وتم التأكيد، خلال مباحثات ثنائية تبعتها مباحثات موسعة جرت في قصر الحسينية بحضور كبار المسؤولين في البلدين، على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق بين الأردن وتركيا تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتوسيع آفاق التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
ونقل بيان برتوكول صادر عن الديوان الملكي ووصل إلى "العربي الجديد" نسخة منه، عن العاهل الأردني شكره لأردوغان على "المواقف القوية الذي اتخذها إزاء التحديات التي شهدها المسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، وعلى دعمه الأخوي للأردن أمام التحديات".
واستبق أردوغان زيارته الأردن بتثمين الموقف الأردني تجاه المقدسات في مدينة القدس.
وقال الملك "أرحب بك هنا في بيتك الثاني، ويسعدني وجودك هنا مرة أخرى"، مؤكداً السعي لتحسين العلاقات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، والاجتماعية مع تركيا.
من جانبه، قال الرئيس التركي "أخي العزيز، جلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية، السادة أعضاء الوفد الأعزاء، نعود بهذه الزيارة إلى الأردن الأخ والشقيق بعد 9 سنوات، وباسمي وبالنيابة عن أعضاء الوفد التركي، أتقدم بالشكر الجزيل على حسن الاستقبال والاهتمام اللذين لقيناهما. باسمي وباسم بلدي أتقدم بالشكر الجزيل أيضاً لأخي جلالة الملك على هذه الدعوة الكريمة لزيارة الأردن".
وشكر أردوغان الأردنيين على تضامنهم مع تركيا في ليلة 14 يوليو/ تموز (محاولة الانقلاب)، ونحن كدولة وشعب تركي سنكون دائماً وأبداً إلى جانب الأردن.
وتعهد بالاستمرار بدعم دور الأردن في حماية المقدسات في القدس، والعمل مع الأردن لمنع تكرار الاعتداءات والخروقات التي حصلت في المسجد الأقصى الشهر الماضي.
وحرص الرئيس التركي قبل أن يستقل الطائرة الرئاسية متجهاً إلى الأردن في زيارة قصيرة، على توجيه رسالة إيجابية تعني الكثير للقيادة الأردنية، إذ ثمّن دورها في حماية الأماكن المقدسة بمدينة القدس.
وأحيطت زيارة أردوغان باهتمام كبير، وسط تقديرات بأن تكون نقطة تحول متدرج في العلاقة الفاترة بين عمّان وأنقرة، كما يرى مراقبون.
وكان في استقبال أردوغان لدى وصوله مطار الملكة عليا الدولي، وزير الدولة للشؤون القانونية، رئيس بعثة الشرف المرافقة للرئيس، الدكتور بشر الخصاونة، وعدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين، كما كان في الاستقبال السفير الأردني في أنقرة أمجد العضايلة، والسفير التركي في عمان مراد قرة غوز.
عبارات الود اللافتة، تأتي في وقت يحكم البرود العلاقات الأردنية التركية، إذ شخص الكاتب محمد أبو رمان في مقال نشره في صحيفة الغد الأردنية بالتزامن مع الزيارة، أن العلاقة الأردنية - التركية "لم تتطور، منذ صعود نجم أردوغان (رئيساً للوزراء، منذ عام 2003، ورئيساً للدولة منذ عام 2014)، فقد شهدت هذه العلاقات تبايناً شديداً في الرؤى والمواقف تجاه الملفات الإقليمية، بخاصة في مرحلة الربيع العربي، وما بعدها".
وعكس البيان الصادر عقب المباحثات، ما يصفه مراقبون برغبة متبادلة في تعزيز العلاقات بين البلدين، وحسب البيان فإن الزعيمين أكدا أهمية توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما بحثا آليات زيادة مستويات التبادل التجاري والاستثماري، داعين إلى زيادة التعاون بين مسؤولي البلدين،ومواصلة الجهود للنهوض بمستوى التعاون الاقتصادي، واستكشاف الفرص الاستثمارية في مختلف المجالات، وزيادة الزيارات المتبادلة والخبرات بينهما.
الأزمة السورية
وشغلت القضية السورية حيزاً من المباحثات، حيث جرى التطرق للآثار التي يتحملها البلدان نتيجة تداعيات الأزمة السورية وأعباء اللجوء الناتجة عنها، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته وزيادة دعمه للدول المجاورة لسورية.
واتفق الزعيمان على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية، عبر مسار جنيف، وبما يحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ وحدة الأراضي السورية، وينهي العنف والمعاناة ويحقن دماء السوريين ويسمح بعودة اللاجئين.
وأعاد الملك والرئيس التركي التأكيد على دعم مسار جنيف، وصولاً لحل سياسي في سورية.
في السياق لفت دكتور العلوم السياسية، هايل الدعجة، لـ"العربي الجديد" أن "بين تركيا والأردن قواسم مشتركة في ما يتصل بتطورات الأزمة السورية، ومستقبل تلك التطورات على البلدين و يتخوفان من التهديد الإرهابي المتمثل بداعش، ويعانيان نتيجة للجوء السوري، ويتأثران بأي حل مستقبلي".
ويصف الدعجة تركيا بأنها "لاعب أساسي في مستقبل حل الأزمة السورية التي باتت مفاتيح حلها بعيدة عن العرب" ، مشيرا إلى أن تطوير علاقات الأردن مع جميع القوى الفاعلة يصب في المصلحة الأردنية.
إطلاق المفاوضات
وفي الشأن الفلسطيني أكد الزعيمان أهمية إيجاد حل للقضية الفلسطينية، داعيين لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تنهي الصراع استناداً لحل الدولتين، وبما يكفل قيام دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وشددا على ضرورة أن تتم مفاوضات السلام الجديدة وفقاً لجدول زمني واضح، وأن تستند لقرارات الشرعية الدولية، خاصة مبادرة السلام العربية، التي تم تبنيها عام 2002.
عقدة الإسلام السياسي
وإضافة للملف السوري الذي يتقاسم البلدان آثاره، يقلل رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، من تأثيرات المقاربة المختلفة تجاه الإسلام السياسي على فرص تطور العلاقة بين البلدين.
يقول الحمد "المقاربة التركية ورهاناتها على الحركة الإسلامية، لا تتفق والمقاربة الأردنية، فبينما يتعايش الأردن مع الحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين)، خلافاً لسلوك حلفائه (مصر والسعودية والإمارات) من محاربتها وإعلانها إرهابية".
ورغم ما سبق يرى الحمد أن "الأردن ليس معنياً بمأزومية حلفائه تجاه تركيا"، بل يعتقد أن ينعكس تحسن العلاقات الأردنية-التركية إلى تحسين علاقة حلفاء الأردن مع تركيا.