20 يوليو 2019
لماذا نؤمن بالمقاومة الفلسطينية؟
أحمد الصباهي (فلسطين)
ربما يكون هذا العنوان من المسلمات لبعضهم، لكنه ما زال موضعا للتشكيك من آخرين، فضلا أن الإيمان بهذا المبدأ يناقض الرؤية والعقيدة السياسية المصلحية للسلطة الفلسطينية.
بعد موجة التطبيع الصهيونية التي شهدتها بعض الدول الخليجية، شعرنا وكأن حجارة الدومينو تتدحرج بسرعة، وكأن هناك سباقا محموما على استقبال القادة الإسرائيليين، وإن كان لا يغيب عنا عمق العلاقات القديمة "تحت الطاولة"، إلا أن ظهورها العلني يؤثر على الوعي العربي، ورفع من أسهم "الواقعيين" الذين يفترضون أن الكيان الإسرائيلي دولة "حقيقية"، ويجب التعامل معها "بواقعية" باعتبارها قوة عسكرية واقتصادية الى آخر هذه المعزوفة المثبطة. وبناء عليه، يفترض بنا، نحن الفلسطينيين والعرب، أن نسلم بهذه الفرضية، خصوصا أن أكثر من سبعين عاما من الاحتلال الإسرائيلي مرت، ولم تتحرر فلسطين، فجاءت مشكلة التطبيع العلني وبهرجة استقبال الإسرائيليين لتضفي لوناً واقعيا من ألوان الواقعية المفترضة.
ولكن السؤال الذي أوجهه إلى هؤلاء، لماذا يتبجح نتنياهو كلما تواصل مع دولة عربية، سرّاً أو علناً، حول قضية مشتركة كإيران أو غيرها، ولماذا يحاول الاحتلال دائما التواصل مع رياضيين أو فنانيين من مختلف الدول، لزيارة هذه الدول "الواقعية" ويتكبد ملايين الدولارات، ولماذا يطالب السلطة الفلسطينية بالاعتراف "بإسرائيل" دولة للشعب اليهودي فقط، والجواب ببساطة أن "إسرائيل" التي استمرت سبعين عاما ما زالت دولة تشعر بالتهديد. والأهم أنها بحاجة دائما إلى الاعتراف المتجدد بوجودها وبشرعيتها المشكوك فيها، على الرغم من اعتراف منظمة التحرير بوجودها منذ 25 وعشرين عاما.
ولا أريد أن أدخل في تفاصيل التاريخ المتعلق بمحادثات أوسلو، وما جرته من ويلات على الشعب الفلسطيني، لكني أسأل مجددا هؤلاء "الواقعيين"، لماذا لم يعترف ويطبق الاحتلال الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولماذا يسرق الأراضي ويطرد الفلسطينيين، ويهجرهم ويبني المستوطنات، ولماذا يهين السلطة الفلسطينية، ويدخل إلى مناطقها، ويعتقل من يشاء ويجبرها على التنسيق الأمني "طواعية منها"، وصولا إلى أنّ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مجبر على الحصول على إذن إسرائيلي ليسافر.
والجواب، ببساطة، أن الإسرائيلي لا يشعر بالتهديد، فهو ليس ملزما (هو لم يفعل ذلك تاريخيا) بتطبيق واحترام اتفاقاته وتعهداته مع السلطة، لأن منطق القوة مفقود، بل مسلوب ومحارب من السلطة، وصولا حتى لتفتيش حقائب الطلاب عن سكين يحارب فيه الاحتلال.
وأمام هذا اللامنطق باعتباره لم يحقق للفلسطينيين شيئا، سوى مزيد من المهانة والخنوع وسرقة الأرض والطرد وعدم عودة اللاجئين ومحاربة الهوية الفلسطينية، ليزداد الطين بلةً مع وصول ترامب، هناك منطق آخر له جمهوره الفلسطيني والعربي، يؤمن بمفهوم المقاومة بكل أشكالها، وصولا إلى المسلحة منها، فعدم الاعتراف والمواجهة الشعبية والثقافية في مناطق الـ 48، والضفة الغربية، والمسلحة في قطاع غزة، وصولا إلى الاقتصادية والقانونية التي تقوم بها حركة "مقاطعة الاستثمارات" (بي دي أس) في العالم، تثبت على الأقل أنّ هذا الكيان محتل، وفاقد للشرعية القانونية والوجودية، ويحافظ على ما تبقى من الهوية الفلسطينية أرضا وشعبا ومقدسات إسلامية ومسيحية منها، ويضعف من منطق التطبيع الصهيوني العربي ويضعه في خانة الخيانة.
التاريخ المشرف للنضال الفلسطيني منذ العام 1881، تاريخ أول وجود لمستوطنة إسرائيلية، يثبت بالوقائع أن الشعب الفلسطيني لم يقبل بهذا الوجود على الإطلاق، بل وحاربه بكل الإمكانيات المتوفرة لديه رغم كل الظروف الصعبة، وإن منطق العزة والكرامة واستعادة الحقوق عبر المقاومة هو تاريخ منطقتنا الذي تحرّر من الاستعمار الأجنبي، وإن الاستثناءات التي أدت بالمستعمر أن يعطي استقلالا لدولة عبر الاتفاق أدت إلى ترك هيمنة سياسية واقتصادية على تلك الدول، فكيف إذا كنا أمام معركة وجودية لا تقبل القسمة على اثنين، وكيف إذا كنا أمام احتلال لا يفهم إلا لغة القوة؟ فالاتفاقات والتعهدات هي لعبته التي لم تثمر للعرب والفلسطينيين إلا مزيدا من سلب وضياع الحقوق.
وأختم بما تحدث به القيادي في المقاومة الفلسطينية، يحيى السنوار، في خطابه أخيرا في تأبين شهداء غزة السبعة بعد العملية الاستخبارية الفاشلة للاحتلال في القطاع، والهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال، إذ قال: "أيتها السلطة الفلسطينية دعونا نقاتل الاحتلال، فإن حررنا فلسطين، فنحن وأنتم الفائزون، وإن دمرنا الاحتلال فسوف تخلو الساحة لكم"، أسأل هل من مجيب؟
بعد موجة التطبيع الصهيونية التي شهدتها بعض الدول الخليجية، شعرنا وكأن حجارة الدومينو تتدحرج بسرعة، وكأن هناك سباقا محموما على استقبال القادة الإسرائيليين، وإن كان لا يغيب عنا عمق العلاقات القديمة "تحت الطاولة"، إلا أن ظهورها العلني يؤثر على الوعي العربي، ورفع من أسهم "الواقعيين" الذين يفترضون أن الكيان الإسرائيلي دولة "حقيقية"، ويجب التعامل معها "بواقعية" باعتبارها قوة عسكرية واقتصادية الى آخر هذه المعزوفة المثبطة. وبناء عليه، يفترض بنا، نحن الفلسطينيين والعرب، أن نسلم بهذه الفرضية، خصوصا أن أكثر من سبعين عاما من الاحتلال الإسرائيلي مرت، ولم تتحرر فلسطين، فجاءت مشكلة التطبيع العلني وبهرجة استقبال الإسرائيليين لتضفي لوناً واقعيا من ألوان الواقعية المفترضة.
ولكن السؤال الذي أوجهه إلى هؤلاء، لماذا يتبجح نتنياهو كلما تواصل مع دولة عربية، سرّاً أو علناً، حول قضية مشتركة كإيران أو غيرها، ولماذا يحاول الاحتلال دائما التواصل مع رياضيين أو فنانيين من مختلف الدول، لزيارة هذه الدول "الواقعية" ويتكبد ملايين الدولارات، ولماذا يطالب السلطة الفلسطينية بالاعتراف "بإسرائيل" دولة للشعب اليهودي فقط، والجواب ببساطة أن "إسرائيل" التي استمرت سبعين عاما ما زالت دولة تشعر بالتهديد. والأهم أنها بحاجة دائما إلى الاعتراف المتجدد بوجودها وبشرعيتها المشكوك فيها، على الرغم من اعتراف منظمة التحرير بوجودها منذ 25 وعشرين عاما.
ولا أريد أن أدخل في تفاصيل التاريخ المتعلق بمحادثات أوسلو، وما جرته من ويلات على الشعب الفلسطيني، لكني أسأل مجددا هؤلاء "الواقعيين"، لماذا لم يعترف ويطبق الاحتلال الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولماذا يسرق الأراضي ويطرد الفلسطينيين، ويهجرهم ويبني المستوطنات، ولماذا يهين السلطة الفلسطينية، ويدخل إلى مناطقها، ويعتقل من يشاء ويجبرها على التنسيق الأمني "طواعية منها"، وصولا إلى أنّ رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مجبر على الحصول على إذن إسرائيلي ليسافر.
والجواب، ببساطة، أن الإسرائيلي لا يشعر بالتهديد، فهو ليس ملزما (هو لم يفعل ذلك تاريخيا) بتطبيق واحترام اتفاقاته وتعهداته مع السلطة، لأن منطق القوة مفقود، بل مسلوب ومحارب من السلطة، وصولا حتى لتفتيش حقائب الطلاب عن سكين يحارب فيه الاحتلال.
وأمام هذا اللامنطق باعتباره لم يحقق للفلسطينيين شيئا، سوى مزيد من المهانة والخنوع وسرقة الأرض والطرد وعدم عودة اللاجئين ومحاربة الهوية الفلسطينية، ليزداد الطين بلةً مع وصول ترامب، هناك منطق آخر له جمهوره الفلسطيني والعربي، يؤمن بمفهوم المقاومة بكل أشكالها، وصولا إلى المسلحة منها، فعدم الاعتراف والمواجهة الشعبية والثقافية في مناطق الـ 48، والضفة الغربية، والمسلحة في قطاع غزة، وصولا إلى الاقتصادية والقانونية التي تقوم بها حركة "مقاطعة الاستثمارات" (بي دي أس) في العالم، تثبت على الأقل أنّ هذا الكيان محتل، وفاقد للشرعية القانونية والوجودية، ويحافظ على ما تبقى من الهوية الفلسطينية أرضا وشعبا ومقدسات إسلامية ومسيحية منها، ويضعف من منطق التطبيع الصهيوني العربي ويضعه في خانة الخيانة.
التاريخ المشرف للنضال الفلسطيني منذ العام 1881، تاريخ أول وجود لمستوطنة إسرائيلية، يثبت بالوقائع أن الشعب الفلسطيني لم يقبل بهذا الوجود على الإطلاق، بل وحاربه بكل الإمكانيات المتوفرة لديه رغم كل الظروف الصعبة، وإن منطق العزة والكرامة واستعادة الحقوق عبر المقاومة هو تاريخ منطقتنا الذي تحرّر من الاستعمار الأجنبي، وإن الاستثناءات التي أدت بالمستعمر أن يعطي استقلالا لدولة عبر الاتفاق أدت إلى ترك هيمنة سياسية واقتصادية على تلك الدول، فكيف إذا كنا أمام معركة وجودية لا تقبل القسمة على اثنين، وكيف إذا كنا أمام احتلال لا يفهم إلا لغة القوة؟ فالاتفاقات والتعهدات هي لعبته التي لم تثمر للعرب والفلسطينيين إلا مزيدا من سلب وضياع الحقوق.
وأختم بما تحدث به القيادي في المقاومة الفلسطينية، يحيى السنوار، في خطابه أخيرا في تأبين شهداء غزة السبعة بعد العملية الاستخبارية الفاشلة للاحتلال في القطاع، والهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال، إذ قال: "أيتها السلطة الفلسطينية دعونا نقاتل الاحتلال، فإن حررنا فلسطين، فنحن وأنتم الفائزون، وإن دمرنا الاحتلال فسوف تخلو الساحة لكم"، أسأل هل من مجيب؟
مقالات أخرى
04 يوليو 2019
20 يونيو 2019
21 مارس 2019