لغة "السيلفي" و"إلغاء الإعجاب".. القواميس العالمية تنتعش من الإنترنت

13 اغسطس 2017
(Nick Shepherd)
+ الخط -

تسعى كبريات القواميس في جميع اللغات لإصدار طبعات جديدة كل سنة تقريبًا، وتعرف هذه الطبعات في كل مرّة مراجعات وإضافة كلمات جديدة. في عصر الإنترنت، ومع انتشار ظواهر جديدة كل سنة ومصطلحات تقنية أو وصفية عبر الإنترنت، لا يُمكن أن تتجاهل القواميس هذا الانتشار، وهو ما يدفع -منذ سنوات- إلى إدراج مفردات إنكليزية في قواميس عالمية على غرار "To googlise" والتي تعني البحث باستخدام محرّك البحث غوغل، و"Totweet" وتعني نشر تغريدة على تويتر، وغيرها من الأسماء للتكيّف مع هذه الظواهر. وفي هذا الصدد، سنستعرض عدة كلمات يُمكن أن تثير استغرابنا.

تعتبر اللغة الإنكليزية الأكثر عرضة للظاهرة، لأن غالبية الظواهر بالإنترنت تصدر عن بلدان أنكلوسكسونية، ثم يتمّ تصدير مفرداتها إلى كافة اللغات الأخرى. في سنة 2013، أدرج قاموس اللغة الإنكليزية أكسفورد المعنى الحديث للفعل (unlike)، ويعني نزع الإعجاب عن منشور أو صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما فيسبوك. وفي السنة نفسها، أضاف القاموس نفسه المصطلح الذي صار استخدامه عالميًا في جميع اللغات سالفي (Selfie)، للتدليل على الصور التي يلتقطها الأشخاص لذاتهم بأنفسهم، لاسيما بالهواتف النقّالة.

وفي 2015، أضاف قاموس اللغة الإنكليزية كامبريدج المصطلح (Troll)؛ ويعني شخصًا يسعى للظهور في الإنترنت عن طريق الاستفزاز وإثارة الجدال دون أية حجج منطقية بهدف المزاح لا غير والتهكّم على المستخدمين الآخرين. وعلى سبيل التندّر، حيث راجت منشورات بعد فوز الرئيس الأميركي ترامب بالرئاسة، بأنه انتصار لفئة "الترول"، وأنه أكبر "ترول" عرفته شبكات التواصل الاجتماعي بسبب تغريداته الاستفزازية التي اشتهر بها.

اللغة الفرنسية من جانبها، بالإضافة إلى إدراج كافة المصطلحات الآتية من اللغة الإنكليزية تقريبًا على غرار "هاشتاغ" و "يوتيوبر"، تميّزت بمصطلحات لا يُمكن إلا أن نتوقّف عندها. ولعل أبرزها يتمثل بإضافة قاموس "لوروبير" في سنة 2013، للفعل زلاتاني (Zlataner) نسبة إلى اسم اللاعب السويدي الشهير زلاتان أبراهيموفيتش. ويعني التصرّف بكيفية تشبه زلاتان بكثير من العجرفة والثقّة في النفس والهيمنة على المنافس وسحقه. ليكون أوّل لاعب كرة قدم يكون له فعل مشتق من اسمه.

في 2017، أضاف قاموس "لاروس" للغة الفرنسية كلمة (زاديست- ZADISTE)، وزاد تمثل اختصارًا لعبارة "منطقة للدفاع عنها". حيث يقوم نشطاء حماية البيئة بالتخييم في منطقة معينة لمنع السلطات أو الشركات من مباشرة أي مشروع فيها. كما أدرج القاموس نفسه مصطلح التنقّل المشترك في السيارة (covoiturage). ويعني تشارك أشخاص لا يتعارفون بينهم في السفر في السيارة من أجل تقاسم التكاليف، ويتمّ التلاقي بينهم عن طريق تطبيقات هواتف نقالة أو مواقع إنترنت.

فيما يخصّ اللغة العربية، فإنها تتميّز بصمود مجامع اللغة العربية أمام هذه الظواهر، وكذا الهيئات التي تصدر القواميس حيث ترفض هذه الأخيرة إدراج هذه المفردات في القواميس، وقد يستلزم الأمر سنوات قبل إجراء ذلك. ولذا لا نجد في معجمات "الوسيط" و"الرائد" و"لسان العرب" أيًا من هذه المفردات. لاسيما إذا ما أضفنا عامل أن بعضها لم يصدر طبعة محدثة منذ التسعينيات.

ولكن لا يمكن القول إن العربية قد نجت من هذه الظاهرة، مع ذلك، فالاستخدام العملي تبنّى بشكل واسع هذه المفردات الحديثة المرتبطة بتقنيات الاتصال الحديثة. وقد صارت واسعة الانتشار وحتى الجامعات تبنّت هذه المصطلحات الصادرة في أغلبها باللغة الإنكليزية بعد تعريبها. لم يمنع إذن هذا الجمود في غالبية الحالات من تجاوز القواميس والاستعمال المكثف لهذه المصطلحات حتى بين النخبة وفي اللغة الفصحى.

وقد تميّزت اللغة العربية برواج مصطلحات خاصّة بسياقات عربية على غرار "داعشي" و"تدعشن" نسبة إلى تنظيم "داعش" وكلمة "صنصرة" المشتقّة من الكلمة الفرنسية (censure) والتي تعني الرقابة على النشر والمطبوعات وسحبها. وكذا استعمال مصطلحات مشتقّة من الحروف الأولى، على غرار "غافا" الذي يعتبر اشتقاقًا من تسميات أكبر أربع شركات تهيمن على قطاع تقنيات الاتصال الحديثة غوغل و آبل و فايسبوك و آمازون.

نستشف مما سبق أن مواقع التواصل الاجتماعي تساهم كثيرًا في هذا الرواج، كما أن للصحافيين دورًا كبيرًا في هذا التعميم بين المستخدمين. في النهاية، يمكن أن نقول إن مختصّي اللغة والمجامع التي تُصدر القواميس تضطر لإدراج هذه التعديلات على مضض تحت وطأة انتشارها الواسع، فالمستخدمون في تعاملهم عبر الإنترنت في حياتهم اليومية، وحتى في مراسلاتهم الرسمية، والصحافيون في مقالاتهم لا ينتظرون موافقة مختصّي اللغة لاستعمال هذه التعابير الجديدة.

المساهمون