09 نوفمبر 2024
لماذا تبقى أميركا منتصرة؟
لم يكن لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ ـ أون، عادياً، يوم الثلاثاء الماضي، وغير العادي هو "الشعور بالإحباط"، لدى بعضهم في العالم العربي، واعتبار أن الخطوة الكورية الشمالية "شكّلت هزيمة لهم". حسناً، يبدو أن هؤلاء يعتقدون أن الأيديولوجيات منتصرة دائماً، وأن كل شيء آخر هو خاسر. بغضّ النظر عن تمسّكهم بهذا المبدأ، فإن الدرس الكوري الشمالي، وقبله الدرس الألماني الشرقي، وقبله دروس دول الكتلة الشرقية من أوروبا، وقبلهم جميعاً الدرس السوفييتي، كلها تؤدي إلى مكان واحد: الانتصار الأميركي.
لماذا تنتصر أميركا دائماً؟ ليس لأنها أميركا، وليس لأنها "خارقة الذكاء". هي تنتصر فقط لاعتمادها "الواقعية المخادعة"، ولا يمكن كسر الأميركيين سوى باعتماد سياستهم هذه بحرفية، لا بطريقة محرّفة. الأميركيون يفرضون عقوبات على العالم، ولا أحد قادر على تطبيق أي عقوبات يفرضها عليهم. يملك الأميركيون أقوى قوة عسكرية، وهم متغلغلون في تفاصيل يومياتنا من مأكل وملبس وثقافة وسينما وسلوكيات وأحلام بالهجرة حتى. أميركا هي كل هؤلاء، بينما نحن أقرب إلى أنصار "ردّ الفعل" غير المبني على خطط سليمة، ولا إدراك معيّنا للكينونة الأميركية.
في لقاء سنغافورة بين ترامب وكيم، كان واضحاً أن منطق السلاح النووي أضعف من منطق الجوع بالنسبة للكوريين الشماليين. وكان جلياً أن كيم يهتم ببقاء نظامه، وأميركا تريد الاستثمار في هذا "البقاء". كان معلوماً أن الأميركيين سيتمركزون في شمالي كوريا، بعد سيطرتهم على جنوبها، من دون إطلاق رصاصةٍ واحدة، بينما على الكوريين الشماليين أن يصبحوا عمالاً في شركات أميركية. ترامب تاجر يشتري ويبيع وكوريا الشمالية عرضت بضائعها وحصل الاتفاق.
إذاً لماذا بعضهم في عالمنا العربي مصدوم بالخطوة هذه؟ لا لشيء سوى لعاملين. الأول، فائض القوة التي يتغنى بها، خصوصاً أنه كان يعتقد أن إيران من دول المحور ستنهي الاحتلال الإسرائيلي، بينما في الواقع، كل ما يهتم به النظام الإيراني هو تكريس التمدّد الإقليمي لحماية الداخل من التفكك. الثاني، اعتقادهم عن خطأ أن المنطق الأميركي خاسر في الشرق الأوسط ووسط آسيا وصولاً إلى جنوبها، على اعتبار أن "ترامب مكروه من الجميع، وبالتالي إن أميركا ضعيفة".
لا، يا سادة، ما هكذا تُقارَب الأمور، خصوصاً بما يتعلق بأميركا. أميركا ليست ترامب، بل نظامٍ صلب، اسألوا كل من يهاجر إلى أميركا، حول كيفية تحوّل الجميع إلى جزء من النظام، بشكل يُمتّن قوته، من العامل الديمغرافي مروراً بالعامل الاقتصادي، وصولاً إلى العامل السياسي. أميركا كتلة متجانسة، يُسيّرها نظام عصيّ على السقوط. بالتالي، فإن وجود ترامب أو باراك أوباما أو غيرهما، أو سقوطهما، لا يؤدي لا إلى سقوط النظام الأميركي، ولا إلى إضعافه، بل إلى "تغيير الآلة التي تزعج عمل النظام فقط".
في عالمنا العربي، لا يفكرون هكذا، بل يفكرون بمنطق أن من حمل رشاشاً وحارب على جبهات عسكرية بعقيدة دينية هو قادر على هزيمة أميركا. هذه الخطيئة بعينها، لا يمكنك القتال باسم العقيدة الدينية، لأنها ستبقى حربا خاسرة أصلاً، ثم لا يمكنك القتال ضد أميركا، كما كنت تفعل سابقاً لأنك ستخسر. لا يمكنك مواجهة نظام، مهما قلت عن شعبه بأنه "غبي". الأميركيون قد يكونون أغبياء بالنسبة لبعض الناس، لكن النظام ليس غبياً على الإطلاق. واليوم الذي يتمكن فيه أي أحد من اختراق طبيعة النظام الأميركي هو اليوم الذي تخسر فيه أميركا، وغير ذلك يبقى أضغاث أحلام.
هناك من هالتهم قمة ترامب وكيم، وكأنه كان يظن أن "النصر خلف الباب وأن أميركا انتهت". لا، الأميركيون هم أميركيون ومقبلون على انتصارات جديدة، ونحن لسنا سوى مراهنين خاسرين على سقوط الدولة الأميركية، كما فعل أجدادنا وأسلافنا عبر التاريخ.
لماذا تنتصر أميركا دائماً؟ ليس لأنها أميركا، وليس لأنها "خارقة الذكاء". هي تنتصر فقط لاعتمادها "الواقعية المخادعة"، ولا يمكن كسر الأميركيين سوى باعتماد سياستهم هذه بحرفية، لا بطريقة محرّفة. الأميركيون يفرضون عقوبات على العالم، ولا أحد قادر على تطبيق أي عقوبات يفرضها عليهم. يملك الأميركيون أقوى قوة عسكرية، وهم متغلغلون في تفاصيل يومياتنا من مأكل وملبس وثقافة وسينما وسلوكيات وأحلام بالهجرة حتى. أميركا هي كل هؤلاء، بينما نحن أقرب إلى أنصار "ردّ الفعل" غير المبني على خطط سليمة، ولا إدراك معيّنا للكينونة الأميركية.
في لقاء سنغافورة بين ترامب وكيم، كان واضحاً أن منطق السلاح النووي أضعف من منطق الجوع بالنسبة للكوريين الشماليين. وكان جلياً أن كيم يهتم ببقاء نظامه، وأميركا تريد الاستثمار في هذا "البقاء". كان معلوماً أن الأميركيين سيتمركزون في شمالي كوريا، بعد سيطرتهم على جنوبها، من دون إطلاق رصاصةٍ واحدة، بينما على الكوريين الشماليين أن يصبحوا عمالاً في شركات أميركية. ترامب تاجر يشتري ويبيع وكوريا الشمالية عرضت بضائعها وحصل الاتفاق.
إذاً لماذا بعضهم في عالمنا العربي مصدوم بالخطوة هذه؟ لا لشيء سوى لعاملين. الأول، فائض القوة التي يتغنى بها، خصوصاً أنه كان يعتقد أن إيران من دول المحور ستنهي الاحتلال الإسرائيلي، بينما في الواقع، كل ما يهتم به النظام الإيراني هو تكريس التمدّد الإقليمي لحماية الداخل من التفكك. الثاني، اعتقادهم عن خطأ أن المنطق الأميركي خاسر في الشرق الأوسط ووسط آسيا وصولاً إلى جنوبها، على اعتبار أن "ترامب مكروه من الجميع، وبالتالي إن أميركا ضعيفة".
لا، يا سادة، ما هكذا تُقارَب الأمور، خصوصاً بما يتعلق بأميركا. أميركا ليست ترامب، بل نظامٍ صلب، اسألوا كل من يهاجر إلى أميركا، حول كيفية تحوّل الجميع إلى جزء من النظام، بشكل يُمتّن قوته، من العامل الديمغرافي مروراً بالعامل الاقتصادي، وصولاً إلى العامل السياسي. أميركا كتلة متجانسة، يُسيّرها نظام عصيّ على السقوط. بالتالي، فإن وجود ترامب أو باراك أوباما أو غيرهما، أو سقوطهما، لا يؤدي لا إلى سقوط النظام الأميركي، ولا إلى إضعافه، بل إلى "تغيير الآلة التي تزعج عمل النظام فقط".
في عالمنا العربي، لا يفكرون هكذا، بل يفكرون بمنطق أن من حمل رشاشاً وحارب على جبهات عسكرية بعقيدة دينية هو قادر على هزيمة أميركا. هذه الخطيئة بعينها، لا يمكنك القتال باسم العقيدة الدينية، لأنها ستبقى حربا خاسرة أصلاً، ثم لا يمكنك القتال ضد أميركا، كما كنت تفعل سابقاً لأنك ستخسر. لا يمكنك مواجهة نظام، مهما قلت عن شعبه بأنه "غبي". الأميركيون قد يكونون أغبياء بالنسبة لبعض الناس، لكن النظام ليس غبياً على الإطلاق. واليوم الذي يتمكن فيه أي أحد من اختراق طبيعة النظام الأميركي هو اليوم الذي تخسر فيه أميركا، وغير ذلك يبقى أضغاث أحلام.
هناك من هالتهم قمة ترامب وكيم، وكأنه كان يظن أن "النصر خلف الباب وأن أميركا انتهت". لا، الأميركيون هم أميركيون ومقبلون على انتصارات جديدة، ونحن لسنا سوى مراهنين خاسرين على سقوط الدولة الأميركية، كما فعل أجدادنا وأسلافنا عبر التاريخ.