وصف رئيس الوزراء البريطاني الراحل، ونستون تشرتشل، في خطبته الشهيرة عام 1946، علاقات بلاده بالولايات المتحدة الأميركية، بـ"العلاقة الخاصة"، وهو التعبير الذي أطلقه من وحي تحالف البلدين في قتال ألمانيا النازية ومواجهة الاتحاد السوفييتي. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كلمات تشرتشل لازمة يكررها، ويؤكد عليها ساسة البلدين في واشنطن ولندن. غير أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، دفع صحيفة "الغارديان" البريطانية، ومعها الكثير من المراقبين السياسيين للتساؤل عن كيفية تأثر "العلاقة الخاصة" ومختلف الملفات السياسية والتجارية والأمنية البريطانية-الأميركية بعد فوز رجل من خارج المؤسسة السياسية الأميركية. واعتبرت الصحيفة البريطانية في تقرير مطول نشرته بعد فوز ترامب، أن المملكة المتحدة تتمتع منذ فترة طويلة بعلاقة خاصة مع الولايات المتحدة، لكن انتخاب ترامب، الآتي من خارج المؤسسة السياسية التقليدية، من المرجح أن يؤدي إلى هزة في السياسات الأنغلو-أميركية، في جوانب عدة.
انطلاقاً من العلاقة الشخصية، كمفتاح في الدبلوماسية، يُمكن تلمس الخيط الرفيع الذي قد تسير عليه علاقات واشنطن ولندن، إذ يبدو "عدم الانسجام" جلياً بين الرئيس الأميركي المُنتخب، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، كون الأخيرة سيدة مُدافعة عن حقوق المرأة، وطالما دافعت عن حق النساء في اعتلاء مناصب حزبية ورسمية، ووصفت التمييز بين الجنسين بالعبودية الجديدة. وهذا لا يتوافق مع آراء ترامب الذي تباهى مرة في تحرشه بالنساء.
ويرى مراقبون أن نظرة ترامب لماي ظهرت في استقباله لزعيم حزب "الاستقلال" البريطاني نايجل فاراج، كأول سياسي بريطاني يلتقيه، وهو ما اعتبره المراقبون إشارة إلى مكانة ماي، المرأة أولاً، في أجندة الرئيس الأميركي المنتخب، أضف إلى ذلك أن ترامب تحدث هاتفياً إلى ماي متأخراً، وبعد اتصاله بعدد من زعماء العالم. هذه الإشارات، وإن كانت تبدو للبعض شكلية، إلا أنها توحي إلى حد ما بشكل العلاقة الشخصية التي ستربط ماي بترامب، وهو ما سينعكس بالضرورة على العلاقات بين البلدين. ثم إن تبني ترامب لتيار "بريكسيت"، وعلاقته الشخصية مع فاراج، يجعلان ماي حذرة في التعامل معه كي لا تشجع "مناهضي المؤسسة" في التيارات الشعبوية اليمينية الصاعدة في أوساط البيض الناقمين على النخبة السياسية في واشنطن ولندن.
وبعيداً عن غياب "الكيمياء الشخصية" بين رجل البيت الأبيض الجديد، وسيدة "داوننغ ستريت"، يبدو البلدان أمام مراجعة "مفروضة" لعلاقاتهما في الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية والدولية. على المستوى الاقتصادي، تتخوّف الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية من الشعارات الحمائية التي أعلنها ترامب خلال الحملات الانتخابية، فالولايات المتحدة هي أكبر شريك للصادرات من المملكة المتحدة، وثالث أكبر مصدر للواردات، بعد ألمانيا والصين. كما تتخوف الأوساط البريطانية من أن تؤدي سياسات ترامب "الانعزالية" إلى التأثير سلباً على وتيرة نمو الاقتصاد العالمي، مما ينعكس سلباً على أداء الاقتصاد البريطاني. وتخشى بريطانيا كذلك أن يؤدي دعم ترامب للحركات الشعبوية، خصوصاً حزب "الاستقلال" البريطاني، إلى انصراف الاستثمارات الأجنبية، التي تبحث عن ملاذات آمنة ومستقرة، مما يُعمق أزمة الاقتصاد البريطاني الذي تضرر أساساً منذ تصويت 52 في بالمائة من الشعب لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي في يونيو/حزيران الماضي. ولكن مقابل كل هذه المخاوف، تنظر بعض الأوساط البريطانية إلى عهد ترامب بالتفاؤل على مستوى العلاقات التجارية، إذ تعهد ترامب مراراً بمعاملة بريطانيا بشكل "خيالي" بعد "بريكسيت" إذا أصبح رئيساً.
اقــرأ أيضاً
أما على مستويي الدفاع والأمن، فمن المعلوم أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة تجمعهما علاقة استراتيجية ونوعية في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري خصوصاً في الأسلحة النووية والقوات الخاصة، غير أن رئاسة ترامب تثير الكثير من الأسئلة حول مستقبل التحالف بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والذي يُعد واحداً من أوثق التحالفات في العالم، لا سيما في نواحي التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وتبدو أولى نقاط الخلاف في إصرار ترامب على إلزام الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بالوفاء بمعايير الإنفاق الدفاعي بما لا يقل عن 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الشرط الذي عجزت معظم دول حلف الأطلسي، بما في ذلك بريطانيا، عن الوفاء به. وتخشى لندن، وغيرها من عواصم الحلف الأطلسي أن تقوّض سياسة ترامب جوهر الحلف، القائم على أساس أن أي هجوم على عضو واحد هو هجوم على الجميع. وتتعاظم مخاوف الأعضاء الأوروبيين في الحلف، بسبب تزامن فوز ترامب مع تزايد التدخّل الروسي في دول البلطيق.
ويبدو الخلاف في السياسة الخارجية واضحاً بين لندن والرئيس الأميركي الجديد، لا سيما في ملفي الصراع السوري والعلاقات مع روسيا وإيران. فقد عبّر ترامب عن استعداده للتحالف مع روسيا، وبالتالي مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، لهزيمة تنظيم "داعش"، وهو الموقف الذي يتعارض بشدة مع رؤية ماي، التي تتهم نظام الأسد بارتكاب "عنف وحشي"، وترى أن لا مكان للأسد في سورية المستقبل. أما الملف الثاني الذي يفرّق بين خيارات بريطانيا، والمُعلن من سياسات ترامب، فيتعلق بموقف كل منهما من الاتفاق النووي مع إيران. فبينما تعتبر بريطانيا الاتفاق النووي مع إيران إنجازاً، يرى ترامب أن الاتفاق أعطى لإيران ما لا تستحق، وبالتالي سيعمل على إعادة فتح باب التفاوض بخصوص البرنامج النووي الإيراني.
وأخيراً تشعر بريطانيا بالقلق تجاه مواقف ترامب من مسألة التغير المناخي، فبينما دعمت الحكومة البريطانية منذ فترة طويلة الجهود متعددة الأطراف لإدارة تغير المناخ، زعم ترامب أن التغير المناخي هو مؤامرة من اختراع الصينيين لتقويض القدرة التنافسية للولايات المتحدة، وهدد بالانسحاب من معاهدة تغير المناخ العالمية، وتعهد بوقف دعم الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة، وفي المقابل رفع القيود المفروضة على صادرات الغاز الصخري من الولايات المتحدة.
انطلاقاً من العلاقة الشخصية، كمفتاح في الدبلوماسية، يُمكن تلمس الخيط الرفيع الذي قد تسير عليه علاقات واشنطن ولندن، إذ يبدو "عدم الانسجام" جلياً بين الرئيس الأميركي المُنتخب، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، كون الأخيرة سيدة مُدافعة عن حقوق المرأة، وطالما دافعت عن حق النساء في اعتلاء مناصب حزبية ورسمية، ووصفت التمييز بين الجنسين بالعبودية الجديدة. وهذا لا يتوافق مع آراء ترامب الذي تباهى مرة في تحرشه بالنساء.
وبعيداً عن غياب "الكيمياء الشخصية" بين رجل البيت الأبيض الجديد، وسيدة "داوننغ ستريت"، يبدو البلدان أمام مراجعة "مفروضة" لعلاقاتهما في الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية والدولية. على المستوى الاقتصادي، تتخوّف الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية من الشعارات الحمائية التي أعلنها ترامب خلال الحملات الانتخابية، فالولايات المتحدة هي أكبر شريك للصادرات من المملكة المتحدة، وثالث أكبر مصدر للواردات، بعد ألمانيا والصين. كما تتخوف الأوساط البريطانية من أن تؤدي سياسات ترامب "الانعزالية" إلى التأثير سلباً على وتيرة نمو الاقتصاد العالمي، مما ينعكس سلباً على أداء الاقتصاد البريطاني. وتخشى بريطانيا كذلك أن يؤدي دعم ترامب للحركات الشعبوية، خصوصاً حزب "الاستقلال" البريطاني، إلى انصراف الاستثمارات الأجنبية، التي تبحث عن ملاذات آمنة ومستقرة، مما يُعمق أزمة الاقتصاد البريطاني الذي تضرر أساساً منذ تصويت 52 في بالمائة من الشعب لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي في يونيو/حزيران الماضي. ولكن مقابل كل هذه المخاوف، تنظر بعض الأوساط البريطانية إلى عهد ترامب بالتفاؤل على مستوى العلاقات التجارية، إذ تعهد ترامب مراراً بمعاملة بريطانيا بشكل "خيالي" بعد "بريكسيت" إذا أصبح رئيساً.
أما على مستويي الدفاع والأمن، فمن المعلوم أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة تجمعهما علاقة استراتيجية ونوعية في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري خصوصاً في الأسلحة النووية والقوات الخاصة، غير أن رئاسة ترامب تثير الكثير من الأسئلة حول مستقبل التحالف بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والذي يُعد واحداً من أوثق التحالفات في العالم، لا سيما في نواحي التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وتبدو أولى نقاط الخلاف في إصرار ترامب على إلزام الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بالوفاء بمعايير الإنفاق الدفاعي بما لا يقل عن 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الشرط الذي عجزت معظم دول حلف الأطلسي، بما في ذلك بريطانيا، عن الوفاء به. وتخشى لندن، وغيرها من عواصم الحلف الأطلسي أن تقوّض سياسة ترامب جوهر الحلف، القائم على أساس أن أي هجوم على عضو واحد هو هجوم على الجميع. وتتعاظم مخاوف الأعضاء الأوروبيين في الحلف، بسبب تزامن فوز ترامب مع تزايد التدخّل الروسي في دول البلطيق.
وأخيراً تشعر بريطانيا بالقلق تجاه مواقف ترامب من مسألة التغير المناخي، فبينما دعمت الحكومة البريطانية منذ فترة طويلة الجهود متعددة الأطراف لإدارة تغير المناخ، زعم ترامب أن التغير المناخي هو مؤامرة من اختراع الصينيين لتقويض القدرة التنافسية للولايات المتحدة، وهدد بالانسحاب من معاهدة تغير المناخ العالمية، وتعهد بوقف دعم الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة، وفي المقابل رفع القيود المفروضة على صادرات الغاز الصخري من الولايات المتحدة.