لغة الفلسطينيين تقاوم الاحتلال الإسرائيلي

15 فبراير 2015
ينادي بعضهم بإدخال اللهجة العامية إلى مناهج التدريس
+ الخط -
رغم ما يواجه الفلسطينيين من احتلال لأرضهم ومحاولة إسرائيل سرقة تراثهم تارةً، أو محاولة غزو فكرهم ولغتهم تارةً أخرى، إلا أنهم صامدون في وجه آلة الغزو الإسرائيلية، فتجد لهجاتهم تقترب إلى الفصحى في مرادفاتها التي يتحدثون بها.

ويتفق كثير من المراقبين اللغويين، أمثال الإعلامي والخبير اللغوي عارف حجاوي على أن اللغة العربية الفصحى المحكية لدى الفلسطينيين قد تأثرت، لكنها إحدى لهجات اللغة العربية الفصحى الأصيلة إذا ما تم تشكيلها، فيما يرى خبراء آخرون، كالمحاضر في جامعة الخليل والمختص في علم اللسانيات اللغوي هاني البطاط، أن اللغة المحكية لدى الفلسطينيين تبتعد عن الفصحى بنسبة أكثر من 50%.

كما يرى حجاوي أن الفلسطينيين لم يتأثروا كثيراً بفعل الاحتلال الإسرائيلي، إلا في بعض الكلمات التي دخلت العربية من العبرية لدى فلسطينيي الداخل المحتل، وهو ما أكده البطاط في حديثه إلى "العربي الجديد"، لكنه لفت أيضاً إلى أن كلمات من لغات أجنبية أخرى قد دخلت أراضي الضفة الغربية، خاصة منطقة رام الله، إما بسبب المغتربين من أهلها أو لوجود الأجانب فيها أو ربما لمحاولة بعضهم إظهار أنهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية معينة.

ويدعو البطاط الفلسطينيين إلى الحديث على الأقل بلغة متوسطة بين الفصحى والعامية، وهي ما تسمى باللغة البيضاء، فيما دعا إلى إعطاء اللغة أهمية من خلال التشجيع عليها ورسم سياسة لنشرها، مشيراً إلى أن بعض المسؤولين غير معنيين بذلك.



ورغم أن عمر الاحتلال الإسرائيلي قد شارف على أعتاب السبعين عاماً، ورغم انخراط الفلسطينيين في العمل أو التجارة في الداخل الفلسطيني أو قبل مجيء السلطة الفلسطينية إلى الضفة وغزة، إلا أن الفلسطينيين لم تذب لغتهم العربية الفصيحة أو العامية منها في لغة الاحتلال العبرية، وهو ما يؤكد رفض الفلسطينيين الاحتلال وتطبيع اللغة والثقافة معه.

ويرى البطاط أنه برغم ما حدث من حرب وغزو طاحن للفلسطينيين واستهدافهم، إلا أنهم صامدون في وجه كل التحديات، إذ لو أن ما حدث معهم في دولة عربية أخرى لذهب تراث تلك الدولة ولغتها، مشيراً إلى أنها قضية تتبع للشعوب وإدراكها ما يحيط بها من أخطار.

ويعتبر لغويون أن اللغة العربية الفصيحة على مفترق طرق في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، فالمستقبل إما أن يؤدي إلى التقارب نحو اللغة الفصيحة أو أن تشهد تلك اللغة تراجعاً وإقبالاً أكثر على العامية.

الإعلامي حجاوي قال لـ "العربي الجديد"، على هامش ندوة أقيمت في رام الله أخيراً، إن المشكلة بين الفصحى والعامية ستبقى قائمة، وهي ظاهرة موجودة في كل لغات العالم، إذ تفرز كل اللغات لهجات عامية، كما أن العامية وعدم تشكيل الكلمات وسقوط النحو عنها موجود منذ مئات القرون، فيما يرى وجوب تجاهل قواعد اللغة وعدم تعقيدها، والميل نحو ترسيخ اللغة الفصحى بالممارسة والتركيز على النص للنجاة بالفصحى.

ويُعدّ الجهل وقلة الاهتمام الرسمي باللغة الفصحى سبباً مهماً لتراجع فصاحتها، فيما يعتبر المعلم المثقف وصاحب الخبرة اللغوية ذا دور مهم في فصاحة اللغة بالتعليم، ويرى حجاوي أن اللغة يجب أن تحمل العلوم المختلفة باستثناء الرموز العلمية، إذ يشجع تدريس الطب وبقية العلوم الأخرى باللغة العربية.



ويزعم أصحاب كل لهجة، سواء فلسطينية أو على مستوى الدول العربية، بأن لهجتهم أقرب إلى الفصحى، رغم أنها جميعها مشتقة من اللغة الفصحى ويفهمها كل عربي مهما اختلفت لهجته، فيما لا يؤيد حجاوي النظريات القائلة بأن اللهجات هي لغات قائمة بذاتها.

وفي ما يتعلق باستخدامات اللغة لدى الإعلاميين، فإن حجاوي يعتبر أن اللغة الفصحى هي سلاح الإعلامي في مهنته، وعليه ألا ينزل إلى الساحة الإعلامية من دون هذا السلاح. ورغم أن اللغة الفصحى توحّد العرب، إلا أن بعضهم ينادي بإدخال اللهجات العامية إلى المناهج وإلى لغة الأدب، وربما لغة الإعلام.

وقد يستخدم بعض رواد الفيسبوك وبقية مواقع التواصل الاجتماعي الحرف اللاتيني في كتاباتهم للتواصل في ما بينهم، وهو ما يرفضه حجاوي؛ لأن الحرف العربي مطواع يستوعب اللغات الأخرى، وهي لغة توحّد العرب على عكس بعض الشعوب الأخرى التي تتعدد لغاتها كثيراً.
المساهمون