لبنان عاجز عن حماية بيئته

27 يونيو 2015
تقضي الحرائق المفتعلة على الثروة الحرجية (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
كلما فُتح ملف بيئيّ ساخن في لبنان، يُطرح السؤال حول صلاحية قانون حماية البيئة. ولا تبدأ تلك الملفات بالنفايات على أنواعها خصوصاً الخطرة منها كتلك الطبية التي تُرمى عشوائياً وتلك السامة التي تُطمر، ولا تنتهي بالكسارات التي تنهش الجبال وتقضمها على الملأ من دون أي رادع ولا بالحرائق المفتعلة.

وعن سبب عرقلة تنفيذ القانون، يوضح الخبير البيئي الدكتور فريد شعبان لــ "العربي الجديد" أن "ثمة مراسيم تشريعية عديدة للحفاظ على البيئة، إلا أنها تبقى حبراً على ورق. وهي لا تنفّذ لأن الوضع العام في البلاد ينعكس سلباً حتى على البيئة". ويسأل: "كيف يُطبَّق قانون في ظلّ المحسوبيات ومحاولات الجهات المتضررة وضع العصي في الدواليب في كل مرة؟".

من جهته، يقول وزير البيئة محمد المشنوق في حديث إلى "العربي الجديد": "نحاول قدر المستطاع تنفيذ قانون حماية البيئة، ونعمد إلى ختم مشاريع بالشمع الأحمر في حال علمنا بالتجاوزات، فيما نحوّل بعضها إلى محاكم البيئة حتى ولو اعترض محافظ ما. نحن نسعى اليوم إلى تطبيق قانون حماية البيئة، غير أن المشكلة التي تعترضنا هي أن المسائل تستلزم وقتاً ليُبتّ فيها، من دون أن ننسى التدخلات السياسية والعراقيل المختلفة الأخرى. وعلى الرغم من ذلك نحاول تجاوزها، على أقل تقدير من أجل الحفاظ على ما تبقى من بيئة في لبنان". يضيف: "أستغرب كيف لا يتحرك الناس وبعض الجمعيات البيئة مع وجود 760 مكباً عشوائياً للردميات ومع تلوّث البيئة الممتدّ. هؤلاء يتحركون فقط من أجل مطمر الناعمة".

ويخبر المشنوق الذي يهوى التصوير الفوتوغرافي في الطبيعة، أنه توجّه في يوم إلى موقع قريب من كسارات - متحفظاً عن ذكر اسم المكان -، فتفاجأ بالشاحنات التي ترمي الردميات في الوديان المحيطة من دون أي رادع. ويقول: "ما يحزنني هو أن هذه الشاحنات ترمي الردميات عشوائياً وعلناً غير آبهة بالقانون ولا بغير ذلك. هي مدعومة من قبل أطراف سياسية".

ويطالب بالتعاون مع وزارة البيئة، "فيكون المواطن اللبناني خفيراً لحماية بيئته من الموت المحتّم". ويشكو من "الحسّ البيئي والوعي الوطني شبه المفقودَين لدى معظم الناس. لذا فإن المطلوب هو الدعم المعنوي على أقل تقدير، لكي نحافظ على ما تبقى من بيئة لبنان".

ويسأل المشنوق: "ألا يكفي ما فعلته الكسارات في وجه لبنان الجمالي؟ أصبحت الجبال كالمريض المصاب بالجدري مليئة بالفجوات. ما من مكان إلا وطالته الحفريات".

وأمام العجز في تنفيذ قانون حماية البيئة، لا تنتهي الأسئلة. هل نستطيع القول جازمين بأن هذا القانون ولد ميتاً في ظل المحسوبيات السياسية؟ وما هو دور النيابة العامة البيئية؟ هل تساعد في ملاحقة المخالفين، أم أن المدعومين والمحميّين سياسياً يفلتون في حين تُحصر الملاحقة بفئات دون أخرى؟ إلى ذلك، كم من الحرائق افتعلت وتبقى الشكاوى ضد مجهول؟

قد لا يكون الأهمّ إقرار القانون، إنما التطبيق وتنفيذ الأحكام. ولا بد ّمن الإقرار بأن النيابة العامة البيئية تواجه المافيات وحيتان المال والسلطة، كما هي الحال بالنسبة إلى الكسارات على سبيل المثال لا الحصر.

إلى ذلك، لا ننسى مشروع مرسوم دراسة الأثر البيئي للمشاريع والذي يُعدّ مركزياً في حماية البيئة في لبنان. وكان من المفترض أن يصدر هذا المرسوم مباشرة بعد صدور قانون حماية البيئة رقم 444 في عام 2002، وذلك بناءً على تحديد مهام وزارة البيئة وتنظيمها وإلزامية إعداد دراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي تهدّد البيئة، بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو نشاطاتها.

في هذا السياق، يوضح رئيس لجنة البيئة النيابية مروان حمادة لـ "العربي الجديد": "نحن نسعى قدر المستطاع إلى دراسة المشاريع واقتراحات قوانين، وإلى إدخال بعض التعديلات في حال لزم الأمر وبالتنسيق مع المجتمع المدني عند الضرورة. وذلك بغية التوصّل إلى قوانين تحمي البيئة من دون أي شروط. إصدار القوانين مهمّ، لكن المتابعة والمساءلة أكثر أهميّة".

يضيف حمادة: "ما يهمني هو أن يستعيد لبنان عافيته لكي يتمكّن من ملاحقة المخالفين. يمكن القول إنه في ظل هذا الوضع المتردي الذي ينعكس علينا جميعاً بشكل سلبي، ثمة صعوبة في التصويت على قوانين وإصدارها. نحن نعاني اليوم من شلل في مؤسسات الدولة". ويشير إلى أنه "في النهاية نستطيع القول إننا نعمل باللحم الحي".

إقرأ أيضاً: مجاري لبنان توأم مياهه