لجنة تونسيّة للمساواة بين النساء والرجال في الإدارة

13 ابريل 2015
بعض الذهنيات تستضعف النساء (فرانس برس)
+ الخط -
التونسيات شاركن في حركة التحرير الوطني وفي مقاومة النظام الاستبدادي وفي مسار الانتقال الديمقراطي، وحصلن على جملة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، واقتحمن مختلف المجالات المهنية. وعلى الرغم من كل ذلك، لم تتحقق المساواة بعد ما بين النساء والرجال في البلاد.

تشير الإحصائيات الرسمية إلى أنّ 12% فقط من النساء ترأسن القائمات الانتخابية، على الرغم من أن أكثر من 50% من التونسيات شاركن في الانتخابات. كذلك، تضمّ الوزارة 28 وزيراً في مقابل ثلاث وزيرات فقط. وتترأس 2% فقط من النساء البلديات فيما تؤكد استطلاعات الرأي أنّ 66% من التونسيين يقبلون بأن تترأس المرأة البلدية. وفي إطار مشاركة المرأة الضعيف نفسه، فإن 20% فقط منهنّ معتمدات (يترأسن معتمديات).

وسعياً إلى تجسيد المبادئ الدستورية المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، ما بين النساء والرجال، في التمتع بالحقوق وممارستها، ومن أجل تحقيق المناصفة في المجالس المحلية المنتخبة، أعلن رسمياً عن إنشاء لجنة وطنية في تونس لدعم المساواة بين النساء والرجال في إدارة الشؤون المحلية، برعاية وزارة المرأة والأسرة والطفولة، وبمشاركة هيئات حكومية وجمعيات ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء.

وتأتي هذه اللجنة في ظل وعي حول الإمكانات، التي تتيحها عادة مراحل الانتقال الديمقراطي الهادفة إلى تغيير الممارسات التمييزية ضدّ النساء وإلى تعزيز مشاركة النساء في إدارة الشأن المحلي.

وتوضح هنا وزيرة المرأة، سميرة مرعي فريعة، أن "حضور المرأة في المجال السياسي ضعيف"، لافتة إلى أن "في تونس والية أو محافِظة واحدة فقط، وثماني نساء كأعضاء في الحكومة. وهذه أرقام متواضعة جداً بالمقارنة مع الكفاءات الموجودة ومع مكانة المرأة في المجتمع". وتشدّد على "ضرورة أن تبلغ المرأة التونسية مواقع القرار، فالدستور الجديد يكرّس اللامركزية، كذلك فإن الحوكمة المحلية تقتضي المساواة ما بين الرجل والمرأة وتكريس تمثيل الأخيرة".

ولم تخفِ مرعي أن الطريق ما زال طويلاً وأن ثمة عملاً مهماً يجب إنجازه، لأن العراقيل المجتمعية موجودة. ففي بعض المحافظات التونسية قد يرفض الرجل أن تتولى المرأة شؤونه وأن تترأس بلدية أو مجلساً جهوياً. وتؤكد مرعي أنّ "إشراك المرأة في مواقع القرار أمر ممكن، خصوصاً وأنه كلما أتيحت للمرأة فرصة الحصول على منصب ما، فإنها تنجح عادة في مهمتها". وتتابع أن "مشاركة المرأة في مراكز القرار ترتب تغييرات إيجابية من خلال وضع سياسات محلية تكون أولويتها النهوض بقطاعات حيوية ذات علاقة مباشرة بتحسين حياة المواطن".

من جهتها، تقول المديرة العامة للمركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد، نائلة العكريمي، إنّ "اللجنة الوطنية لدعم المساواة بين النساء والرجال في إدارة الشؤون المحلية هي تتويج لعمل ميداني استمرّ لأشهر عدّة"، لافتة إلى أنّ "مشاركة المرأة في مواقع القرار ضعيفة جداً". وتوضح العكريمي أن هذه اللجنة "سوف تعمل على مناصرة المرأة ودعم دورها المؤسساتي، في حين تقبل تونس على انتخابات بلدية وعلى خطة تنموية جديدة. ولا يجوز وضع هذه الخطة بعيداً عن المرأة. فهي شريك أساسي وتملك طاقات كثيرة يجب استغلالها".

أما المديرة العامة لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (كريديف)، دلندة بوزقرو الأرقش، فتقول إنّ تونس تستعد للانتخابات البلدية والجهوية لكن حضور المرأة في مواقع القرار ما زال متواضعاً. وتشدد على أنّ "العمل في المستقبل يجب أن يركز على هدف بلوغ مبدأ المساواة، لا سيّما على المستوى المحلي. ومن هذا المنطلق، برزت فكرة إنشاء اللجنة". تضيف أنه "لا ديمقراطية محلية ولا حوكمة رشيدة من دون إشراك فعلي للمرأة والمناصفة. ومن دون حضور فعلي للمرأة في مواقع القرار المحلي كالمجالس الجهوية والبلديات، من غير الممكن ترجمة مخططات التنمية". أما الأسباب التي تحول دون مشاركة المرأة في مواقع القرار، فتشير الأرقش إلى أنها "عديدة ومنها الثقافية والاقتصادية" وتؤكد أنّ "بعض الذهنيات تستضعف النساء والفعل السياسي يُنسب عادة إلى الرجال". وتتابع أنّ "المستوى الثقافي وكذلك الاقتصادي في المحافظات الفقيرة يحرم النساء من المشاركة في صنع القرار".
المساهمون