23 أكتوبر 2024
لماذا تدعم إسرائيل قيام دولة كردية؟
تشغل القضية الفلسطينية مركز ثقل رئيسيا في سياق الجدل الدائر في دولة الاحتلال الإسرائيلية، في كل ما يتعلق باستقلال إقليم كردستان العراق. ولا يحتاج مُتابع هذا الجدل إلى عناء كبير، ليتبيّن مثلًا أن سبب جلّ المعارضين لأن تتخذ إسرائيل موقفًا علنيًا لصالح تأييد استقلال هذا الإقليم يعود إلى الخشية من أن يرجّح ذلك كفّة جميع المنادين بإقامة دولة فلسطينية، بما من شأنه أن يؤول إلى تفكيك "الدولة القومية اليهودية" في فلسطين التاريخية، مثلما سيؤول قيام دولة كردية بالنسبة إلى دولة قومية كالعراق. ولو كان هناك مجال أوسع، لأمكن الاستشهاد باقتباسات شتى في هذا الصدد.
في المقابل، لا يقيم المؤيدون لاستقلال إقليم كردستان أي اعتبار لهذه الخشية. ويشدّد هؤلاء، من ضمن أمور أخرى، على أنه فضلًا عن الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالنفط الذي يصل إلى إسرائيل من كردستان، وفقًا لتقارير إعلامية أجنبية، لدى دولة الاحتلال اعتبارات أمنية واستخباراتية مهمة في وجود علاقات وثيقة علنية مع كردستان العراق. وأرجع بعض هؤلاء الخوف الذي تبديه أطراف عربية وغيرها إزاء احتمال إقامة دولة كردية إلى التحسّب من نشوء مستعمرة إسرائيلية.
من الناحية التاريخية، لا تُعدّ "الورقة الكردية" جديدة كل الجدة في السياسة الإقليمية التي تنتهجها إسرائيل، فهي بدأت استخدامها في نطاق ما عُرف باسم "استراتيجية دول الطوق الثالث" التي وضعها رئيس حكومتها الأول، ديفيد بن غوريون، في خمسينيات القرن العشرين الفائت وستينياته، ووقفت في صلبها آنذاك فكرة التحالف مع دول في منطقة الشرق الأوسط، لها مصالح مشتركة، بالأساس أمنية مع دولة الاحتلال، ولكن لا حدود مشتركة لها معها، وهذه المصالح هي التي سمحت لإسرائيل بالتعاون مع هذه الدول، بهدف إضعاف النيات الحربية للدول المجاورة لها أو كبح هذه النيات، على غرار التحالف مع شاه إيران، والتحالف مع تركيا، ومساعدة الأكراد وغير ذلك.
وجاهر رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو، بتبني هذه الإستراتيجية قبل أكثر من ثلاثة أعوام، في ندوة عقدها معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب حول "خيارات إسرائيل بعد وصول الحل الدائم إلى طريق مسدود"، والمقصود بالطبع الحل الدائم للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وأشار نتنياهو، في حينه، إلى أن أحد مفاصل السياسة الإسرائيلية الراهنة يجب أن يكون كامنًا في إقامة تعاون إقليمي محدود بين إسرائيل ودول عربية، وصفها بأنها معتدلة تحت غطاء كبح الإسلاميين الجهاديين. وكرّر نتنياهو رغبته بالتعاون مع دول الخليج وفي طليعتها السعودية، وأقرّ لأول مرة علنًا بأن إسرائيل مستعدة لمساعدة الأردن عسكريًا، وأنها تؤيد تطلع كردستان نحو الاستقلال السياسي، كما اعتبر مصر شريكًا مهمًّا في هذا المعسكر.
يظل السؤال المطروح الآن: كيف ستواجه إسرائيل التناقض القائم بين دعمها قيام دولة كردية ومعارضتها إقامة دولة فلسطينية حتى ضمن خطوط 1967؟ أحد الناطقين المتفوهين باسم نتنياهو أكد، في هذا الخصوص، أنه بخلاف الأكراد الذين يعتبرون أمة عريقة تقيم منذ سنوات مديدة في أراضيها، فإن الصهيونية هي التي أدت إلى اختراع الشعب الفلسطيني، وهوية هذا الشعب القومية مؤسسة فقط على إنكار الصهيونية ودولة الاحتلال. بموازاة ذلك، بينما تعتبر إقامة دولة كردية، في عُرف هذا الناطق، بمثابة مساهمة في الاستقرار الإقليمي، سيكون نشوء دولة فلسطينية بمثابة مسّ بأمن دولة الاحتلال.
بطبيعة الحال، لم يفت هذا الناطق تأكيد أنه مع إيجاد حلّ للمسألة الفلسطينية، يقوم على أساس ما يطرحه نتنياهو واليمين الإسرائيلي المؤيد له، وغايته "أكثر من حكم ذاتي، وأقل من دولة كاملة السيادة" في أراضي 1967، بموجب ما يشير الكاتب، متقصدًا أن يرسم فيصلًا بين مقاربتي اليمين واليسار الإسرائيليين حيال تلك المسألة. غير أنه، في الوقت عينه، تحاشى الكاتب ذكر أن تلك الغاية كانت وما تزال هدف السكة التي سار فيها ذلك اليسار منذ اتفاق أوسلو.
في المقابل، لا يقيم المؤيدون لاستقلال إقليم كردستان أي اعتبار لهذه الخشية. ويشدّد هؤلاء، من ضمن أمور أخرى، على أنه فضلًا عن الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالنفط الذي يصل إلى إسرائيل من كردستان، وفقًا لتقارير إعلامية أجنبية، لدى دولة الاحتلال اعتبارات أمنية واستخباراتية مهمة في وجود علاقات وثيقة علنية مع كردستان العراق. وأرجع بعض هؤلاء الخوف الذي تبديه أطراف عربية وغيرها إزاء احتمال إقامة دولة كردية إلى التحسّب من نشوء مستعمرة إسرائيلية.
من الناحية التاريخية، لا تُعدّ "الورقة الكردية" جديدة كل الجدة في السياسة الإقليمية التي تنتهجها إسرائيل، فهي بدأت استخدامها في نطاق ما عُرف باسم "استراتيجية دول الطوق الثالث" التي وضعها رئيس حكومتها الأول، ديفيد بن غوريون، في خمسينيات القرن العشرين الفائت وستينياته، ووقفت في صلبها آنذاك فكرة التحالف مع دول في منطقة الشرق الأوسط، لها مصالح مشتركة، بالأساس أمنية مع دولة الاحتلال، ولكن لا حدود مشتركة لها معها، وهذه المصالح هي التي سمحت لإسرائيل بالتعاون مع هذه الدول، بهدف إضعاف النيات الحربية للدول المجاورة لها أو كبح هذه النيات، على غرار التحالف مع شاه إيران، والتحالف مع تركيا، ومساعدة الأكراد وغير ذلك.
وجاهر رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو، بتبني هذه الإستراتيجية قبل أكثر من ثلاثة أعوام، في ندوة عقدها معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب حول "خيارات إسرائيل بعد وصول الحل الدائم إلى طريق مسدود"، والمقصود بالطبع الحل الدائم للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وأشار نتنياهو، في حينه، إلى أن أحد مفاصل السياسة الإسرائيلية الراهنة يجب أن يكون كامنًا في إقامة تعاون إقليمي محدود بين إسرائيل ودول عربية، وصفها بأنها معتدلة تحت غطاء كبح الإسلاميين الجهاديين. وكرّر نتنياهو رغبته بالتعاون مع دول الخليج وفي طليعتها السعودية، وأقرّ لأول مرة علنًا بأن إسرائيل مستعدة لمساعدة الأردن عسكريًا، وأنها تؤيد تطلع كردستان نحو الاستقلال السياسي، كما اعتبر مصر شريكًا مهمًّا في هذا المعسكر.
يظل السؤال المطروح الآن: كيف ستواجه إسرائيل التناقض القائم بين دعمها قيام دولة كردية ومعارضتها إقامة دولة فلسطينية حتى ضمن خطوط 1967؟ أحد الناطقين المتفوهين باسم نتنياهو أكد، في هذا الخصوص، أنه بخلاف الأكراد الذين يعتبرون أمة عريقة تقيم منذ سنوات مديدة في أراضيها، فإن الصهيونية هي التي أدت إلى اختراع الشعب الفلسطيني، وهوية هذا الشعب القومية مؤسسة فقط على إنكار الصهيونية ودولة الاحتلال. بموازاة ذلك، بينما تعتبر إقامة دولة كردية، في عُرف هذا الناطق، بمثابة مساهمة في الاستقرار الإقليمي، سيكون نشوء دولة فلسطينية بمثابة مسّ بأمن دولة الاحتلال.
بطبيعة الحال، لم يفت هذا الناطق تأكيد أنه مع إيجاد حلّ للمسألة الفلسطينية، يقوم على أساس ما يطرحه نتنياهو واليمين الإسرائيلي المؤيد له، وغايته "أكثر من حكم ذاتي، وأقل من دولة كاملة السيادة" في أراضي 1967، بموجب ما يشير الكاتب، متقصدًا أن يرسم فيصلًا بين مقاربتي اليمين واليسار الإسرائيليين حيال تلك المسألة. غير أنه، في الوقت عينه، تحاشى الكاتب ذكر أن تلك الغاية كانت وما تزال هدف السكة التي سار فيها ذلك اليسار منذ اتفاق أوسلو.