لندن تقترب من حلم عاصمة التمويل الإسلامي

26 يونيو 2014
أطول ناطحة سحاب بأوروبا شاهداً على التمويل الإسلامي( بلومبيرغ/Getty)
+ الخط -


راود رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، منذ زمن طويل، حلم أن تصبح بريطانيا عاصمة لصناعة المال الاسلامي في العالم... ولكن هل يتحقق هذا الحلم؟.

بدا أمس أن رئيس الوزراء البريطاني المحافظ، بات قريباً من تجسيد الحلم بعد النجاح الكبير الذي تحقق بعد إصدار بريطانيا أول صكوك سيادية أو سندات إسلامية في العالم الغربي وبنجاح كبير فاق كل التوقعات. حيث تمت تغطية إصدار الصكوك السيادية البريطانية أكثر من 11مرة، ما يعكس الاقبال الكبير من المستثمرين على السوق البريطانية.

وطرحت بريطانيا صكوكاً قيمتها 200 جنيه استرليني وبلغ حجم الاكتتاب 2.3 مليار جنيه استرليني.

ولاحظت" العربي الجديد" أن الاصدار طرح للاكتتاب في الساعة 8:30 صباحاً بتوقيت غرينتش، وبعد ساعة ونصف وفي الساعة العاشرة تحديداً بلغ حجم الاكتتاب ملياري جنيه استرليني.

وفي الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش أغلق الاكتتاب بحجم تغطية بلغت 2.3 مليار جنيه استرليني. وهذا يعني أن الاقبال كان منقطع النظير وهائلاً على أول صكوك إسلامية تصدرها بريطانيا.

وكما يعكس هذا الاقبال حجم الثقة في التمويل الاسلامي، فإنه يترجم كذلك حجم الثقة في الاقتصاد البريطاني وسوق المال البريطانية كوسيط يعتمد عليه في جمع تمويلات إسلامية في المستقبل للمشاريع الكبرى، سواءً في بريطانيا أو مشاريع منطقة الشرق الاوسط.

ويلاحظ أن وزارة الخزانة البريطانية أعدت جيداً لإصدار الصكوك الاسلامية.

وحسب المعلومات التي توفرت لـ" العربي الجديد" من وزارة الخزانة البريطانية، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلن كاميرون أن وزارة الخزانة تخطط لاصدار سندات إسلامية أو "صكوك" سيادية قيمتها 200 مليون جنيه إسترليني.

وفي يناير/كانون الثاني عينت وزارة الخزانة البريطانية كلاً من مصرف "اتش أس بي سي" وشركة"لينك ليترس" المالية كمستشارين للوزارة في إصدار الصكوك السيادية.

وفي 12 يونيو/حزيران الجاري عينت وزارة الخزانة البريطانية كلاً من مصرف "بروة بنك"ومصرف" ستاندرد تشارد" و"بنك أبوظبي الوطني" وبنك"سي اي ام بي" الى جانب بنك " اتش اس بي سي" كوسطاء لادارة وتسويق الصكوك.

وفي الاسبوع الماضي اجتمع مسؤولو وزارة الخزانة البريطانية ووسطاء الصكوك مع المستثمرين المحتملين في الصكوك من منطقة الخليج وآسيا، للتأكد من الاقبال على الاكتتاب.

وهذا الاعداد الجيد، كما وصفه مصرفان بلندن، يدل على إصرار وزارة الخزانة البريطانية على تحقيق نجاح باهر لأول إصدار سيادي غربي لصكوك إسلامية، ليفتح الباب لاصدارات سيادية جديدة سواءً بريطانية أو أوروبية، لأن حي المال البريطاني سوق دولية يرتادها الجميع للاصدارات.  
 
يذكر أن رئيس الوزراء البريطاني أعلن أثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وبحضور أكثر من 1800 مسؤول اقتصادي وسياسي، أن بريطانيا تخطط لكي تصبح سوقاً رئيسية لصناعة المال الاسلامي.

وقال كاميرون حينها، إن لندن ستصبح أحد المراكز العالمية الرئيسية لصناعة المال في العالم. وقدر في خطابه أن يبلغ حجم الموجودات الاسلامية حوالى 1.3 ترليون دولار في عام 2013. وأشار الى إسهامات التمويل الاسلامي في الانشاءات الرئيسية في لندن.

وذكر في هذا الصدد التمويلات القطرية لكل من القرية الاولمبية جنوب شرقي لندن وناطحة السحاب" ذي شارد" التي تعد أطول بناية في أوروبا ومجمع "تشيلسي باراكس" وتمويل العديد من صفقات الشراء في بريطانيا.

من جانبه وصف وزير الخزانة البريطاني، جورج أوزبورن ، خطوة نجاح الصكوك السيادية البريطانية بأنه دليل على التزام بريطانيا بتطبيق جزء من خطة طويلة المدى ترمي الى جعل بريطانيا عاصمة للتمويل الاسلامي وبلا منازع في العالم الغربي.

وأشار أوزبورن في تصريحاته التي نشرها على موقع وزارة الخزانة البريطانية "الى أن نجاح إصدار هذه الصكوك أثبت من الممكن تأسيس قاعدة قوية للتمويل الاسلامي في بريطانيا".
ويذكر أن بريطانيا قد كونت قوة عمل العام الماضي لتحقيق أهداف، أن تصبح لندن عاصمة للمال الاسلامي.

وحسب الخطة البريطانية، عملت قوة العمل على وضع استراتيجية لدعم تنمية قطاع التمويل الإسلامي في بريطانيا وزيادة الاستثمارات الداخلية لتقوية الاقتصاد البريطاني. وهدفت الخطة البريطانية الى جذب التمويل الاسلامي لتوفير تمويل أرخص من التمويل التقليدي الذي توفره المصارف لمشاريع البنية الأساسية.

ويرأس "قوة العمل" بشكل مشترك كل من، جريغ كلارك، وزير الدولة المسؤول عن الشؤون المالية في وزارة الخزانة، ووزيرة الدولة في وزارة الخارجية، البارونة وارسي.

ويتعاون الوزيران في تحقيق أهداف تنمية صناعة المال الإسلامي في لندن مع مجموعة من خبراء البنوك البريطانية و"حي االمال" وخبراء سكرتارية التمويل الإسلامي في بريطانيا.

وكانت بريطانيا وفي سبيل تحقيق أهداف جذب الصناعة المالية الإسلامية، ألغت قبل سنوات كل العقبات القانونية والضريبية التي تعوق إصدار وتسويق الأدوات المالية الإسلامية. وسمحت في هذا الصدد بإصدارات الصكوك أو "السندات الإسلامية" في بورصة لندن منذ أكثر من عشر سنوات.

بدأت بورصة لندن منذ عام 2004 في إصدار الصكوك الإسلامية، التي بلغت حتى النصف الاول من العام الماضي  18 إصداراً تقدر قيمتها بنحو 34 مليار دولار.

ولا ترغب بريطانيا عبر فتح أبوابها لصناعة المال الاسلامي، في جذب إصدارات الصكوك من الشركات البريطانية فقط، ولكنها تأمل كذلك في جذب اصدارات خليجية ومن باقي بلدان الشرق الاوسط التي من المتوقع أن تحتاج شركاتها  لتمويلات إسلامية تفوق قدرة أسواقها المحلية المحدودة.

وحسب تقرير "موديز" الأخير فإن قطاع الكهرباء في الخليج سيحتاج إلى 50 مليار دولار لتوسعة طاقته إلى 60 جيجاواط خلال الاعوام المقبلة.

وبالتأكيد فإن الأسواق المالية في الخليج لن تتمكن من استيعاب مثل هذه الإصدارات الضخمة، التي سيحتاجها قطاع الطاقة وقطاعات أخرى في المنطقة.

وبناءً على ذلك، فإن خبراء ماليين في لندن يتوقعون تزايد حجم إصدارات الصكوك في لندن خلال الأعوام المقبلة.

وتستضيف بريطانيا حالياً حوالي 25 شركة تمويل إسلامية حسب تقرير "وورلد ريبورت". أكبر هذه المؤسسات المالية الإسلامية بنك "لندن والشرق الأوسط" وبنك "بريطانيا الإسلامي" الذي تأسس في عام 2004.

وحسب الباحث في جامعة هارفارد، جيستن دارجين، فإن بريطانيا أصبحت مركزاً محورياً للتمويل الإسلامي في العالم الغربي، لأسباب كثيرة أهمها: الروابط التاريخية، التي تربط بريطانيا بمنطقة الشرق الأوسط والمهارات المالية التي تحتويها لندن كمركز عالمي متطور ومتخصص في التمويل والاستثمار.

 

دلالات
المساهمون