كشفت مصادر دبلوماسية، مصرية وسودانية، عن تطورات جديدة بشأن ملف حلايب وشلاتين المتنازع عليهما بين القاهرة والخرطوم. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الملف، الذي ظل لفترة طويلة عائقاً أمام تطور العلاقات بين البلدين بشكل إيجابي، شهد أخيراً أطروحات، لقيت قبولاً واسعاً لدى السودان، موضحة أن الفترة الماضية شهدت تطورات إيجابية، رأت فيها الخرطوم احتراماً وتقديراً من الجانب المصري بشأن ذلك الملف.
وأشارت المصادر السودانية إلى أن الآليات الجديدة المقترحة تسمح للخرطوم بالتشارك في إدارة تلك المنطقة، والاستفادة من خيراتها، فيما قالت المصادر المصرية، التي تواصلت "العربي الجديد" معها، إن اتصالات على أعلى مستوى جرت خلال الشهور الثلاثة الماضية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، تبعها انتقال الملف إلى لجنة عليا سداسية، تضم وزراء الدفاع والخارجية ورئيسي جهازي الاستخبارات في البلدين. وأوضحت المصادر أن تلك اللجنة ناقشت العديد من الأطروحات الخاصة بإدارة المثلث الحدودي المتنازع عليه بين البلدين، في إطار من التشاركية والتنسيق المتبادل. وأوضحت أن وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، بحث مع نظيره السوداني، عوض محمد بن عوف، مجموعة من الإجراءات الخاصة بإدارة الحدود المشتركة وتأمينها، والتي انتهت بالاتفاق على تشكيل قوة مشتركة من الجانبين لتأمين المنطقة الحدودية بالكامل، وكذلك نشر ضباط اتصال من الاستخبارات لنفس الغرض، وتسهيل العمليات المشتركة بين الجانبين. وكشفت المصادر أنه تم الاتفاق على أن ترجع التبعية الإدارية لتلك المناطق في الجانبين إلى وزيري الدفاع في البلدين، ويكونا هما المختصين دون غيرهما بالتصديق على القرارات المتعلقة بها، في كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.
ورصدت الحكومة المصرية أخيراً نحو 300 مليون جنيه (نحو 17 مليون دولار)، في إطار خطتها لتنمية وخدمة هذه المناطق، عبر تنفيذ مجموعة من الاستثمارات، غالبيتها في مجال الطاقة، وكذلك تنمية جنوب مصر، وتطوير البنية التحتية للاستثمار، وتشجيع صغار المستثمرين على ضخّ الأموال التي تسهم في تشغيل العمالة المحلية. وتطالب الخرطوم القاهرة بحقوقها في تلك المنطقة منذ العام 1958، فيما تقول القاهرة إنها أراضٍ مصرية. ورفضت مصر في العام 2016 طلباً من الخرطوم لبدء مفاوضات لتحديد الأحقية في السيادة على المثلث، أو السعي إلى التحكيم الدولي. وأعلن وزير الإعلام والاتصالات السوداني، بشار جمعة، في لقاء تلفزيوني خلال زيارته للقاهرة أخيراً، أن التناول الرسمي للجانبين المصري والسوداني، لقضية حلايب وشلاتين انتهى إلى التوافق على حلها، وذلك وفقاً لمنهجية وأطر معروفة، مضيفاً أن هناك لجاناً خاصة تعمل في هذا الإطار. وأوضح وزير الإعلام السوداني أنه تم فصل هذه القضية بعيداً عن التداول الإعلامي، لتتناولها الدولتان في إطار سياسي ودبلوماسي، معتبراً أن لهذه القضية عددا من الأبعاد، ومن الممكن حلها بقدر من التفاوض والحوار بين الطرفين، المصري والسوداني.
ويجدد السودان سنوياً شكواه في مجلس الأمن بشأن مثلث حلايب وشلاتين منذ العام 1958، ويقابلها الجانب المصري برفض التفاوض أو التحكيم الدولي بشأن المثلث الحدودي. وتتهم الحكومة السودانية، في شكواها إلى مجلس الأمن، الحكومة المصرية بالمضي قدماً في خططها الهادفة للاستحواذ على منطقة حلايب المتنازع عليها، مشددة على أن "حلايب أرض سودانية". وأكدت القاهرة أن منطقة حلايب مصرية، موضحة أن "حلايب وشلاتين أرض مصرية وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية". واتخذت مصر، نهاية العام الماضي، عدة إجراءات بخصوص المنطقة المتنازع عليها، من بينها الإعلان عن بناء 100 منزل بحلايب، وبث برنامج تلفزيوني وخطبة الجمعة من المنطقة المتنازع عليها، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في منطقة شلاتين. في المقابل، أعلن السودان عدم الاعتراف باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية الموقعة في العام 2016، والتي تنازلت القاهرة بمقتضاها عن جزيرتي تيران وصنافير للرياض، مرجعاً ذلك لمساسها بحق السودان في المثلث الحدودي، كونها اعترفت بحلايب ضمن الحدود المصرية.