06 نوفمبر 2024
لغز الفجيرة
في ظل شحّ المعلومات وتضاربها، من الصعب معرفة تفاصيل الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط الأربع في ميناء الفجيرة الأحد الماضي، أو من يقف وراءها، لكن اللافت أن أسواق النفط تجاهلت الحادث تماما، فلم نشهد حالة ذعر، ولا حتى ارتفاعا محدودا في الأسعار، كما يحصل عادة في مثل هذه الظروف، إذ بقيت أسعار النفط حول 70 دولارا للبرميل، على الرغم من استمرار ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة، بالتوازي مع استمرار واشنطن في تعزيز وجودها العسكري فيها. وواقع الحال أن الهجمات، وإن تبرّأت إيران منها، كانت تهدف إلى تحقيق أمرين رئيسين. الأول رفع أسعار النفط، على اعتبار أن ذلك يمكن أن يدفع الرئيس ترامب إلى التراجع عن العقوبات الصارمة التي فرضها على قطاع النفط الإيراني، وردعه أيضا عن القيام بعمل عسكري ضد إيران، لأن ارتفاع الأسعار يؤذي قاعدة دعمه في سنة انتخابية صعبة. والهدف الآخر تأكيد ما درجت إيران على التهديد به أنها إذا مُنعت من تصدير نفطها، فإن الآخرين لن يتمكنوا من تصدير نفطهم أيضا، حتى من منصات تحميلٍ تقع بعيدا عن مضيق هرمز، كما الفجيرة.
وكانت الإمارات قد أنشأت، خلال الأعوام القليلة الماضية، ميناء لتصدير النفط في الفجيرة التي تقع على بعد 140 كم خارج مضيق هرمز على بحر عُمان، ناقلة بذلك محطات تصدير نفطها من داخل الخليج إلى خارجه. ولهذه الغاية، أنشأت أبو ظبي أنبوبا عملاقا لنقل النفط عبر جبال الحجر الوعرة بطول يصل إلى 386 كلم وبطاقة تصل إلى 1,5 مليون برميل يوميا، رابطة بذلك أكبر حقول النفط لديها، وهو حقل حبشان في أبو ظبي في ميناء الفجيرة، وهي الإمارة الوحيدة التي لها منفذ على المحيط، عبر بحر عُمان، لتجنب المرور بمضيق هرمز، فيما لو تم إغلاقه. استهداف ناقلات النفط قرب الفجيرة يعني أن أحدا لن يكون في منأى عن الضرر، حتى ولو تحرّر من عقدة هرمز.
على الطرف الآخر، تدل الهجمات على أن الأهداف التي سعت واشنطن إلى تحقيقها من تعزيز وجودها العسكري في المنطقة لم تتحقق أيضاً. فقد أرسلت واشنطن، التي لديها قواعد عسكرية تحيط بإيران من كل اتجاه تقريبا (أفغانستان، تركيا، العراق، سورية، الأردن، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، السعودية وعُمان)، حاملة طائرات "بو إس إس أبراهام لنكولن"، وإحدى أكبر بوارجها المحملة بصواريخ كروز المجنحة (البارجة أرلنغتون) وقاذفات قنابل استراتيجية (طراز بي 52) وبطاريات صواريخ باتريوت، لتحقيق هدفين رئيسين: الأول ردع إيران عن القيام بأي رد فعل على الإجراءات العقابية التي اتخذتها واشنطن ضدها، والتي يبدو أن تأثيرها سيكون مدمّرا على الاقتصاد الإيراني، حتى أن الرئيس روحاني حذّر مواطنيه من توقع أوضاع لا تقل سوءا عن ظروف الحرب العراقية - الإيرانية. والهدف الثاني إسناد الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية بضغوط عسكرية لدفع إيران إلى الاستسلام للشروط الأميركية، والعودة إلى طاولة المفاوضات، لمناقشة ثلاث قضايا جوهرية تشغل واشنطن، برنامجي إيران، النووي والصاروخي، ونفوذها الإقليمي.
حتى الآن، لا يبدو أن إيران أو الولايات المتحدة حققت أيا من أهدافها في هذه الجولة، فلا أسعار النفط ارتفعت، ولا تدفق النفط غير الإيراني من الخليج تأثر، ولا إيران أبدت استعدادا للتفاوض مع إدارة ترامب، ما يعني أننا سننتقل إلى مرحلة أعلى من الصراع، فالرئيس ترامب المهووس بإعادة انتخابه لن يقبل بفشل آخر في سياسته الخارجية (بعد كوريا الشمالية وفنزويلا)، خصوصا بعد الاستثمار الكبير الذي وضعه في الملف الإيراني. وإيران ليست في وارد أن تمنحه نصرا يمدد بقاءه في البيت الأبيض ولاية ثانية، تكون أقسى عليها من الأولى. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب لا يبدو راغبا في دخول حرب جديدة في المنطقة، وإيران تتجنّب الدخول في مواجهةٍ مع واشنطن، قد تتسع لتؤدي إلى إسقاط نظامها، إلا أن هذه الاعتبارات وحدها ليست كافيةً لمنع الانزلاق نحو مواجهة عسكرية تزداد احتمالاتها مع لعبة عض أصابع بدأت من الفجيرة.
وكانت الإمارات قد أنشأت، خلال الأعوام القليلة الماضية، ميناء لتصدير النفط في الفجيرة التي تقع على بعد 140 كم خارج مضيق هرمز على بحر عُمان، ناقلة بذلك محطات تصدير نفطها من داخل الخليج إلى خارجه. ولهذه الغاية، أنشأت أبو ظبي أنبوبا عملاقا لنقل النفط عبر جبال الحجر الوعرة بطول يصل إلى 386 كلم وبطاقة تصل إلى 1,5 مليون برميل يوميا، رابطة بذلك أكبر حقول النفط لديها، وهو حقل حبشان في أبو ظبي في ميناء الفجيرة، وهي الإمارة الوحيدة التي لها منفذ على المحيط، عبر بحر عُمان، لتجنب المرور بمضيق هرمز، فيما لو تم إغلاقه. استهداف ناقلات النفط قرب الفجيرة يعني أن أحدا لن يكون في منأى عن الضرر، حتى ولو تحرّر من عقدة هرمز.
على الطرف الآخر، تدل الهجمات على أن الأهداف التي سعت واشنطن إلى تحقيقها من تعزيز وجودها العسكري في المنطقة لم تتحقق أيضاً. فقد أرسلت واشنطن، التي لديها قواعد عسكرية تحيط بإيران من كل اتجاه تقريبا (أفغانستان، تركيا، العراق، سورية، الأردن، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات، السعودية وعُمان)، حاملة طائرات "بو إس إس أبراهام لنكولن"، وإحدى أكبر بوارجها المحملة بصواريخ كروز المجنحة (البارجة أرلنغتون) وقاذفات قنابل استراتيجية (طراز بي 52) وبطاريات صواريخ باتريوت، لتحقيق هدفين رئيسين: الأول ردع إيران عن القيام بأي رد فعل على الإجراءات العقابية التي اتخذتها واشنطن ضدها، والتي يبدو أن تأثيرها سيكون مدمّرا على الاقتصاد الإيراني، حتى أن الرئيس روحاني حذّر مواطنيه من توقع أوضاع لا تقل سوءا عن ظروف الحرب العراقية - الإيرانية. والهدف الثاني إسناد الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية بضغوط عسكرية لدفع إيران إلى الاستسلام للشروط الأميركية، والعودة إلى طاولة المفاوضات، لمناقشة ثلاث قضايا جوهرية تشغل واشنطن، برنامجي إيران، النووي والصاروخي، ونفوذها الإقليمي.
حتى الآن، لا يبدو أن إيران أو الولايات المتحدة حققت أيا من أهدافها في هذه الجولة، فلا أسعار النفط ارتفعت، ولا تدفق النفط غير الإيراني من الخليج تأثر، ولا إيران أبدت استعدادا للتفاوض مع إدارة ترامب، ما يعني أننا سننتقل إلى مرحلة أعلى من الصراع، فالرئيس ترامب المهووس بإعادة انتخابه لن يقبل بفشل آخر في سياسته الخارجية (بعد كوريا الشمالية وفنزويلا)، خصوصا بعد الاستثمار الكبير الذي وضعه في الملف الإيراني. وإيران ليست في وارد أن تمنحه نصرا يمدد بقاءه في البيت الأبيض ولاية ثانية، تكون أقسى عليها من الأولى. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب لا يبدو راغبا في دخول حرب جديدة في المنطقة، وإيران تتجنّب الدخول في مواجهةٍ مع واشنطن، قد تتسع لتؤدي إلى إسقاط نظامها، إلا أن هذه الاعتبارات وحدها ليست كافيةً لمنع الانزلاق نحو مواجهة عسكرية تزداد احتمالاتها مع لعبة عض أصابع بدأت من الفجيرة.