شهدت فحوص كورونا التي أُجريت في عددٍ من المختبرات اللبنانية أخطاءً متكرّرة في النتائج أخيراً، إذ أظهرت إصابة مراجعين لدى فحصهم في مختبر، ثم عدم إصابتهم بعد إعادة الفحص في مختبر آخر في اليوم التالي
أحدثت الإصابات الأخيرة بفيروس كورونا الجديد في لبنان بلبلة كبيرة، خصوصاً أنّ من بينها إصابة النائب في البرلمان جورج عقيص الذي انتقلت إليه العدوى من مدير مكتب وزير الخارجية، الذي خالط بدوره كثيراً من الشخصيات السياسية والعامة والفعاليات الشعبية. لكنّ البلبلة لم تقتصر على الإصابات، بل على فحوص "بي سي آر" نفسها التي أثبتت إصابة عقيص في يوم، ثم نفتها في اليوم التالي.
لم يقتصر خطأ الفحص على حالة النائب جورج عقيص، بل شملت أيضاً مواطنين في بلدة قرطبا (جبيل، وسط) تبيّن خلوّهم لاحقاً من كورونا، بعدما أعلنت البلدية عزل البلدة إثر ارتفاع الإصابات فيها واتخاذ التدابير العاجلة للحدّ من انتشار الفيروس. كذلك، طاول الخطأ نتائج 14 عنصراً في جمعية الصليب الأحمر اللبناني، في زحلة (شرق) من أصل 17 عنصراً ثبتت إصابتهم فعلياً، بحسب مستشفى "زحلة الحكومي"، وقد سبق حجرهم في مكان واحد نتيجة الفحص الخاطئ، وفق ما أفاد عضو البرلمان عن المنطقة، ميشال ضاهر.
ونتيجة البلبلة التي حصلت في مستشفى "الرئيس الهراوي الحكومي" في زحلة، أفادت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" بأنّ تحقيقات فتحت في القضية بسبب النتائج المغلوطة والتداعيات النفسية الكبيرة التي ارتدّت سلباً على أهالي المنطقة والذعر الذي حصل، وأُوقف المسؤول عن مختبر فحص الـ"بي سي آر" في المستشفى، بناءً على إشارة النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، واستكمال التحقيقات لكشف ملابسات ما حصل.
بدورها، أصدرت إدارة المستشفى بياناً، أوضحت فيه ملابسات ما حصل، وقالت: "جرى مؤخراً تناقل أخبار كثيرة حول اختلاف في النتائج المخبرية لفحوص فيروس كورونا، بين المختبرات الطبية. يهمنا التوضيح أنّ مثل هذا الاختلاف ليس بالأمر المستغرب بالنسبة إلى المختبرات التي تعتمد تقنيات مختلفة في اختبار أيّ مادة كيميائية أو ميكروبات خاصة، وهذا الفحص له جوانب عديدة تتعلق بسحب العيّنة والمواد التحليلية والجهاز الذي يتم التحليل عليه. كما أن النتائج المعروفة بإيجابي خاطئ (false positive) مشهورة عالمياً"، وهي نتائج أولية يمكن أن تتغير. وأضافت: "بالتالي، فإنّ النتائج التي صدرت مؤخراً من قبل مختبر مستشفى الرئيس الياس الهراوي الحكومي كانت أولية وتتطلب إعادتها بعد 48 ساعة. وحرصاً على مصداقيتنا، وتفادياً لوقوع أيّ ضرر، تسعى الإدارة جاهدة مع الفريق المخبري إلى العمل للحدّ من صدور أيّ نتيجة غير صحيحة، وتأسف لما صدر في اليومين الماضيين وتتعهد بمعالجة أيّ خلل أو عطل يشوب الآلة أو العدة (Kit)". كذلك، أصدرت بياناً ثانياً، قالت فيه: "عطفاً على البيان السابق، تستنكر إدارة مستشفى الرئيس الياس الهراوي الحكومي في زحلة، ما آلت اليه الأمور في الأيام الماضية، خصوصاً التصاريح والمواقف المعلنة، وتتفهم الإدارة البلبلة والعتب اللذين أحدثتهما النتائج الصادرة، لكن لا تتفهم التعدي المتعمّد على مؤسسة رسمية تؤدي الخدمة العامة كانت وما زالت خط الدفاع الأول عن المنطقة وعن صحة المواطن منذ بدء جائحة كورونا". تابعت: "تستهجن إدارة المستشفى هذا التركيز والتعدي المعنوي على هذا الصرح الطبي، لذلك تعلن إدارة مستشفى الهراوي الحكومي وضع هذا الملف بعهدة وزارة الصحة العامة والقضاء المختص لتبيان كل الملابسات، مع التوقف عن العمل في مختبر كورونا وعدم إجراء فحوص بي سي آر، لمدة 72 ساعة".
وتعليقاً على الأخطاء المخبرية الأخيرة وتوقيف المسؤول عن مختبر المستشفى في زحلة المخصص لفحوص فيروس كورونا، الدكتور "ق. ي."، قال المدير العام لمستشفى "رفيق الحريري الجامعي" فراس الأبيض، في تغريدة على حسابه على "تويتر" إنّ "النتائج الإيجابية الخاطئة في الطبّ تحصل من حين الى آخر، وهي نتيجة خطأ بشري، وهذا يتطلب تحسيناً وتحقيقاً في النظام، وهو أمر نتفهمه، لكن أن يؤدي ذلك إلى اعتقال قبل انتهاء التحقيق، أمر مدهش".
ويشير مصدر في وزارة الصحة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الأخطاء المخبرية يمكن أن تحصل في حالات فيروس كورونا، ولا سيما في الأيام الخمسة الأولى من تعرّض المصاب للفيروس أو اعتقاده أنه يحمل كورونا، نتيجة عدوى انتقلت إليه أو مخالطته لشخص مصاب. من هنا تُطلب إعادة الفحص أو التمهّل قبل إجرائه، تفادياً لأيّ نتائج ضبابية، سواء أثبتت الإصابة أو عدم الإصابة، كما يقول، ويؤكد أنّ المطلوب في جميع الأحوال، الحجر المنزلي لمدة 14 يوماً قبل إجراء فحص "بي سي آر" آخر، مع عدم الاختلاط بأحدٍ.
في سياق آخر، توافرت معلومات لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي عن تزوير شخصين مجهولين تقارير لفحوص كورونا تثبت عدم الإصابة، من خلال تزوير الاسم وتاريخ الميلاد لأشخاص من دون أن يخضعوا لهذه الفحوص، وذلك مقابل مبالغ مالية، لكي يتمكن هؤلاء الأشخاص من مغادرة الأراضي اللبنانية. ونفّذت قوة من الشعبة عملية في محلة الحازمية (بعبدا، وسط)، نتج منها توقيف المشتبه فيهما.