يواصل اللواء الليبي المنشق، خليفة حفتر، هجومه ويحشد في ليبيا، وسط أجواءٍ تفيد بأنّ العملية السياسية الليبية، أصبحت مهدّدة بالكامل، مع دخول المواقف السياسية، عربياً وغربياً، على الخطّ، فضلاً عن تسارع التطورات الميدانية مع محاولة اغتيال رئيس الأركان البحرية.
ونفى وزير الداخلية المكلف بتسيير الأعمال، صالح مازق، ما تداولته بعض المواقع الالكترونية من إعلان الوزارة تأييدها وانضمامها لقوات حفتر. وأكد في تصريح لقناة "النبأ" المحلية أن ما تردد محض اشاعة لا أساس لها من الصحة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن القائم بأعمال وزير الداخلية الليبي قوله إن وزارته تقف مع الشعب الليبي لا مع حفتر. وكانت وكالة "رويترز" ذكرت نقلاً عن وكالة محلية أن وزارة الداخلية الليبية أعلنت تأييد حملة حفتر.
في غضون ذلك، أصيب رئيس أركان القوات البحرية الليبية، العميد حسن بو شناق، يوم الأربعاء، بجروح مع ثلاثة من حراسه بعد اطلاق وابل من الرصاص على سيارته في منطقة جنزور (غرب طرابلس)، أثناء توجهه الى عمله من قبل مسلحين مجهولين.
وتم اسعاف المصابين وتماثلوا للشفاء، اذ كانت اصاباتهم طفيفة، حسبما أكد المتحدث الرسمي باسم البحرية الليبية، العقيد ايوب قاسم، فيما وصف رئيس مجلس مدينة طرابلس، سادات بدري، العملية العسكرية التي يقودها حفتر بأنها "محاولة لتكرار لسيناريو الانقلاب في مصر".
وأشار مصدر ليبي، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" أن محاولة اغتيال بوشناق جاءت عقب رفضه الانضمام الى قوات حفتر على غرار رئيس أركان الدفاع الجوي، جمعة العباني، الذي أعلن تأييده لتحرك حفتر.
وكان العباني أعلن انضمامه لتحركات حفتر. كما أعلن عدد من منتسبي مكتب استخبارات منطقة الأصابعة (120 كيلومتراً غرب طرابلس) والتابعين لرئاسة الأركان العامة تأييدهم لعمليته. وقالوا في بيان إنهم يؤيدون العملية التي يقوم بها الجيش الليبي ضد ما اطلقوا عليه (الإرهاب) ووقوفهم مع بناء مؤسستي الجيش والشرطة.
كما أصدرت الكتيبة الثانية للحراسة في فزان جنوب ليبيا وعدد من القبائل الموالية لنظام القذافي بيانات أعلنت فيها انضمامها لقوات حفتر، في حين أعلن عدد من قبائل مدينة الزاوية وثوار تاجوراء دعمهم للشرعية المتمثلة في المؤتمر الوطني.
في هذه الأثناء، هدّدت جماعة "أنصار الشريعة الليبية" بأنها ستردّ على أي هجوم من قوات حفتر، التي هاجمت مواقع تابعة للجماعات الإسلامية المسلحة في شرق ليبيا.
وأعلنت في بيان أن "خيار المواجهة أمر أصبح مفروضاً محتوماً حماية لمدينتا وأرضنا وعرضنا، فهذه المدينة التي شاركنا في الدفاع عنها يوم أن دخلتها أرتال الطاغوت (معمر) القذافي لن نتوانى في الدفاع عنها والذود عن أهلها وأهلنا".
وأضاف البيان "نحمل مسؤولية أي هجوم على المدينة وأبنائها لهذا الطاغوت المدعو خليفة حفتر وأتباعه، فإننا سنتعامل مع أي قوات تدخل المدينة وتهاجمها كما تعاملنا مع رتل القذافي وكتائبه".
وكانت أعمال العنف تفاقمت بعد سقوط صاروخ "غراد"، مساء الثلاثاء، على محال تجارية في منطقة السدرة جنوب شرقي العاصمة طرابلس، ما أسفر عن مقتل شخصٍ، وإصابة أربعة آخرين، بحسب وكالة "الأناضول".
كما شهدت طرابلس انفجارات شديدة في مناطق متفرقة فيها، وأفيد عن سماع دوي انفجارات وإطلاق نار قرب معسكر تابع لميليشيات "الصواعق".
ودعت غرفة عمليات "ثوار ليبيا"، كافة "المقاتلين الثوار المنضمين للأجهزة العسكرية، إلى الانسحاب المؤقت من الجيش الليبي والانصياع لأوامر آمريهم"، في إشارة لقادة المقاتلين الثوار.
وتُعدّ "غرفة ثوار ليبيا" من أهم التنظيمات المسلحة، والتي أنشئت بقرار من رئيس "المؤتمر الوطني العام"، نوري أبو سهمين في أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، وتضمّ جميع قيادات المقاتلين الثوار السابقين الذين يشرفون على تشكيلات مسلحة، وقد تم ضمها إلى رئاسة أركان الجيش الليبي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، للإشراف على الأوضاع الأمنية بالعاصمة".
كما وصلت قوات من "درع ليبيا الوسطى"، التي تُعدّ من أقوى كتائب الجيش وتضم 4 آلاف جندي، إلى طرابلس تلبية لتكليف أبو سهمين، بينما كان رئيس أركان الدفاع الجوي بالجيش الليبي، جمعة العباني، يعلن تأييده لحفتر، بحسب وكالة "الأناضول"، ولم يصدر عن السلطات الليبية، أو الجيش الليبي، أيّ تعقيب رسمي، بشأنه.
سياسياً، أعلن ممثل الأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا، ناصر القدوة، أنّه "أجرى اتصالات مع جميع الأطراف الليبية، وكذلك دول الجوار بهدف التوصّل إلى تصوّر، يخرج الليبيين من الأزمة الراهنة"، معتبرلً الحديث عن طرح مبادراتٍ مازال مبكراً للغاية". وكلّفت الجامعة الخميس الماضي، السياسي الفلسطيني، القدوة، بمنصب مبعوث الأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا.
وأشار القدوة لوكالة "الأناضول" إلى أنّ "لا بديل عن الحوار للخروج من الوضع الحالي"، لافتاً إلى أنّه "كان على جدولنا زيارة ليبيا وكنا على وشك الذهاب، لكننا نصحنا بالانتظار حتى تشكيل الحكومة الجديدة، وفوجئنا بمزيد من التدهور، وليس هناك خطة لزيارة ليبيا في الوقت الحالي وسنظل نتابع الوضع عن كثب".
وفي محاولة لتدعيم الخيار السياسي، حدّدت "مفوضية الانتخابات الليبية"، 25 يونيو/حزيران المقبل، موعداً لانتخاب البرلمان الجديد، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الليبية "وال". وأعلن رئيس المفوضية، عماد السائح، أنّه "أبلغ رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بهذا الموعد"، بحسب المصدر ذاته.
وكان من المقرر أن تنتهي الفترة الانتقالية للمؤتمر الوطني العام في 7 فبراير/ شباط الجاري، لكن أعضاءه مددوا فترة عمله لعام لضمان استمرار العمل على الدستور والانتخابات، وهو ما أثار انقساماً بين مؤيد ومعارض.
وفي 30 مارس/آذار الماضي، أقرّ المؤتمر الوطني العام قانون انتخاب مجلس النواب بنظام القائمة الفردية ليتسلم السلطة التشريعية، من المؤتمر لإدارة المرحلة الانتقالية في ليبيا، لحين إعداد دستور للبلاد.
من جهتها، أفادت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جنيفر ساكي، أنّ واشنطن "لا تدين أو تدعم" الحراك في ليبيا، وأوضحت أنّ "بلادها لم تجر اتصالاً مع حفتر منذ ما يزيد على 3 أسابيع"، داعية كلّ الأطراف إلى "الامتناع عن العنف والسعي إلى حل من خلال الوسائل السلمية"، مشيرة إلى أنّ "بعض هذ الوسائل تتضمن مجموعة من الآليات لتحقيق ذلك من خلال المجتمع الدولي".
وأشارت إلى أنّ "اتصالات قد تمت مع الحكومة الانتقالية الليبية في وقت سابق"، مشيرة إلى "عودة السفير السابق ديفيد ساترفيلد من ليبيا أخيراً".
وأضافت أنّ "بلادها كانت تراقب الأحداث الليبية عن كثب في اليومين الأخيرين"، مبينة أنّ "العديد من التحديات في ليبيا تتطلب الحوار، وهو ما نعتقد أنّه الطريقة الأمثل للمضي قدماً".
وشدّدت أنّ "بلادها وعدداً آخر من حلفائها، من ضمنهم بريطانيا، تدعم عملية التحول السياسي في ليبيا التي حدثت منذ سقوط الرئيس الراحل معمر القذافي".
من جهتها، أعربت تركيا عن قلقها البالغ حيال تصاعد وتيرة الاضطرابات، وأعمال العنف التي تشهدها ليبيا. وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، أنّ "تركيا تعرب عن أملها البالغ في اتمام العملية الانتقالية في ليبيا الشقيقة، والصديقة عبر الحوار، والمصالحة الوطنية، مع الحفاظ على مكتسبات الثورة التي شهدتها البلاد بعد تضحيات كبيرة".
وأوضح البيان أنّ التوصل لحل المشكلات التي تواجهها البلاد عبر الحوار، "أمر حتمي وضروري" من أجل إعادة تأسيس الاستقرار الدائم والأمن في البلاد، مضيفاً "ونحن نناشد جميع الأطراف إلى ضبط النفس في مواجهة المشكلات".