ينتظرون يوم الأحد بفارغ الصبر. فهذا اليوم مهم جداً بالنسبة إليهم ليس على الصعيد الرياضي فحسب، بل لأنهم يتجمعون ويلعبون ويمرحون ويشعرون بروح الفريق الواحد. هؤلاء هم لاعبو فريق نادي الصداقة الرياضي للكرة الطائرة لفئة الأشخاص المعوقين.
تأسس الفريق قبل خمسة أعوام. يضم شباباً أصيبوا خلال الاعتداءات الإسرائيلية بين عامي 2008 و2014. من اللاعبين من خسر ساقاً أو اثنتين، ويعمل بعضهم في وظائف حكومية أو خاصة.
في السياق، يقول المدرب المشرف عليهم ورئيس الاتحاد الفلسطيني للكرة الطائرة "جلوس" ناصر لبد، لـ "العربي الجديد": "اهتممنا بهؤلاء اللاعبين بعد إصابتهم خلال القصف الإسرائيلي، وخصوصاً أنهم شعروا بالعجز وعدم القدرة على القيام بشيء. في البداية، عمل النادي على مساعدتهم من الناحية الطبية وتدريبهم من خلال إخضاعهم لتمارين خاصة".
كان الهدف ترفيهياً في البداية، بحسب لبد. ومع الوقت، بدأوا يشاركون في بطولات محلية على مستوى القطاع، وطلب منهم المشاركة في أخرى خارجية لكنهم لم يتمكنوا بسبب إغلاق المعابر. ويلفت إلى أن مدة التأهيل الطبي لهذه الفئة تتراوح ما بين ستة أشهر وعام، كون غالبيتهم قد فقدوا أطرافهم، وليس سهلاً عليهم الاندماج في الحياة مجدداً. يضيف لبد: "نؤمّن لهم في النادي صالة كبيرة ومعدات. كان الفريق يضم ثمانية لاعبين، قبل أن يزيد عددهم إلى 16 لاعباً. ونجح في أن يحتل المرتبة الأولى لفئة الأشخاص المعوقين على مستوى القطاع".
يضم الفريق لاعبين من محافظات عدة في القطاع. على سبيل المثال، فإن اللاعب عمر حماد هو من سكان مشروع بيت لاهيا، وهو أب لخمسة أطفال ويعمل موظفاً حكومياً. يوم الأحد، يقطع مسافة 10 كيلومترات ليصل إلى النادي الواقع في وسط قطاع غزة.
كان حماد قد أصيب في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، وفقد ساقه اليسرى فيما استشهد شقيقه. بدأ اللعب مع الفريق منذ نحو تسعة أشهر. يقول لـ "العربي الجديد": "في البداية، كنت أشعر بالخجل لأنني لا أعرف شيئاً عن الكرة الطائرة، علماً أنني كنت ألعب كرة القدم في فريق بيت لاهيا. لكن بعد التمارين، أحببت اللعبة، وصرت أنتظر اللعب مع الأصدقاء بفارغ الصبر".
يرى حماد أن يوماً واحداً للتدريب ليس كافياً. لكن إمكانيات النادي لا تسمح بذلك على الرغم من رغبته بزيادة ساعات التدريب.
أما اللاعب عطية العريني، وهو الأكبر سناً ويبلغ من العمر 51 عاماً، ولديه عشرة أحفاد، فقد أصيب خلال عدوان عام 2012. كان يجلب المياه في منطقته في حي التفاح، إلا أن الاحتلال اعتبر أنه يعمل مع المقاومة، فأطلق صاروخاً عليه ما أدى إلى بتر ساقه اليمنى. وبعد علاج استمر عام تقريباً، بدأ يفكر بما يمكن فعله. طلب منه نادي الصداقة الانضمام إلى الفريق. يقول لـ "العربي الجديد": "استغربت عند استدعائي من قبل النادي، وخصوصاً أنني كبير في السن بعض الشيء. لكنني خضت التجربة واندمجت بسرعة مع الفريق. وها أنا أستمتع باللعب منذ نحو عامين".
من بين اللاعبين أيضاً أسامة أبو عسكر (42 عاماً)، وهو من مخيم جباليا. يعد أقدم مصاب في الفريق، فقد أصيب قبل نحو ثمانية أعوام، حين سقط عليه صاروخ ما أدى إلى بتر ساقيه الاثنتين. بدأ اللعب قبل خمس سنوات، ليتوقف بعض الوقت قبل أن يعود للعب مجدداً. يقول: "دعيت من قبل النادي للعب. أخبروني أنه على الرغم من إصاباتنا، يجب أن نمارس الرياضة ويكون لنا هدف من خلال اللعبة حتى لا نشعر بالعزلة". يتابع أنه يشعر بالفرح أثناء اللعب ولقاء أصدقائه. يثابر دائماً على حضور التمارين، ويطمح إلى المشاركة في بطولات خارجية في الدول العربية وحتى الأجنبية، "لنرفع، نحن الجرحى، اسم فلسطين".
في انتظار البطولات الخارجيّة
لم يحالف فريق الصداقة للكرة الطائرة الحظ للمشاركة في بطولة للأشخاص المعوقين في تركيا، في أواخر عام 2014. لكن، أخيراً، تلقى دعوة من اتحاد غرب آسيا للمشاركة في بطولة تنظّم الشهر الحالي في العاصمة الأردنية عمّان. ويطمح الفريق إلى السفر والمشاركة، على أمل فتح المعبر المصري والسماح لأعضائه بالسفر. وفي حال لم يتحقق حلمهم، لن يفقدوا الأمل أبداً.
اقرأ أيضاً: غزاويات يلعبن كاراتيه