وأطلق المحتجون، اليوم الخميس، العديد من الشعارات المناهضة للحكومة وسياساتها الاقتصادية، منها "بدنا نعيش بدنا نعيش"، و"طاق طاق طاقية الحكومة حرامية"، "بدنا نعيش لا فساد ولا تهميش"، "السويداء ما بتنذل".
من جانبها، وضعت المحافظة مجموعة من مقاتلي القوات النظامية ببنادق حربية على باب مبناها، الأمر الذي اعتبره المحتجون تصرفاً استفزازياً، مطلقين صرخات "سلمية سلمية ضب سلاحك سلمية".
وقالت مصادر أهلية مطلعة من مدينة السويداء، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأوضاع المعيشية لم تعد تطاق، واليوم الكثير من العائلات لم تعد قادرة على تأمين قوت يومها، ولا الحصول على مادة المازوت للتدفئة، بسبب قلتها أولاً، ولعدم وجود قدرة مالية ثانياً، كما أنّ أسطوانات الغاز غير متوفرة، وهناك أسر من شهرين لم تتمكن من تبديل أسطوانة الغاز، حيث لا يوجد التزام بالكميات المطلوبة ولا بموعد التوزيع".
ولفتت إلى أنّ "جميع الخدمات سيئة، والقمامة تملأ الشوارع، والأرصفة والشوارع تكاد لا تخلو من الحفر، ومع بدء موسم الأمطار غرقت الشوارع وتضررت المنازل، فشبكة الصرف الصحي غير قادرة على استيعاب المياه، لعدم صيانتها بشكل دوري". وتابعت "حتى مستوى الرعاية الصحي بأدنى مستوياته، المشافي تعاني من عدم النظافة وقلة الكادر الطبي، ونقص الأدوية، ومعظم المرضى في المشافي يشترون الأدوية على حسابهم الخاص".
أسامة (21 عاماً)، وهو طالب جامعي من السويداء، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع المعيشي لم يعد يطاق. نحن في العائلة أربعة طلاب؛ اثنان منا في الجامعة، وأبي وأمي موظفان في الدولة، لم يعد بإمكانهما تأمين أبسط احتياجاتنا من أجور نقل وثمن المحاضرات، وحتى اللباس بأبسط أشكاله".
وأضاف "رأيت الدعوة للاحتجاج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كنت بحاجة لأن أعبر عن الضيق الذي نعيش به، لعل صوتي وأصوات من في عمري تصل إلى آذان المسؤولين الذين لا يكفون عن الاستخفاف بعقولنا، والقول إنّ الأوضاع في سورية جيدة". وتابع "منذ أيام رفعت شركات النقل الأجور بين السويداء ودمشق، ولولا ضغط الشارع والدعوة إلى مقاطعتها لما أعادت التسعيرة القديمة. إنهم لن يسمعوا وجعنا إلا إذا نزلنا إلى الشارع، ويبدو أن غرفهم المكيفة وسياراتهم ذات المواكب لا تجعلهم يشعرون بالمواطن الذي يركض طوال اليوم وراء الغاز والمازوت ورغيف الخبز".
مصادر مقربة من الجهات الرسمية، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قالت لـ"العربي الجديد"، إنّ اللجنة الأمنية عقدت اجتماعاً، صباح اليوم، وبحثت حالة الاحتجاجات في السويداء، وتم التواصل مع مشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز، في محاولة منها لاحتواء الاحتجاجات الشبابية. وبينت المصادر أنه إلى "الآن لا يوجد أي توجه لقمع الاحتجاجات، بل البحث عن سبل احتوائها".
وكان من اللافت أنّ الإعلام الرسمي التابع للنظام والمقرب منه يقوم بتغطية الاحتجاجات بشكل مقتضب، في سابقة من نوعها، دون كيل اتهامات العمالة والتخوين التي درج عليها الإعلام الرسمي منذ شهر مارس/ آذار من عام 2011 تجاه المظاهرات التي بدأت حينها مطلبية ونادت بالحرية والكرامة، إلا إنه تمت مواجهتها بحملة من العنف الشديد والاعتقالات الواسعة، ما تسبب بسقوط آلاف الضحايا، لتتطور إلى مواجهات مسلحة تسببت بتهجر أكثر من نصف الشعب السوري ودمار مئات المدن والبلدات.
يشار إلى أن نسبة كبيرة من الموظفين في القطاع العام بدأوا بتقديم استقالاتهم والبحث عن فرص عمل خاصة، بسبب الرواتب القليلة وانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية، حيث لا يوجد أي تناسب بين الدخول والرواتب، الأمر الذي جعل المزاج العام في الشارع داعماً لحركة الاحتجاجات اليوم في السويداء، والتي تلقى تفاعلاً في بقية المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.