لنعد إلى ما بين البحر والنهر

26 نوفمبر 2014

فلسطيني يحرق علم إسرائيل في استعراض عسكري(29أغسطس/2003/Getty)

+ الخط -

يستعرض محلل إسرائيلي، في صحيفة "جيروزاليم بوست" كل علائم دولة المشروع الصهيوني، المقررة منذ عام 1948، ويسأل: ما هو الجديد في "القانون" الذي صادقت عليه حكومة نتنياهو، وما الذي تريده هذه الحكومة بالضبط؟
يقول جيف باراك، وهو رئيس تحرير سابق للصحيفة نفسها: يبلغ تعداد السكان في إسرائيل نحو تسعة ملايين. 75% منهم يهود، والعبرية هي اللغة المهيمنة، وأجندة الإجازات الأسبوعية والأعياد يغلب عليها الطابع اليهودي، إذ يرتاح الناس في أيام السبت، وتصمت الناس تماماً في عيد الغفران، وكل محال "السوبر ماركت" والمطاعم لا تبيع، ولا تقدم، إلا "الكوشير"، أي لحوم الذبائح حسب الشريعة اليهودية. وفي الأعياد الوطنية للدولة، يجلس في الصف الأول حاخامان أكبران، واحد لليهود الغربيين وآخر للشرقيين، ونجد في مستهل وثيقة تأسيس الدولة عبارة تقول: "تؤسس الدولة اليهودية في أرض إسرائيل، وتُعرف باسم دولة إسرائيل". ويستطرد جيف: "بالنتيجة، وعبر أكثر من ستين سنة، كان هناك حق لكل يهودي بالحصول على المواطنة الإسرائيلية، بصرف النظر عن مكان ميلاده، وما إذا كان يعرف العبرية أم لا، وما إذا كان منتمياً إلى منظمة يهودية، أو نادٍ رياضي، أو ثقافي، أم لا، وبصرف النظر، أيضاً، عن كونه دخل، أو لم يدخل، كنيساً في حياته. فما هو الجديد الذي تطرحه حكومة نتنياهو، وتريده على وجه الدقة؟ بل إن منطوق النشيد الوطني هتكفا، يلخص الموقف. وعليه، فإن إسرائيل في الواقع الراهن، دولة يهودية لا يوجد مثلها في العالم مثلما توجد دول مسيحية وإسلامية كثيرة"!
يتساءل الكاتب: ما هي الحاجة إلى قانون يرسم إسرائيل دولة يهودية؟ الجواب ليس ثمة حاجة، ما لم يكن نتنياهو جعل 20% من السكان (نحو مليون وسبعمئة ألف مواطن) يشعرون أنهم غير مرحب بهم في بلادهم، وهذا هو المقصد حصراً، الذي أراده مع نتنياهو أقطاب اليمين علييت شاكيد، ياريف ليفين، وزئيف إلكين. وكان الأخير، وهو عضو الكنيست عن الليكود، قد تقدم بمشروع لشطب الاعتراف باللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية الثانية. فهو الولد الأوكراني المولود في عام 1971 ولم تطأ قدماه أرض بلادنا إلا في عام 1990 يريد شطب لغة موجودة، سجّل بها الأقدمون حضارتهم منذ عشرات القرون. ويقول هذا المأفون إن على المستوطنين أن يضربوا أوتادهم في كل مكان في البلاد التي ليس لها حدود. لكن نتنياهو أجاب عن المقترح المتعلق باللغة، بمقترح أعتى، يقلل من شأن اللغة العربية ضمناً، لكنه يتحاشى المقترح الفاقع، الذي سيؤخذ على دولة تزعم أنها ديمقراطية، باعتباره يتجاهل الحقوق الشخصية للسكان في المساواة الثقافية. ففي الثقافة والرطانة، يريد أن يبدو متسامحاً في هذه المرحلة، ولا بأس عنده في ذلك، طالما أن قانون يهودية الدولة أو قوميتها، من شأنه تحفيز المستوطنين على الزحف إلى كل مكان في الأراضي المحتلة، وحيثما لا حدود، وطالما، أيضاً، أن مطابقة القانون الذي صادقت عليه حكومته، بممارسات يومية ذات مضامين إقصائية واستيطانية، سيجعل أراضي 48 منطقة طرد لسكانها العرب، إن لم يكن بالتضييق والعنصرية على كل صعيد، فليكن بمقترحات إزاحة البؤر السكانية التي يتكثفون فيها، ضمن تسوية يتوهمونها!
لقد بتنا بحاجة إلى مؤتمر شعبي واجتماعي فلسطيني عربي، لا علاقة له بالعمل السياسي، يقرر ــ جواباً على هذا المنحى السافل ــ أن لا علاقة لشعب فلسطين ولا للأمة، بأي اعتراف بدولة إسرائيل. كان المرجو من الاعتراف، أن يعترف الغزاة ببعض حقوق ضحاياهم. لم يعد أمامنا سوى العودة إلى مقولة فلسطين من البحر إلى النهر!

  

دلالات