لعبة الحرب في اليمن

04 أكتوبر 2018
+ الخط -
ما من حرب تدق طبولها في اليمن، إلا وتكون مصدر ثراء للكبار، وجحيماً على الشعب، إذ كلما اشتدت الكوارث، كان لها فائدة لتجار الحروب والانتهازيين، حيث يصير الدم اليمني مفتاح تربّح وصعود لهؤلاء، في غياب قوى تكبح هوس إجرام دموي سلطوي متجذر منذ أمد بعيد.
لا صوت يعلو فوق صوت طغاة السلطة في اليمن، ولا أفق يلوح في سمائه، يضع حداً لحالة حرب دامية، وقودها شعب عربي، شعب عانى ويلات وأزمات كثيرة مستمرة عقودا، بفعل سياسة استبدادية لحكام مستبدّون، أحكموا قبضتهم على شعب لا يزال يبحث عن سبل النجاة بحياة كريمة على أرضه الغنية بالثروات المختلفة، والتي تكفي الشعب اليمني، لو أحسنت إدارتها وتوقفت هذه الحرب المجنونة.
ليس هناك ما يدعو إلى التفاخر به في اليمن اليوم، سوى مروءة الإنسان اليمني، المتلاحم شعبياً إزاء ما يتعرّض له البلد، من متاجرة بدمائه من الممسكين بالقرار الفوقي للدولة الذين يربحون في الحالين: الحرب والسلم.
كلما بدأ يرتفع صوت العقل، لإنهاء مأساة اليمنيين، توّسّعت رقعة اللهب، فيما يؤكد وجود نزعة شيطانية، تصب من الخلف مزيداً من الزيت، على نار وقودها الإنسان والشجر والحيوان والبيئة ومستقبل الوطن برمته، على حد سواء.
لا يمكن بأي حال، أن نعيد أحد سبب اشتعال الحرب العبثية في اليمن، إلى ما يسمّى العدوان السعودي، فقط، بل تتجلى الحقيقة في أنّ هناك أيضا عدوانا داخليا هو من جلب إلى اليمن عدواناً خليجياً، ولا يمكن التسليم بانتهاء هذه الحرب اللعينة، إذا ما توقف العدوان السعودي، فشبح العدوان الداخلي أشدّ إجراماً بحق هذ الشعب، فنحن أمام إجرام، كان، ولا يزال، وسيظل، ماركة قوى الداخل.
ولنفترض أنّ السعودية والإمارات توقفتا عن تحريك إمكاناتهما العسكرية، فهل يعني ذلك انتهاءً لتحريك دورة الحرب، حرب بات الإنقلابيون يحاولون تكريس أسبابها إلى تدخل "التحالف العربي"، سبيلاً منهم إلى محاولة فرض خدعتها على الشعب اليمني الذي يعي كثيراً حقيقة أعدائه الحقيقيين، من دون أن يعني هذا تبرئة العدوان السعودي الإماراتي مما يحصل في اليمن.
راهنت السعودية على إجهاض "الثورة" بتحريك أدواتها في الداخل اليمني، وبدأت تتحرّك على أنّها صديق يسعى إلى تجنيب اليمنيين الاقتتال عبر صياغة المبادرة الخليجية التي تمخضت عن "مؤتمر الحوار الوطني"، في خطوة أولى لزحزحة أقدام شباب الثورة من الساحات، وقد نجحت تدريجياً، في إظهار روح ملائكية، تجاة تجنيب اليمن، آنذاك، ويلات الاقتتال، فيما ظلّت تضمر عداءً خفيا، هو امتداد لسنوات تاريخ إعاقتها النهوض بمستوى اليمن، عبر دعمها كبار مشائخ القبائل اليمنية بملايين الريالات السعودية، لتحريكهم وقت ما اقتضت الضرورة لردع أي تمرد يهدّد وصايتها.
تكشف سيناريوهات المؤامرة عن نفسها بنفسها، في استخدام السعودية ثلاثة أجنحة لتدمير اليمن، لإبقائه معاقا. ومن هذه الأجنحة، النظام السابق الذي استطاع تحريك مليشيات الحوثي لتصفية الحسابات مع القوى التي خرجت لإطاحة المخلوع علي عبد الله صالح، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، مع أن حزب الإصلاح، هو الآخر، ظلّ زعيم جناحه المسلح، الجنرال علي محسن الأحمر، أحد أبرز ثاني أدوات السعودية. بالتالي ، يبقى حزب الإصلاح أحد أدوات الخارج لبقاء اليمن في حالة حرب، ولن يجد الإصلاح نفسه مستفيداً إذا ما كان خارج لعبة الحرب.
صحيح أن لإيران دورا كبيرا في الحرب في اليمن، وهذا لا ينكره عاقل، لكن ليس بالقدر الذي يتم استهلاكه سياسيا وإعلاميا. وأجزم أن السعودية لن تسمح بإقامة دولة شيعية في اليمن، على غرار حزب الله اللبناني، حتى لو كلفها ذلك الكثير.
CC0DC3C8-4680-47DD-A1E2-F3B4DFCE532B
CC0DC3C8-4680-47DD-A1E2-F3B4DFCE532B
محمد الصهباني (اليمن)
محمد الصهباني (اليمن)