كشفت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ"العربي الجديد"، أسلوب وإجراءات عمل اللجنة التي شكلها الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بهدف فحص ملفات الشباب المعتقلين في قضايا تظاهر ونشر ورأي ومراجعة أوضاعهم، مؤكدة أن "الرأي الأول والأخير في الإفراج عنهم في هذه القضايا، يعود إلى الأجهزة الأمنية ممثلة في الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) والأمن العام والاستخبارات العامة، وأن سلطة أعضاء اللجنة الخماسية تقتصر فقط على تلقي قوائم الأسماء المرشحة للخروج وتقديمها إلى الأجهزة الأمنية".
في هذا السياق، أوضحت المصادر أن "هناك خلافات تسيطر على عمل اللجنة بسبب رغبة رئيسها أسامة الغزالي حرب، وممثل المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبدالعزيز، في إخراج عدد كبير من الشباب المعتقلين ومنهم علاء عبدالفتاح وأحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل، وباقي المحكوم عليهم في قضية تظاهرات مجلس الشورى، التي وقعت أواخر عام 2013، وحوكم فيها المتهمون بتهمة مخالفة قانون التجمهر الساري، حتى الآن، على الرغم من تطبيق قانون التظاهر منذ نحو ثلاث سنوات".
وأضافت المصادر أن "هناك أغلبية داخل اللجنة تتمثل في ممثلة المجلس القومي للمرأة، نشوى الحوفي، والنائب طارق الخولي والناشط كريم السقا، تميل إلى تطبيق النصائح الأمنية بحذافيرها، وتفويض الأجهزة الأمنية في الموافقة على الإفراج عن المعتقلين من عدمه، من دون الدخول في صدام مع الأجهزة". وأشارت إلى أن "رأي الأغلبية مدعوم بقوة من الدائرة الاستخباراتية - الرقابية التي شكلها السيسي لإدارة المشهد السياسي في البلاد، بإدارة مدير مكتبه عباس كامل".
وذكرت المصادر أنه "حتى هذه اللحظة لم تستقر الرئاسة على شكل قانوني للإفراج عن المعتقلين على ذمة قضايا، بسبب تحذير بعض الدوائر المقربة من السلطة من إصدار قانون للعفو الشامل عن بعض أنواع الجرائم الخاصة بالتجمهر والتظاهر من جهة، وبسبب إمكانية سريان هذا القانون على المعتقلين من جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى من جهة أخرى. وهو ما يرفضه السيسي تماماً، خصوصاً أن صدور قانون العفو الشامل سيفتح باباً أمام المعتقلين غير المرغوب في خروجهم، لتقديم طعون لإلزام السيسي أو النائب العام بتطبيق العفو عليهم".
وبررت المصادر قرار السيسي توسيع عمل اللجنة ليشمل السجناء المحكوم عليهم في قضايا جنائية، بسبب هذا العائق القانوني، ما سيمكنه توسيع العمل لاختيار ما يشاء من المحكومين، بغية إصدار قرار جمهوري بالعفو عن أسماء بعينها. وهو ما يدخل ضمن صلاحياته الدستورية التي لا يمكن منازعته فيها، وبالتالي فلن يكون الباب مفتوحاً أمام تقديم طعون من بعض المعتقلين ليسري العفو عليهم أيضاً.
وأوردت المصادر سبباً آخر لقرار السيسي، وهو رغبته في التريث في تنفيذ توصيات اللجنة حتى يتم أخذ الموافقات الأمنية اللازمة من جميع الأجهزة قبل العفو أو الإفراج عن أي شخص، لافتة إلى أن "أي شخص ستعترض على خروجه جهة واحدة، لن يخرج".
وعن طريقة مراجعة الأجهزة الأمنية للأسماء المقترحة، ذكرت المصادر أنه "لن يخرج أي سجين لديه ملف بالأمن الوطني، يوضح أنه ينتمي سياسياً لجماعة الإخوان، منذ ما قبل ثورة 2011، أو التيارات الإسلامية الأخرى، أو شارك في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، أو أنه مارس الشغب خلال فترة سجنه. وستكون الأولوية فقط للشباب الذين ليست لهم ملفات، أو الذين انضموا إلى تظاهرات الجماعة بعد 2013، وكذلك من ينتمون لحركات سياسية صغيرة أو يسارية".
وشددت المصادر أيضاً على "أنه تم استبعاد جميع السجناء والمحكومين على ذمة قضايا عسكرية، طالما تم التصديق على أحكام إدانتهم". وهو ما يعني بالضرورة، بحسب مراقبين حقوقيين، أن مساحة اختيار المفرج عنهم ستكون ضئيلة للغاية، ولا توازي الترويج الإعلامي "المبالغ فيه" لمبادرة السيسي التي أطلقها في مؤتمر الشباب الأخير بشرم الشيخ.
يذكر أن عضوة اللجنة نشوى الحوفي، أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، بعد إعلانها عدم ورود علاء عبدالفتاح وأحمد دومة وأحمد ماهر في قائمة العفو، وذكرها أن "هناك رفضاً داخل اللجنة لوجودها، وأنها تقف حائلاً دون اختيار أسماء شاركت في أحداث عنف وإرهاب".