لكلّ من اسمه نصيب ولاسمي حكاية

12 مارس 2017
+ الخط -
إنه اسمي الحقيقي، وحكايتي معه بدأت قبل ولادتي، فاسمي الذي أحمله لا يُعرِّف عنّي وحسب، بل يؤدِّي مُهمّة أكبر من وظيفة الاسم الحقيقية.

اسمي هذا، المُسجَّل في شهادة الميلاد، وفي هويتي الشخصية، أصبحَ بمثابة البطاقة التي تُعَرِّف عني وتروِّج لعملي أحياناً، اسمي هذا حتى وإن ساعدني كثيراً، لكنه أيضاً أثار التعجب، التساؤلات، المحاكمات غير السليمة وغير المنطقية، والاستغراب السلبي أحياناً، والإيجابي في أحيانٍ أخرى. 

بدأت القصة معه، حين فكر والدي مليّاً بالاسم الذي سيطلقه على طفله البكر، لو كنت صبياً كان سيسميني، سيف بن ذي يزن، نعم، سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن.... ليصل إلى ابن حمير بن سبأ، أحد ملوك اليمن القدامى.

لعله كان يقرأ كتاباً عن الرجل الذي طرد الأحباش من اليمن، وتعاون في يوم من الأيام مع ملك بلاد فارس، كسرى أنوشروان، ياللعجب! هذا الاسم كذلك مرتبط بإيران، البلد الذي جئت إليه وأعمل منه.

 لكني جئت إلى هذا العالم بنتاً، فاختار والدي فرح الزمان اسماً، ليكون، وعلى ما يبدو، نتيجة التأثر بقصص "ألف ليلة وليلة"، وهي خلاصة حكايات من حضارات عربية وفارسية وهندية ومصرية وأخرى قادمة من بلاد الرافدين.

 أنا واسمي، أمضينا أياماً جميلة معاً، أحياناً، لم أكن أعترف بأنه يدعى "فرح الزمان"، واكتفيت بفرح، ربما خجلاً، كبرت قليلاً وأدركت أنه مختلف، فهو يثير الشكوك والفضول أحياناً، ودعوني أعترف أنّ القدر وحده هو من أوصلني لإيران، بلدٌ بعيدٌ وغير مألوف، كما يقول كثر، ليبدأ فصل آخر من الحكاية مع فرح الزمان.

في الحقيقة، يستغرب الإيرانيون منه، فهو اسم قديم جداً، ويذكرهم بالأساطير، كما قال البعض لي. وها قد عدنا من جديد، فتخليّت عن المقطع الثاني من الاسم، وأصبح فرحاً وحسب، هو ذات اسم الملكة فرح ديبا، زوجة الشاه البهلوي الذي خلعته الثورة الإسلامية، اسمٌ يرتبطُ بذاكرة الإيرانيين جيداً، فاختلفت آراؤهم بين المدح والاستغراب، وبين من يقول لا بد من أنك إيرانية فأنتِ تحملين اسم ملكتنا، لأدافعَ عن عروبة الاسم بشراسة، وياللعجب أيضاً، فأنا أدافعُ عن عروبتي كذلك أمام العرب أنفسهم، أيضاً بسبب اسمي الذي يثير الشكوك حول كوني "فارسية"!

كثر كانوا يسجّلونه فرج الزمان، نقطة مع حرف الحاء تغير كل المعنى، وتجعل صاحب الاسم مُذكّراً، لا بل إن بعضهم تجرّأ، ووضع نقطة فوقه، ليصبح فرّخ، بفتح الفاء، وتشديد وضم الراء، وهي كلمة فارسية قديمة تدل على اسم منطقة خضراء واسعة جنوب شرقي إيران، ونعمها "فراخ" أي بحدود العالم!

لكنّي، اليوم، لم أعد حساسة كثيراً، واعتدت على أن يرافقني فرح الزمان، فالإيرانيون بالأساس لا ينادون الغرباء باسمهم الأول، بل يستخدمون اسم العائلة، فأصبحَ فرحُ الزمان مُتجاهلاً في مكان، لكنه مازال يلعب أدواره المتعددة والغريبة في أماكن أخرى، وهو ما لم يعد مقلقاً أصلاً، بل على العكس... 

 

C35608B0-09E2-4F09-84AA-CF9E2A45837C
C35608B0-09E2-4F09-84AA-CF9E2A45837C
فرح الزمان شوقي
فرح الزمان شوقي

مدونات أخرى