ويقول عبد الأحد لـ"العربي الجديد": "لا أحد يريد أن يعود، فقط أنا وبضع عوائل أخرى عدنا، البقية ما زالوا مترددين في هذا الشأن".
وفتحت فرنسا والسويد وأستراليا ودول أوروبية أخرى، باب الهجرة أمام مسيحيي العراق عقب اجتياح داعش للموصل عام 2014، وهو ما أدى إلى سفر الآلاف منهم بشكل أثار اعتراض الحكومة العراقية والكنيسة في بغداد.
ويوضح عبد الأحد، أنّ "الكثير من مسيحيي سهل نينوى لا يريدون العودة إلى منازلهم لعدة أسباب، أولها أن من ذاق طعم الأمن واحترام الإنسان في أوروبا لن يعود مرة أخرى إلى هنا، وبسبب الدمار والخراب والأمراض والخوف من عودة "داعش"، أو انتشار المليشيات، وهذه أسباب منطقية، لكن بالنسبة لي قررت العودة لارتباطي بالمكان روحياً، ولا أتخيل أن أنهي حياتي في مكان غيره". ويستدرك "نحن ملح العراق وسكانه الأصليون، اللعنة على الاحتلال وعملائه".
ومن بين عشرات القرى والبلدات المسيحية في سهل نينوى شمال وشرق الموصل، لم يستثن الدمار والخراب إلا بلدة واحدة قرب سنجار، إلا أنها ما زالت مهجورة أيضاً بسبب وقوعها على مناطق تماس بين الجيش العراقي والبشمركة والتوتر بين الطرفين، والخوف من تجدد المعارك يجعل من العودة مقامرة على حد تعبير الأب صباح بطرس الذي أشار لـ"العربي الجديد" إلى الحاجة لحملة كبيرة ذات طابع أخلاقي وإنساني لإعادة أهل الأرض لأرضهم وإنصافهم وتعويضهم"، في إشارة إلى مسيحيي العراق.
وتابع "لا توجد خدمات ولا ماء أو كهرباء ولا طرق معبدة، والبيوت خربة ورائحة الموت ما زالت تخيم على المكان، نرتقي كل يوم بصلواتنا إلى الله أن يبقي التنوع بالعراق ولا يجعله لوناً واحداً، فما يميزه هو الجمال بالألوان لا شيء غير ذلك".
وبين أن الكنيسة الآن تدعم من يعود لأرضه ومنزله بمواد غذائية ومساعدات بسيطة، لكنها لا تكفي بسبب حجم المأساة الموجودة.
وأشار إلى أن" العودة باتت صعبة على الكثير، لأن داعش والمواجهات العسكرية دمّرت مناطق بأكملها ولا يريد الكثير من المسيحيين العودة، بل غالبية عظمى منهم قدموا طلبات اللجوء إلى الدول الأوروبية، وهذا الأمر بات صعباً هو الآخر".
وأكد أن "عودة المسيحيين إلى منازلهم قليلة جداً، لأن الخوف لا يزال يسيطر على العديد منهم".
من جهته قال رئيس المجلس المحلي البلدي لقضاء تلكيف، باسم يعقوب لـ" العربي الجديد"، إن "عودة المسيحيين الى نينوى بطيئة وقليلة جداً لأن هناك تخوفاً ما زال يسيطر على السكان ككل".
وبين أن نسبة الدمار تصل إلى 80 بالمائة بسهل نينوى ولا إعمار أو تعويض، وهذا أحد أسباب عدم عودة الناس.
وأشار إلى أن "العودة في قضاء الحمدانية وبرطلة وكرمليس أفضل، لأن تلك المناطق لم يطلها دمار مثل قضاء تلكيف، لكن الخدمات شبه منعدمة في مناطقنا بسبب عدم تحرك الحكومة الاتحادية وإدارة نينوى لإعمار مدننا المدمرة".
وتابع "هناك تخوف لدى المسيحيين من حدوث مواجهات بين الحشد والبشمركة في منطقة باطانا التي باتت شبه أرض حرام، وهاجس الخوف يمنع عودة الكثير من العوائل إلى منازلها رغم استقرار الأوضاع الأمنية في المناطق المسيحية".
من جهته، يقول رئيس عضو جمعية الرحمة المختصة في شؤون المسيحيين، وائل ناصر لـ"العربي الجديد"، إن "جمعيتنا تراقب منذ عام عملية عودة النازحين المسيحيين إلى منازلهم وتصل نسبة العودة إلى نحو 50 % في مناطق، ولم نسجل عودة أي عائلة في مناطقنا، لأن هناك عوائل لا تزال نازحة في بغداد وكركوك ومدن إقليم كردستان يصل عددها إلى نحو ألف عائلة وغيرها".
وأضاف أن "أسباب عدم العودة لبعض مناطق سهل نينوى والحمدانية وتلكيف وبرطلة، هي عدم وجود خدمات، يضاف لها غلق الطرق بين هذه المدن والخوف من حدوث اشتباكات في أي وقت بين الحشد والبشمركة".
وأكد أن" ملف الإعمار لم يشهد أي خطوة في البلدات المسيحية، عدا المنظمات الدولية التي نفذت عددا من المشاريع في مجال الماء وغيرها من الخدمات الإنسانية، كما أن الكنيسة لها دور أيضا في توفير الدعم المالي لعدد من العوائل لإعمار منازلهم والعودة اليها مجدداً".
وشدد أن هناك عوائل خارج العراق تمتنع عن العودة بسبب المخاوف الأمنية وعدم إعمار بلدتهم، وهناك أكثر من 10 آلاف نازح مسيحي خارج نينوى".