التتويج الرسمي لنادي ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز لأول مرة منذ ثلاثين عاماً صنع الحدث في وسائل الإعلام البريطانية والعالمية ووسائط التواصل الاجتماعي أكثر من غيره من التتويجات، ليس لأنه غير مستحق، وليس لأنه تتويج مفاجئ غير منتظر، ولا حتى لأنه من صنع فريق مغمور، مثل بلاكبيرن سنة 1995، أو ليستر الذي حقق مفاجأة القرن سنة 2016، لكنه كان حديث كل عشاق اللعبة في العالم الذين فرحوا وتمنوا وصفقوا للتتويج وأغفلوا عن طرح السؤال المحير حول غياب ليفربول عن منصة التتويجات باللقب المحلي على مدى ثلاثة عقود كاملة، في وقت سيطر المان يونايتد وتألق تشلسي والمان سيتي وأرسنال منذ تغيير التسمية إلى الدوري الممتاز سنة 1992، في زمن فاز فيه أوروبياً بدوري الأبطال وكأس الاتحاد الأوروبي وكأس السوبر الأوربي، وبعديد من الكؤوس المحلية.
هل كان ليفربول طيلة هذه المدة ضعيفاً لدرجة لم يعد ينافس على لقب الدوري المتوج به ثماني عشرة مرة قبل اليوم؟ أم كانت الفرق الأخرى أقوى منه؟ هل يتعلق الأمر بنحس طارد الفريق؟ أم يعود لأسباب فنية بحتة موضوعية وأخرى ذاتية تتعلّق بالفريق في حد ذاته وخياراته التي لم تكن موفقة على مستوى انتداب اللاعبين والمدربين، وكان عليه انتداب يورغن كلوب وأليسون وفاندايك وصلاح وماني وفيرمينو ليتمكن من التألق والتفوق على الجميع ويتوج بكأس العالم ودوري الأبطال والدوري الإنكليزي الممتاز، بعد عمل طويل المدى دام خمس سنوات بقيادة نفس المدرب؟
السؤال يطرح نفسه لأن الابتعاد عن التتويج بلقب الدوري دام 30 عاماً لنادي عريق اسمه ليفربول، يملك قاعدة جماهيرية كبيرة وموارد مالية ضخمة جعلت منه أحد أغنى النوادي في العالم، ولعب في صفوفه طيلة هذه الفترة نجوم كبار على غرار كيني داغليش، أيان راش، مايكل أوين روبي فولير، والأسطورة ستيفن جيرارد ، تشابي ألونسو ولويس سواريز وغيرهم ممن سبق لهم أن قادوا الفريق للسيطرة المحلية والأوروبية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي قبل أن تتغير تسمية كأس أوروبا للأندية إلى دوري الأبطال، وتتغير تسمية الدوري الإنكليزي إلى الدوري الممتاز، وتبدأ اللعنة بعد ذلك تلاحق المدربين واللاعبين وعشاق النادي الذين رفعوا شعار "لن تمشي وحيداً أبداً" في قلوبهم وعقولهم وهتافاتهم.
قد تكون كل العوامل المذكورة مجتمعة هي سبب إخفاقات ليفربول محلياً على مدى ثلاثة عقود، لكن المتشائمين من العشاق يربطون الابتعاد عن منصة التتويج باللقب المحلي بمجرد نحس طارد النادي منذ تغيير مسمى الدوري
كل أرقام وأسماء المتوجين بالبريميرليغ منذ تأسيسه موسم 1992 /1993 توحي بأن الفرق الستة المتوجة بالدوري الممتاز كانت تملك مدربين عالميين ولاعبين متميزين، على غرار المان يونايتد الذي أحرز 13 لقباً خلال هذه الفترة بقيادة مدربه العالمي أليكس فيرغسون، وتشلسي الذي أحرز على 5 بطولات بفضل مورينيو وأنشيلوتي وكونتي، كما أحرز المان سيتي ألقابه الأربعة بقيادة مانشيني وبليغريني وغوارديولا، وتوج أرسنال ببطولاته الثلاث تحت قيادة أرسين فينغر الذي استمر في تدريب النادي اللندني لأكثر من عقدين من الزمن، في حين كان رانييري مشرفاً على ليستر عندما صنع المعجزة سنة 2016، وكان أحد أساطير ليفربول كيني دالغليش مدرباً لبلاكبيرن عندما أحرز اللقب سنة 1995، وهو الذي كان آخر مدرب فاز مع ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي سنة 1990 .
طيلة هذه الفترة لم ينتدب ليفربول مدربين كباراً قادرين على قيادة النادي نحو التتويج على غرار غرايم سونيس، جيرارد هولييه، رافاييل بينيتيز، روي هودغسون، وبريندن روجرز، وهي كلها أسماء لم تتوّج بالدوري الممتاز مع أي فريق آخر، إلى غاية مجيء الألماني يورغن كلوب سنة 2015، وانتداب لاعبين من الطراز العالي في كل المراكز، ما سمح للمدرب ببناء منظومة لعب تستند إلى حارس عملاق وأحسن قلب دفاع في أوروبا، وأحسن ظهيرين في العالم، إضافة إلى وسط ميدان عالمي وثلاثي خط هجوم مرعب يسجل ويصنع مجتمعا أكثر من 60 هدفا كل موسم، ما سمح له بالتتويج بدوري أبطال أوروبا، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، ثم لقب الدوري الإنكليزي الممتاز التاسع عشر في تاريخ النادي والأول منذ سنة 1990 تاريخ آخر تتويج.
قد تكون كل العوامل المذكورة مجتمعة هي سبب إخفاقات ليفربول محليا على مدى ثلاثة عقود، لكن المتشائمين من العشاق يربطون الابتعاد عن منصة التتويج باللقب المحلي بمجرد نحس طارد النادي منذ تغيير مسمى الدوري إلى الدوري الإنكليزي الممتاز سنة 1992، ليطرده الألماني يورغن كلوب سنة 2020 رفقة كوكبة من نجوم كبار لم يكتفوا بتسيد إنكلترا بل أوروبا والعالم، على أمل أن تستمر السيطرة لسنوات أخرى يتم فيها تعويض ما فات ليعود ليفربول إلى مكانته ويلتزم الغير بالعودة إلى حجمه.