لبنان: فرنجية يواجه عون واستكمال كسر ثنائية آذار

25 مارس 2016
فرنجية يعبر عن تشبثه بالترشح للرئاسة (فرانس برس)
+ الخط -

صعّد حليف النظام السوري و"حزب الله"، رئيس "تيار المردة"، النائب سليمان فرنجية، موقفه تجاه حليفه المفترض رئيس تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب ميشال عون، مشيراً إلى أنّ لجوء الأخير إلى الشارع، للضغط لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيقابله بالنزول إلى مجلس النواب في جلسة الانتخاب المقبلة.

وأكد فرنجية أن "حزب الله لم يطلب مني لا الاستمرار في الترشح ولا الانسحاب لمصلحة عون، لكن حتى لو طلب الحزب مني هذا الأمر، فأنا لن أقدم عليه ولن ألغي نفسي".

ويمتنع رئيس "تيار المردة" عن حضور جلسات انتخاب الرئيس، انسجاماً مع مقاطعة "حزب الله" وعون للجلسات، في محاولة لفرض عون رئيساً، على الرغم من دعم زعيم "تيار المستقبل"، سعد الحريري، ترشيحه.

ونقل زوّار فرنجية عنه، لـ"العربي الجديد"، قوله إن "عون يأخذ "فريق 8 آذار" والبلد إلى المجهول"، وهو تعبير عن الكلام الملطّف الذي جاء على لسانه علناً، إذ أعرب عن خوفه "من أن يُقدم عون بنفسه على حرق فرصة إيصال مرشّح من "8 آذار" إلى الرئاسة".

اقرأ أيضاً لبنان:استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية وملء المشهد السياسي بـ"التشريع"

ويضع مطلّعون على أجواء فرنجية موقفه بعدم الرضوخ لمطلب "حزب الله" بـ"إلغاء نفسه"، في إطار "الرد الواضح على كلام داعمه الرئاسي سعد الحريري، بأنه مستمرّ في الترشّح، وقادر على الوقوف في وجه حلفائه وفرض مواقفه عليهم"، بعد أن قال الحريري، قبل أيام، إنّ فرنجية "سيّد نفسه، وقادر على المشاركة في الجلسات حين يرى ذلك مناسباً"، ليتماهى بذلك رئيس "تيار المردة" مع تعبير الحريري.

أما الموقف التصعيدي تجاه نيّة عون التحرّك في الشارع، مدعوماً من أنصار حليفه المسيحي الجديد - خصمه المسيحي التاريخي، رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، فيضعه المتابعون في إطار "مواجهة فرنجية محاولات عون وجعجع تصوير أنهما يمتلكان وحدهما الشعبية في الشارع المسيحي، من خلال إلغاء الأطراف الأخرى".

موقف فرنجية التصعيدي يجمعه مع باقي المكوّنات المسيحية، كـ"حزب الكتائب"، برئاسة النائب سامي الجميّل، والشخصيات المستقلة في "فريق 14 آذار"، كالوزير بطرس حرب، وبقايا البيوت التقليدية، أو الشخصيات السياسية المستقلة كرئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان.

من جهة أخرى، علّق نائب رئيس مجلس النواب السابق، مستشار عون، إيلي الفرزلي، على كلام فرنجية بتشديده على أن "مشاركة فرنجية في الجلسة أو عدم مشاركته سيّان، فإذا افترضنا أنه نزل، ومعه نواب كتلته وآخرون، فلن يتخطّى الحضور الثمانين نائباً، وبالتالي لن يؤثّر ذلك على المعادلة الانتخابية"، على اعتبار أنّ النصاب القانوني سيبقى معطلاً (ثلثا أعضاء المجلس، أي 84 نائباً من أصل 127، نظراً لشغور موقع النائب المتوفى ميشال حول).

اقرأ أيضا: الشغور الرئاسي اللبناني: "حزب الله" وعون يعطّلان الجلسة 37

ورغم كلام الفرزلي، فإن الأرقام تشير إلى واقع مختلف، إذ إنّ "قوى 14 آذار" يمكن أن تُنزل 81 نائباً إلى البرلمان، وبالتالي من شأن مشاركة فرنجية وكتلته، المؤلفة من ثلاثة نواب آخرين، أن تقلب الموازين وتنصّبه رئيساً للجمهورية عكس إرادة حلفائه.

ولا يضع مستشار عون مواقف رئيس "المردة" إلّا في خانة "ممارسة الضغوط للتخفيف من هامش المناورة نتيجة الاتفاقات الكبرى التي ستنعكس على الواقع اللبناني الداخلي". بالنسبة للفرزلي، وغيره من الشخصيات المستقلة المحسوبة على "فريق 8 آذار"، "التغييرات الحاصلة في المنطقة ستكون كبيرة، سياسياً وميدانياً، والبعض لن يقدر على الوقوف في وجهها"، لينقلوا، بذلك، المشهد السياسي اللبناني إلى أبعد من الساحة المحلية، مشيرين إلى أنّ التحالفات المستقبلية واضحة: مع "الإرهاب" أو مع مواجهته؟ مع التسويات في المنطقة أو مع مواجهتها؟ كأنّ انتصار النظام السوري في سورية، و"حزب الله" في لبنان، وإيران في المنطقة، مسألة وقت فقط، أو انتصارات تنتظر بعض التفاصيل للإعلان عنها.

ويعتقد متابعون أن هذه القراءة هي الدافع وراء استمرار تعطيل "حزب الله" وحليفه النائب عون للانتخابات الرئاسية، ووراء تعزيز الأزمة السياسية في لبنان، لكن الساحة اللبنانية تشهد تقلّبات معاكسة، تحديداً لجهة تفكيك منظومة المواجهة السابقة المتمثلة بثنائية "8 آذار" و"14 آذار".

 

وبعيداً عن الحسابات الانتخابية في البرلمان، وعن تعويل البعض على هذه التغييرات وغيرها، جاءت مواقف فرنجية لتكشف واقعاً سياسياً جديداً، يتمثّل بكسر ثنائية "8 آذار" و"14 آذار" بشكل فعلي، إذ بات، مع كل مناسبة سياسية، يتكرّس انفراط عقد التحالفين، وعودة كل حزب أو طرف إلى موقع الدفاع عن مصالحه السياسية أولاً، قبل الوقوف عند المصلحة المشتركة التي من المفترض أن تجمع الحلفاء.

 في 14 آذار، انفصل زعيم "المستقبل"، سعد الحريري، عن رئيس "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، نتيجة ترشيح فرنجية وعون. أما في 8 آذار، فإذا كان تحالف "حزب الله" وعون ثابتاً، فالحليف الأول للحزب رئيس البرلمان، نبيه بري، ماضٍ في خيار إسقاط حليف حليفه (أي عون) في الانتخابات الرئاسية ودعم فرنجية.

اقرأ أيضا: بان يدعو من بيروت إلى ملء موقع الرئاسة اللبنانية

المساهمون