ثورة "17 فبراير"، وشغل منصب مدير المكتب التنفيذي في ظل المجلس الوطني الانتقالي في مقام رئيس وزراء.

وقبل إصدار قانون العزل السياسي، شهدت ليبيا أحداثاً وتجاذبات لعبت دوراً مهماً في التعجيل بإصداره، بعدما تمسك المطالبون به بإصداره بصيغته الشاملة للتخلص ممّن عملوا مع نظام القذافي، وقاموا بحصار الوزارات السيادية بالعربات المسلحة ومنعوا المسؤولين من دخولها حتى يتم إقرار القانون. وهو ما جرى فعلاً نتيجة الضغط الكبير الذي تعرضت له الحكومة والمؤتمر الوطني.

ويأتي نظر الطعن على قانون العزل السياسي غداً في ظل مطالبات شعبية برحيل المؤتمر الوطني وعدم التمديد له، وتهديدات مسلحة باعتقال أعضاء المؤتمر لاغتصابه السلطة بعد 7 فبراير/ شباط الجاري، حسب لواء القعقاع. وفي ظل ارتفاع حدّة الصراع السياسي بين تيارين رئيسيين في ليبيا: "تحالف القوى الوطنية"، بزعامة محمود جبريل المحسوب على التيار الليبرالي، وبين حزب "العدالة والبناء"، الذراع السياسي لـ"الاخوان المسلمين" والقوى الاسلامية الأخرى.

وحين أُقرّ القانون بعد ثورة "17 فبراير"، أبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، طارق متري، أعضاء مجلس الأمن الدولي أن الكثير من معايير الاستبعاد هي تعسفية وواسعة النطاق وغامضة في بعض الأحيان وتنتهك على الأرجح الحقوق المدنية والسياسية لعدد كبير من الأفراد. واعتبر أن هذا القانون يحظى بدعم سياسي كبير لكن تطبيقه يهدد بمزيد من الإضعاف لمؤسسات الدولة المتداعية بالفعل، مؤكداً أن القانون جاء بعد تصعيد في ممارسة الضغوط يمثل سابقة خطيرة في لجوئه إلى استخدام القوة العسكرية من أجل انتزاع تنازلات سياسية.

بدوره، اعتبر محمود جبريل أن قانون العزل جاء لتصفية حسابات سياسية وخلق حساسيات بين الليبيين، مشيراً إلى وجود صراع بين تيار يطالب بدولة مدنية وتيار آخر.

لكن في المقابل، تعتبر "غرفة ثوار ليبيا" قانون العزل السياسي خطاً أحمر لا يجوز المساس به باعتباره يقف حائلاً بين ثورة "فبراير"، وعودة أنصار النظام السابق الذين ثاروا عليه واسقطوه.

ويتوقع مراقبون أن تصدر المحكمة العليا حكماً بعدم دستورية القانون نظراً لتصادمه في بعض الفقرات مع المواثيق الدولية وقوانين الحقوق المدنية والسياسية، وهذا ما سيفتح الباب أمام خيارات مسلحة نظراً لتمسك المسلحين، الذين شاركوا في إسقاط نظام القذافي بالقانون؛ وهؤلاء يرون أيضاً أن قضاة المحكمة العليا أنفسهم مشمولين بالعزل السياسي كونهم كانوا يعملون في ظل النظام السابق.

في غضون ذلك، دعا ناشطون وأسر ضحايا و"غرفة عمليات ثوار ليبيا" الى الاحتشاد سلمياً أمام المحكمة صباح غد الاثنين، أثناء نظر الطعن، للتعبير عن رفضهم المساس بالقانون.

وعشية النظر بالطعن، تظاهر العشرات من الرافضين للتمديد للمؤتمر الوطني العام، مساء اليوم، أمام مبنى المحكمة العليا في طرابلس، وقدموا كشوفاً بتوقيعات قالوا إنها تجاوزت المليون توقيع لمواطنين يطالبون المؤتمر بتسليم السلطة إلى المحكمة العليا، واعتبار أعضائه مغتصبين لها منذ 7 فبراير/ شباط الجاري.