لهيب الأسعار

09 فبراير 2015
ما زالت أسعار الغذاء مرتفعة في لبنان(رمزي حيضر/فرانس برس)
+ الخط -
استبشر بعض اللبنانيين بعد انخفاض أسعار النفط عالمياً. هم يشهدون منذ أشهر انخفاضاً تدريجياً في سعر برميل النفط، إلى أن وصل إلى عتبة 60 دولاراً. المواطن يعلم علم اليقين أن الارتفاعات في أسعار النفط تنعكس سلباً على لقمة عيشه. بدءاً من الخضار والفاكهة وصولاً إلى وسائل النقل، مروراً بالقطاعات الصناعية والزراعية والتجارية. 
في لبنان، البلد المستورد للنفط، لم تلحظ أسعاره أي انخفاض يذكر، حتى إن وسائل النقل التي ترتبط أكلافها مباشرة بأسعار النفط، لم تلحظ أي انخفاض، بل حافظت على التعرفة المعهودة بعد الارتفاع الأخير في أسعار النفط منذ خمس سنوات.
ما يثير الدهشة في هذا الملف، لا يتعلق بهامش تحرّك الأسعار، أو ثباتها عند مستوى معين "مرتفع نسبياً"، بل يتعلق الأمر بشكل مباشر بمدى غياب الأوساط العمالية التي تهتم بشؤون المواطنين المعيشية، عن المطالبة أو ربما السؤال عن سبب محافظة الأسعار على ارتفاعها، كما يتعلق بمدى غياب المعنين من وزراء ونواب عن الاهتمام بلقمة عيش اللبناني.
إن أردنا تفصيل القطاعات التي تعتمد بشكل رئيس على أسعار النفط، يمكن أن نبدأ بأسعار السلع الغذائية، إذ ما زالت أسعار الغذاء مرتفعة سواءً تلك المصنعة محلياً أو المستوردة من الخارج. مثلاً، المنتجات الزراعية، وأسعار الخضر والفاكهة، وبالمقارنة مع أسعار العام الماضي، لم تشهد أي انخفاض يذكر، بالرغم من أن أكثر من ستة أشهر مرت على انخفاض أسعار النفط عالمياً، ما يعني تلقائياً انخفاض أسعار الوقود، والأسمدة، والأهم انخفاض أسعار النقل، خاصة بالنسبة إلى السلع المستوردة.
الصناعة اللبنانية أيضاً لم تتأثر بدورها بانخفاض أسعار النفط. بالرغم من أن الصناعة تعد من أكثر القطاعات اعتماداً على المشتقات النفطية. إذ تتميز الصناعات اللبنانية بكونها الأغلى بين دول المنطقة، نظراً لارتفاع أسعار الوقود والمواد الأولية، وكان من المنطقي في ظل الانخفاض التدريجي لأسعار المحروقات، أن تشهد الصناعات بدورها انخفاض تكلفة إنتاجها، لكنه حتى اليوم لا تزال الأسعار على حالها.
ولوسائل النقل في لبنان ، قصة مغايرة. فلا تزال تعرفة وسائل النقل الأغلى بين دول المنطقة. منذ أكثر من خمس سنوات، ارتفعت التعرفة بنسبة 100%، وعزا السائقون ارتفاع التعرفة إلى ما شهدته أسعار النفط عالمياً من ارتفاع وصل إلى ما يناهز 120 دولاراً لبرميل النفط. اليوم انخفضت الأسعار إلى أكثر من النصف، ولا تزال تعرفة النقل عند المستوى عينه. ما يطرح تساؤلاً أمام المعنيّن، لماذا تتحرك الأسعار صعوداً مع ارتفاع أسعار المحروقات؟ ولماذا لا تنخفض مع انخفاضها؟ ربما الإجابة عن هذا التساؤلات، تقودنا للبحث عن مدى تطبيق الرقابة الفعلية على الأسعار.
حتى اليوم لم يشهد لبنان أي تغيّر ملموس في الأسعار، بالرغم من أن جميع السلع الاستهلاكية، والغذائية وغيرها من الخدمات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط. وكأنه كتب على اللبناني أن يبقى رهينة بعض المتحكمين في حياته من احتكارات تلفّ غالبية القطاعات الاقتصادية، وتجار وسياسيين لا يفكرون سوى في تأمين مصالحهم الشخصية وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.
المساهمون