إن الأسئلة التي تثار من حين لآخر حول إنسانية ذلك الطيار الذي أسقط برميله على مدينته وأبناء شعبه، أو ذلك الجندي الذي صوب بندقيته على طفل صغير، أو امرأة مسكينة، أو شاب بريء، أو شيخ كبير، ثم أطلق رصاصاته، كلها أسئلة مطروحة ومتداولة على نطاق واسع بين مختلف شرائح المجتمعات العربية.
إلا أن الإجابة عنها لن توجد في صحيفة شيخ مسجد، أو سبورة معلم مدرسة، أو مايكروفون مذيع تلفزيوني، أو عمود كاتب صحفي، إننا قد نحسن إطلاق السؤال ولكننا نخطئ تصويبه، مثل هذه التساؤلات سبق طرحُها في مباحث لعلم النفس، وأجابت عنها، وفصلت في تشريحها، بل لعلها أشارت إلى آليات تطبيقها بعد دراسة مئات النماذج والحالات التي تزخر بها أحداث التاريخ القديم والحديث على وجه الخصوص.
أحد هذه الكتب "سيكولوجية العنف.. التاريخ الإجرامي للجنس البشري" لمؤلفه كولن ولسون الذي كتب فيه أن الجنود في ميدان المعركة يخضعون لسلطة أعظم من سلطة الضمير، إنها سلطة "إطاعة الأوامر"، التي لها تأثير التنويم المغناطيسي! حيث يغلق الجنود جزءاً من واقعهم، ويرفضون الاعتراف بإنسانية ضحاياهم، وكل ما بعد هذه الحالة النفسية يسير عليهم حتى لو كان إزهاق روح إنسان لم يسبق أن عرفوه من قبل، أو ربما كان صديقهم أو جارهم!
هنا سيطرح سؤال آخر، إن كان هؤلاء الجنود الذين لا حول لهم ولا قوة مسؤولين عن الجرائم التي نفذوها إطاعة لأوامر من أقسموا لهم بالطاعة في المكره والمنشط؟!
إلا أن الإجابة عنها لن توجد في صحيفة شيخ مسجد، أو سبورة معلم مدرسة، أو مايكروفون مذيع تلفزيوني، أو عمود كاتب صحفي، إننا قد نحسن إطلاق السؤال ولكننا نخطئ تصويبه، مثل هذه التساؤلات سبق طرحُها في مباحث لعلم النفس، وأجابت عنها، وفصلت في تشريحها، بل لعلها أشارت إلى آليات تطبيقها بعد دراسة مئات النماذج والحالات التي تزخر بها أحداث التاريخ القديم والحديث على وجه الخصوص.
أحد هذه الكتب "سيكولوجية العنف.. التاريخ الإجرامي للجنس البشري" لمؤلفه كولن ولسون الذي كتب فيه أن الجنود في ميدان المعركة يخضعون لسلطة أعظم من سلطة الضمير، إنها سلطة "إطاعة الأوامر"، التي لها تأثير التنويم المغناطيسي! حيث يغلق الجنود جزءاً من واقعهم، ويرفضون الاعتراف بإنسانية ضحاياهم، وكل ما بعد هذه الحالة النفسية يسير عليهم حتى لو كان إزهاق روح إنسان لم يسبق أن عرفوه من قبل، أو ربما كان صديقهم أو جارهم!
هنا سيطرح سؤال آخر، إن كان هؤلاء الجنود الذين لا حول لهم ولا قوة مسؤولين عن الجرائم التي نفذوها إطاعة لأوامر من أقسموا لهم بالطاعة في المكره والمنشط؟!
ولسنا هنا نتناول الموضوع من زاوية الشرع حيث الحلال والحرام، وإنما من زاوية علم النفس و"سيكولوجية العنف"، الذي يخبرنا فيه كولن ولسن أنهم بالطبع مسؤولون مسؤولية كاملة عن تلك المذابح التي يرتكبونها باسم طاعة الأوامر، خصوصاً أن عمليات "غلق الواقع" التي نفذوها تمت بإرادتهم الذاتية.
إنها أشبه ما تكون بحالة إغلاق هاتف، أو وضعه على الصامت رغم العلم بحساسية الوضع الراهن وظروفه الاستثنائية، كان القرار اختيارياً نفذه الإنسان بكامل وعيه، وحين يصل إلى هاتفه اتصال طارئ أو رسالة عاجلة لن يقرأها، وحينما يُسأل عن ذلك فإجابته بسيطة وحاضرة: لم أسمع رنة الهاتف لأنه كان مغلقاً أو على الصامت!
إذا لماذا أغلقت أيها الجندي هاتفك! لماذا أغلقت الهاتف من ضميرك، هاتف إنسانيتك!
بقي من نافل القول أن الجندي الذي تحدثنا عنه لا يهم إن كان في جيش نظامي أو مليشيا طائفية، أو تنظيمات مسلحة، المهم أن لا يغلق هاتفه.
(البحرين)